جاء رفض الكنائس المصرية والمفكرين الأقباط للدعاوى التى أطلقها البعض من أقباط المهجر بفرض الحماية الدولية على الأقباط داخل مصر تحت زعم اضطهادهم ليشكل صفعة على وجه قلة من أمثال موريس صادق الذين يريدون إشعال الوطن لحساب جهات أجنبية لزعزعة استقرار مصر. ووصل الأمر بصادق ورفاقه لأن يتقدموا بطلب للكونجرس الأمريكى والأمم المتحدة والفاتيكان لفرض الحماية الدولية على الأقباط فى مصر، ونسى هؤلاء أن المصريين جميعاً - مسلمين وأقباطاً - قد وقفوا طوال تاريخهم صفاً واحداً فى مواجهة القوى الخارجية والاستعمار الأجنبى فامتزجت دماؤهم جميعاً فداء لتراب هذا الوطن الذى ارتوى بدماء جميع المصريين لا فرق بين مسلم ومسيحى. الأغلبية الساحقة من الشرفاء من أقباط مصر أكدوا أن مشاكل الأقباط يجب أن يتم حلها داخلياً بسواعد مصرية وعلى أرض الوطن، مشددين على أن الكنيسة القبطية المصرية طوال تاريخها ترفض تماماً الحماية الدولية، وأن التدخلات الخارجية تزيد المشكلات الطائفية اشتعالا ولا تحلها، وأن هذه الدعاوى تقف وراءها جهات أجنبية تعمل على تنفيذ أجندات خاصة بها داخل مصر. مبدأ مرفوض فى البداية رفض المستشار نجيب جبرائيل تماماً أى شكل من أشكال الحماية الدولية على مصر، مشدداً على أن مصر دولة مستقلة ذات سيادة وكانت ومازالت دولة محورية كبيرة ولها ثقل دولى سواء كان إقليميا أو عالمياً. وأضاف جبرائيل أن الأقباط على مر العصور والكنيسة القبطية بوجه خاص رفضت دوماً ومطلقاً حتى فى أشد أزماتها أى نوع من الحماية لأننا كمصريين جميعاً فى قارب واحد، فمبدأ الحماية الدولية مرفوض تماماً وقد أكدت هذا الكلام فى قاعة مجلس الشيوخ الفرنسى خلال مؤتمر عقدته جمعية الصداقة المصرية الفرنسية تحت عنوان «مستقبل مصر بعد الثورة» وعقد فى فرنسا يوم 17 يونيو الماضى وكانت تحضره السيدة كاترين رئيس لجنة العلاقات المصرية الفرنسية بمجلس الشيوخ والسيدة كلوستونس عضو البرلمان الأوروبى وجمع كبير من الجالية المصرية فى باريس وأعلنت من منصة مجلس الشيوخ الفرنسى أننى أرفض تماماً مبدأ الحماية الدولية على مصر وحظى هذا الإعلان على تصفيق حاد من الفرنسيين والمصريين المهاجرين تأييداً لرفض مبدأ الحماية. وإذا كنا نعترف – والكلام مازال على لسان جبرائيل – بأن هناك مشاكل للأقباط فى مصر فإن حلها ليس فى الحماية الدولية، وأنا أجزم بأن حل مشاكل الأقباط لا يمكن أن يكون بأيدى الأقباط منفردين ولكن بالتعاون مع أخوتهم المسلمين ومن خلال إصدار قوانين تفرض فيها الدولة هيبتها وتمنع التمييز فلا يمكن أن ننكر أن مصر وهى عضو فى المجتمع الدولى وفى المجلس الدولى لحقوق الإنسان وقد وقعت على اتفاقيات أهمها احترام حقوق الأقليات الدينية والعرقية ومن ثم يتعين عليها تفعيل هذه الاتفاقيات مثل إصدار قانون دور العبادة الموحد، وقانون المعاقبة على العنف الطائفى، وقانون حظر التمييز على أساس الدين، وآخر يكفل العقيدة للكافة، وقد أرسلت مشروعات لهذه القوانين لمجلس الوزراء برئاسة الدكتور عصام شرف وكذلك للمجلس العسكرى وفى هذه القوانين حل لمشكلة الأقباط فى مصر. وأضاف جبرائيل أنه بجانب القوانين السابقة يجب تغيير منظومة التعليم والمناهج بما يدعم الوحدة الوطنية والمشترك بين الأديان ويحث على قبول الآخر، وكذلك للإعلام دور كبير فى نشر الفكر المعتدل وقيم التسامح وعلى المؤسستين الكبيرتين الأزهر والكنيسة دور مهم فى التعاون وتجديد الخطاب الدينى بما يدعم قيم الوسطية والاعتدال والتركيز المشترك واحترام التعددية واختلاف الرأى والبعد عن ازدراء الأديان وشدد جبرائيل على أن مشاكل الأقباط تحل داخلياً وليس خارجيا وعلى مائدة مصرية وبسواعد أبناء مصر جميعاً مسلمين ومسيحيين، مع الأخذ فى الاعتبار أن أقباط المهجر هم جزء من نسيج هذا الوطن يجب أن نحتضنهم ولا نترك الدخلاء ليجوروا على أفكارهم. وعما إذا كانت هناك جهات أجنبية وراء دعوات الحماية أجاب جبرائيل أننا بالفرقة التى تحدث بيننا أحياناً نعطى الفرصة لتلك الأيادى الأجنبية، فينبغى علينا ألا نسمح بحال من الأحوال لأية جهة أجنبيه أن تتدخل فى الشئون المصرية، ويكفى لمصر أن بها رجلين هما صمام الأمان للوحدة الوطنية وأقصد فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية. ووجه جبرائيل رسالة للقلة التى تطالب بالحماية الدولية قائلا لهم إننا كمصريين نستطيع أن نحمى أنفسنا جيداً ويجب أن تكونوا أنتم جزءاً مهماً من منظومة الحماية الداخلية لمصر وليس أى عوامل أو جهات خارجية. ووصف جبرائيل الداعين للحماية الدولية بأن لديهم حماسة زائدة ساعدها مناخ الحرية الذى يعيشون فيه فى الخارج، ورؤية خاطئة لمشاكل الأقباط مبنية على معلومات مغلوطة من وسائل الإعلام مضيفاً أنه يجب على أقباط الخارج أن يعلموا أننا فى مصر نطالب بأكثر مما يطالبون به هم فى الخارج، فنحن نقابل أعلى المستويات فى الدولة وقد سبق لى شخصياً أن التقيت بأعضاء فى المجلس العسكرى أكثر من مرة، وكذلك مع الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء واللواء منصور العيسوى وزير الداخلية، وأدعو أقباط الخارج أن يأتوا إلى مصر ويطرحوا مطالبهم داخل مصر وليس خارجها، وقد عرضت أثناء زيارتى لفرنسا على الأقباط هناك ترتيب مواعيد لهم مع كبار المسئولين المصريين لعرض المشكلات ورؤيتهم لحلها. السير ونجت من جهته أكد القمص صليب متى ساويرس الأمين العام لمركز السلام لحقوق الإنسان أن الكنيسة القبطية كنيسة وطنية بكل قيادتها وأبنائها سواء فى الداخل أو حتى أقباط المهجر فهؤلاء لهم انتماء كبير ويحبون بلادهم ويفرحون لتقدمها وينزعجون لما يحدث فيها من اضطرابات، ولكن هناك قلة منهم تحلق خارج السرب وهذه القلة لا تعبر إلا عن نفسها وعن المناخ الذين يعيشون فيه فى الخارج. وشدد القمص صليب على أن الكنيسة القبطية المصرية ترفض تماماً الاستقواء بالخارج. فإذا كانت هناك بعض التجاوزات ضد الاقباط فى الداخل فإن الكل يؤكد على أنه يجب أن يتم حل هذه المشكلات داخل مصر بأيد مصرية، مشيراً إلى أن تاريخ الكنيسة القبطية على مر العصور يؤكد وطنيتها وانتماءها لمصر ورفضها القاطع لأى حماية خارجية. ويحكى القمص صليب أنه فى أيام البابا بطرس الجاولى أوائل القرن ال 19 جاءه سفير قيصر روسيا يطلب فرض حماية القيصر على أقباط مصر، فنظر اليه البابا وسأله: هل مليككم يموت؟ فدهش السفير من هذا السؤال وأجاب بالطبع يموت شأن كل إنسان، فانبرى له البابا قائلاً بحدة: اسمع يا «مسيو» أنتم فى حماية ملك يموت ولكننا نحن الأقباط والمسلمين نعيش فى مصرنا فى حمايه ملك لا يموت هو الله، وتكررت القصة مع البابا كيرلس الخامس عندما جاءه السير ونجت يعرض عليه الحماية البريطانية فقال له البابا أنى أفضل أن يموت أولادى الأقباط بأيدى أخوتهم المسلمين على أن يعيشوا فى ظل المستعمرين، وفى عصرنا الحالى نجد قداسة البابا شنودة الثالث الرجل الوطنى الذى يعلمنا الوطنية والانتماء لمصرنا الحبيبة وهو صاحب المقولة التى يترنم بها كل مصرى أن مصر ليست وطناً نعيش فيه ولكنه وطن يعيش فينا ولذلك فالبابا شنودة ليس فقط بابا الاقباط بل بابا المصريين والعرب جميعاً، وهو الذى رفض الذهاب إلى القدس وكانت صيحته المشهورة لن اذهب للقدس إلا مع أخوتى المسلمين، هذه هى مصرنا الحبيبة.. مصر الوحدة الوطنية.. مصر الحب والسلام.. مصر التى يعيش فى ظلها المسلم والمسيحى تحت علم واحد وراية واحدة ومواطنة واحدة هى مصر وكلنا فى حماية الله الواحد وحمايه بعضنا البعض. وعما إذا كان وراء هذه المطالب المريبة أياد خارجية أكد صليب أنه بالنظر للتاريخ الذى ذكرته سابقاً فإن مصر دائماً كانت مستهدفة على مر العصور من الخارج والدليل على ذلك أنه عندما قام محمد على بنهضته تكالب عليه الغرب خوفاً من القوة المصرية الناشئة فكانت معركه نافارين فى القرن ال 18، ثم جاء الاستعمار البريطانى بعد ثورة عرابى ولكن فى ثورة 19 وقف المصريون جميعاً تحت شعار الهلال والصليب وانتصرت الإرادة المصرية بثورة 23 يوليو التى خاضت معارك كثيرة وانتصرت فى حرب 73 لتحرير سيناء، ثم جاءت ثورة 25 يناير التى تم فيها تحرير الإرادة المصرية فى ميدان التحرير ورأينا المسيحى يقوم بحراسة أخيه المسلم أثناء تأديته الصلاه، والمسلم يقوم بنفس الدور مع شقيقه المسيحى أثناء القداس الذى أقيم بميدان التحرير، وخلال أيام الثورة لم نسمع عن حادث طائفى واحد رغم غياب أجهزة الامن وقتها، وبالطبع هذا لم يعجب المتربصين فى الخارج فقاموا بافتعال أحداث أطفيح وامبابة ولكن مصر اجتازت هذه الحوادث بسرعة، وبإذن الله وحمايته وقيادة المجلس العسكرى والحكومة والقيادة الواعية من قداسة البابا شنودة وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر سوف تفشل مخططات الخارج. أجندات أجنبية وأكد المفكر جمال أسعد أن من يطالبون بالحماية الدولية لا يعنيهم حل مشاكل الأقباط من قريب أو بعيد لأن هذه المشاكل لا تحل بهذه الطريقة فلا أمريكا ولا كل حكومات العالم ولا حتى الحكومة المصرية يمكن أو يعقل أن تجبر مواطنا وآخر على أن يكون بينهما علاقة إنسانية، والقانون والدستور لا يفرق بين مسلم ومسيحى ولكن المناخ الطائفى والتوترات الدينية هى التى تسبب المشكلات الطائفية كما أن التدخلات الأجنبية تزيد المشكلة اشتعالا ولا تحلها فهل تصريح 28 فبراير 1922 حل مشكلة الأقباط ؟ وهل احتلال أمريكا للعراق حل مشكلة المسيحيين هناك؟ أم أنهم هُجّروا وأصبح عددهم نصف فى المائة بعد أن كانوا 10% ناهيك عما يحدث لمسيحيى القدس على يد الاحتلال الإسرائيلى. وأضاف أسعد أن فكرة التدخل الأجنبى تثير النخوة الوطنية المصرية للمسلمين والمسيحيين ليكون رد فعلهم عكسيا، والحل هو القضاء على المناخ الطائفى بأساليب كثيرة من خلال إعادة صياغة الخطاب الدينى والإعلامى ومناهج التعليم وتطبيق القانون على الجميع وبذلك تصبح مشاكل الأقباط مشاكل المصريين جميعاً ومسئول عن حلها كل المصريين وعلى أرض مصر. وقال أسعد بالطبع هناك أجندات أجنبية أهمها تطبيق قانون الحماية الدينيه الصادر عن الكونجرس الأمريكى عام 1998 والذى يحدد 16 عقوبة للدول التى يدعون أنها تضطهد الأقليات الدينية وهؤلاء يسعون إلى استغلال ورقة الأقباط للتدخل الأجنبى فى شئون مصر والدليل القريب مطالبة موريس صادق بالتدخل الصهيونى فى شئون مصر جهاراً نهاراً وهو أحد أعضاء الوفد الذى تقدم للكونجرس لفرض الحماية. من جهته شدد رجل الأعمال هانى عزيز على أن حل مشاكل الأقباط يكون داخل مصر وليس خارجها، وأضاف نحن فى مصر لم نصل لدرجة الاضطهاد حتى نطلب الحماية الدولية صحيح أنه هناك مشاكل للأقباط يجب حلها فوراً من خلال أولى الأمر وهم الآن المؤسسة العسكرية، وكذلك هناك بعض الحوادث الإجرامية التى نطلق عليها الفتن الطائفية ويجب على الأمن والقضاء سرعة التدخل وتقديم المجرمين فيها إلى العدالة حتى يسود السلام داخل مصر ويكون الاحتكام دائماً لسيادة القانون وليس غيره. ودعا عزيز المنادين بالحماية أن يأتوا إلى مصر لبحث مشاكل الأقباط داخلها وأن يقترحوا الحلول الجذرية التى يرونها ضرورية لحل هذه المشاكل على أرض الواقع ويمكنهم أن يتقابلوا مع جميع المسئولين فى الحكومة والمؤسسة العسكرية حتى يكون الحل من الداخل وليس من الخارج.