سيناء.. «أرض الفيروز» التى ذكرها القرآن الكريم ووطأ أرضها عدد من الأنبياء.. تستغيث من الإهمال والتهميش بعد أن ظل النظام السابق يتعمد عن قصد التعامل باستعلاء مع أهلها من البدو الشرفاء الذين ضحوا مع أبناء الوطن بدمائهم لتطهير أرض سيناء من العدو الإسرائيلى.. «أكتوبر» تفتح حلقة مهمة فى مسلسل الإهمال فى مشروع تنمية شمال سيناء الذى يواجه عددا من الصعوبات آخرها وقف تزويد المزارعين بمياه ترعة السلام التى تواجه شبح النضوب نتيجة التصحر. حول الأزمة وتفاصيل مشروع تنمية شمال سيناء يقول السيد نصر - رئيس جمعية مصر المستدامة وحماية البيئة بسيناء - إن هدف هذا المشروع منذ عام 1994 هو إعادة رسم استراتيجية جديدة للتنمية فى سيناء بهدف تقوية وتدعيم سياسة مصر الزراعية بزيادة الرقعة الزراعية والإنتاج الزراعى والاستفادة من مياه الصرف الزراعى التى كانت تضيع فى البحر، كما أن هذا المشروع القومى سيعيد توزيع وتوطين السكان بصحراء مصر وربط سيناء بمنطقة شرق الدلتا وجعلها امتداداً طبيعياً للوادى واستغلال الطاقات البشرية فى التنمية. وأوضح أن أعضاء الجمعية تحدوا الصعاب وخلفهم طابور من الشباب المكافح فمهدوا الأرض التى كانت تحتاج إلى جهد كبير ثم بدأوا الزراعة منذ عام 1988 وحصدوا ثمرة جهدهم عبر هذه السنوات، ولكن قطع المياه عن ترعة السلام يهدد بنسف كل سنوات الكفاح. وأضاف المهندس عبدالسلام محسن: توجهت إلى سيناء بكل الحب عام 1988 واشتريت 20 فداناً وكنت أنا وأولادى وزوجتى نقوم برى الأرض بأن يحمل كل منا عمود خشبيا على أكتافنا ويتدلى من كل فرع جردل ممتلئ بالماء لنروى الأرض، كما أننا استخدمنا فى البداية «الطلمبة» لاستخراج المياه الجوفية لزراعة الزيتون والتين والرمان وكان اعتمادنا ومازال على المياه الجوفية، بينما الفواكه والموالح مثل (البرتقال والمانجو) تحتاج إلى مياه عذبة من ترعة السلام، وبعدما علمنا بتوقف مياه الترعة يدور بأذهاننا سؤال مهم: لماذا يريدون الخراب لهذه الأرض التى تحملنا مشقة وعناء زراعتها؟ والتى بذلنا فيها كل غال وثمين فى سبيل تمهيدها، وبعد أن تنتج يريدون لها البوار من أجل مصلحة من هذا الدمار؟! هناك بالفعل آياد تدمر التنمية بسيناء ومؤامرات ونحتاج إلى تفسير لها. وأوضح أن المشكلة الحقيقية فى ترعة السلام هى عدم وجود مياه بها وعدم زراعة جانبى الترعة، لذلك عندما تقوم الهيئة بعملية التطهير الدورية كل 4 شهور والتى يصرف عليها الملايين ولا تمتلئ الترعة بالمياه يحدث نوع من التصحر حيث تتحرك الرمال إلى داخل الترعة بفعل الرياح نتيجة لعدم وجود زراعة أشجار كمصدات على جانبى الترعة، لذلك تعود الرمال إلى داخل الترعة الخالية من المياه. تنمية أم خيال/U/ وأضاف صلاح سلام وادى- أحد أعضاء الجمعية - أن أغلب عمليات التطهير فى ترعة الشيخ جابر المتفرعة من ترعة السلام بلا جدوى بالنسبة لنا لأنه لا توجد بالفعل مياه فى الترعة تحميها من التصحر، بالإضافة إلى إهدار مبالغ كبيرة على عمليات التطهير عديمة الجدوى.. وطرح سلام سؤالا مهما هو: هل نريد بالفعل تنمية حقيقية لسيناء أم أن هذا كلام للاستهلاك المحلى وليس حقيقيا؟ وتساءل: هل هذا جزاؤنا لأننا عشقنا تراب هذه الأرض المقدسة التى ذكرت فى القرآن ووطأ أرضها أغلب الأنبياء. وأضاف: لا نريد قروضا من البنوك أو مرتبات أو تعيينات إننا نريد فقط من الدولة أن تفتح مياه ترعة الشيخ جابر المتفرعة من ترعة السلام من محطة الرفع رقم (5) فى بالوظة إلى بئر العبد وتقدر المسافة بنحو 48 كيلومترا وقد زرعت سابقا وأنتجت أفضل أنواع الخضار، مشيراً إلى أن المشكلة الحقيقية أن المسئولين جميعهم فى واد والمزارعين فى واد آخر، فهم لا يعرفون حجم المعاناة لأنهم بعيدون عن أرض الواقع. وواصل سلام كشف ملامح مأساة أغلب مزارعى سيناء قائلا: فرحنا بمشروع ترعة السلام لأن مياه النيل ستصل إلى سيناء الحبيبة وسوف نقوم بزراعة كل المحاصيل بالإضافة إلى تصديرها، وزارنا الرئيس السابق حسنى مبارك عام 2005 قبل البدء فى مشروع ترعة السلام وصرح فى مؤتمر شعبى بالمحطة الخامسة بأن كل مواطن يقوم باستصلاح الأرض وزراعتها سيمتلكها بدون شروط، فالمهم هو زراعة الأرض، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فقد فوجئنا عام 2007 بأن وزارة الرى أصدرت قرارات بإزالة كل الزراعات التى تمت قبل بدء العمل بترعة السلام لأن المسئولين فى هذه اللحظة أحسوا بأن الأرض سوف يزيد ثمنها لذلك أرادوا «تطفيشنا» لإحلال مزارعين بدلا منا من طرفهم، لكى يستفيدوا من ذلك، لذلك تعرضنا لمشاكل مع جهاز الموارد المائية الذى نطلق عليه جهاز «الموارد المالية» لأن كل ما يهمه هو تحصيل الغرامات من المزارعين بهدف طردنا من مشروعنا الذى بذلنا فيه كل غال وثمين، ولكننا لم نيأس وكنا نّصدر أجود أنواع الكنتالوب والطماطم والفلفل واليوسفى السيناوى الذى يسمى «الكلامينينا». ثم فوجئنا عام 2009 بأن وزير الرى السابق أغلق المحطة الخامسة التى تقوم بتوصيل المياه إلى منطقة رابعة وبئر العبد وبعد ذلك بدأت وزارة الرى بتحرير محاضر لاستخدام مياه الترعة وزراعة الأرض. تقنين الأوضاع/U/ ويؤكد أعضاء الجمعية أنه صدر قرار عام 1991 بتملك أهالى سيناء واضعى اليد مساحة 191 ألف فدان على مستوى محافظة سيناء قبل ترعة السلام مقابل 50 جنيها للفدان، لكن بعد البدء فى مشروع ترعة السلام تغيرت الأحوال وحتى الآن لا يريدون أن يقننوا أوضاعنا علما بأن لدينا الايصالات الدالة على تقديم مستنداتنا للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لتقنين أوضاعنا كواضعى يد بموجب قرارى رئيس مجلس الوزراء رقم 2014 لسنة 2006 ورقم 2843 لسنة 2009، بالإضافة إلى محاضر الغرامات من الجهاز التى تؤكد وضع اليد على تلك الأراضى التى أثمر بعضها ومات جزء آخر من جراء القرار الخاطئ لوزير الرى السابق بمنع المياه من محطة الرفع ببالوظة حتى بئر العبد بشمال سيناء وتسببت فى خسائر مادية ومعنوية فادحة للمزارعين ولمصر وللتنمية الزراعية. وعندما صدر قرار من مديرية الرى بشمال سيناء بتوصيل عدادات زراعية داخل زمام ترعة السلام وبناء على هذا القرار تقدمنا بطلبات لمديرية الرى بشمال سيناء بتوصيل العدادات، وأفاد المهندس المختص بأنه سوف يتوجه إلى هذه المناطق للمعاينة على الطبيعة ولكننا فوجئنا بعد ذلك بقوله: إنكم داخل زمام ترعة السلام التى لا توجد به مياه. واتساءل لماذا قبلت المديرية طلبات توصيل العدادات إن كان زمام الترعة بدون مياه، علما بأن سعر العداد وصل إلى 10 آلاف جنيه، وكانت تتم سرقة عدادات المنازل وتركيبها داخل المزارع. ويقترح أعضاء الجمعية بأن يكون مقر جهاز تنمية سيناء فى سيناء وليس فى القاهرة، حتى يكون معايشا للواقع وحتى لا يكون المسئولون بعيدين كل البعد عن أرض الواقع ويعرفون المعاناة التى نعيش فيها ويقدمون لنا الحلول السريعة لتنمية سيناء تنمية حقيقية. وحمل أعضاء جميعة مصر المستدامة وحماية البيئة بسيناء مسئولية الأزمة إلى أعضاء جهاز الموارد المائية فى القنطرة شرق، لأنهم- حسب تعبير أعضاء الجمعية- يريدون أن «يطفشوا» المزارعين الجادين حتى يعاد بيع الأرض لمن يرغبون. وأضافوا: هل يعقل أن يحدث ذلك بعد أن عانينا لسنوات طويلة من الكفاح والمثابرة وتمهيد الأرض لزراعتها، وتحملنا المشقة والتعب والإجهاد وبذلنا كل ما نملك من دمائنا وعرقنا وأموالنا.. هل يمكن أن نترك هذه الأرض؟ بالطبع لا.. لذلك نحذر كل مسئول تسول له نفسه بالعبث أو الاستخفاف بنا علما بأننا الفئة الوحيدة التى لم نقطع طريقا أو نلجأ إلى العنف فى سبيل حل مشكلتنا، حيث رفضنا تحريض بعض موظفى الدولة بأن نقطع الطريق أو نشغل ماكينة لرفع عنوة أثناء الثورة، ولكننا أبينا لأننا نتعامل بالقانون. 20 مليون شجرة/U/ وواصل أعضاء الجمعية حديثهم: اقترحنا زارعة 20 مليون شجرة زيتون بسيناء بعد أن أضير كل زرعنا وسوف نبدأ بزراعة 24 شجرة زيتون بميدان التحرير بأسماء أوائل شهداء الثورة وفى وسط الميدان سنزرع شجرة باسم الفريق سعد الدين الشاذلى وهذا دليل على أننا دعاة بناء وليس هدما ودعاة سلام وتنمية فى أرض السلام. ونوجه رسالتنا لكل شباب مصر بأن أرض سيناء أجود الأراضى فهى أرض بكر إذا اتجهنا لزراعتها سوف نفتح مجالات للعمل والتصدير، بالإضافة إلى الاكتفاء الذاتى من المحاصيل مثل القمح والشعير والذرة فبدلا من زراعة أرض الغير لماذا لا نزرع سيناء وسيكون إنتاجنا من القمح، وفيرا وكافيا ولا نلجأ للاستيراد. ويقول أعضاء جمعية مصر للتنمية المستدامة وحماية البيئة بشمال سيناء: اجتمعنا مع د.سعد نصار رئيس مجلس التنمية المستدامة بسيناء أكثر من مرة بالقاهرة لنعرض عليه تصوراتنا ومقترحاتنا للمرحلة القادمة لدفع عجلة التنمية الزراعية بسيناء فى عدة مجالات ومن أهم هذه المقترحات سرعة فتح مياه الترعة وإدارة منظومة الإنتاج الزراعى الذى سيترتب عليه خلق فرص عمالة زراعية ومهنية ذات خبرة، كما أن أهالى سيناء سيكتسبون خبرة من أبناء الوادى فى الزراعة لأن سيناء أرض بكر، وسوف تكون ثمارها وإنتاجها الزراعى من أجود الأنواع وقد جربنا بالفعل الزراعة فى هذه المناطق فوجدنا المحصول لا يتعدى شهرين ويخرج من باطن الأرض. وأجمع أعضاء الجمعية على أنهم وضعوا تصور للدكتور سعد نصار عن كيفية مساعدة أبناء سيناء أصحاب تلك الأراضى، وهو أن نمنحهم حق التصرف فيها بطريقتهم الخاصة أى يبيعونها لمن يرغبون فى مجاوراتهم ومشاركتهم معيشتهم، حيث إن لهم طبيعة خاصة وبهذا نساعد على الاستقرار وعدم تفاقم المشاكل وننمى التفاهم بينهم مما يوفر الأمن والأمان للمواطنين وللدولة أيضا. ومن أهم الضوابط فى هذا البيع عدم البيع أو التنازل لغير المصرى، بالإضافة إلى عدم المغالاة فى سعر المتر. وفى الختام يناشد أهالى شمال سيناء من المزارعين ومستصلحى أراضى سيناء داخل زمام الترعة باسم جمعية مصر للتنمية المستدامة وحماية البيئة بسيناء برسالة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ود.عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بالتدخل وإعادة فتح مياه ترعة الشيخ جابر من محطة الرفع ببالوظة حتى بئر العبد وتوصيل التيار الكهربائى للمزارعين ومنازلهم لأن الكهرباء توفر الطاقة المولدة للماكينات وستساعد على المحافظة على البيئة من التلوث من عادم تشغيل ماكينات الرى التى يستخدم فيها الوقود والذى يؤدى إلى زيادة أسعار المنتج المزروع نتيجة للتكلفة العالية لاستخدام الوقود، كما أن الكهرباء تساعد أيضا فى استخراج المياه الجوفية اللازمة لبعض الزراعات وإعادة خطوط السكك الحديدية لنقل منتجات سيناء إلى الدلتا ولحماية المنتج من التلف نتيجة لانتظار ساعات للعبور بالمعدية، وذلك من أجل تنمية حقيقية لسيناء لزراعة أراضيها والاستفادة من خيراتها.