تباينت ردود افعال السياسيين والقانونيين والناشطين حول قرار حل المجالس المحلية . فقد اختلف السياسيون ورجال القانون حول الكيفية التي من الممكن أن ينفذ من خلالها القرار، إلا أنهم اتفقوا علي أن الحكم بمثابة اقتلاع للفساد من الجذور، وإجهاض لمخطط الثورة المضادة. جاءت حيثيات قرار محكمة القضاء الإداري بحل المجالس المحلية مؤكدة علي أن مجلس الوزراء تراخى في اتخاذ إجراءات حل هذه المجالس رغم أنها استمدت شرعية وجودها من نظام الحكم الذي أسقطه الشعب، وأخلت إخلالاً جسيما بمصلحة هذا الوطن، كما كانت هذه المجالس من بين أدوات النظام السابق والتى تعمل علي تحقيق أهدافه ورغباته، فمن غير المقبول أن يسقط هذا النظام وتظل المجالس المحلية قائمة حتى الآن بعد فقدانها أصل شرعيتها، ويكون حلها وإبعادها عن أي دور كانت تقوم فيه أمرا واجبا وحتميا. وأضافت المحكمة أنه إذا كان قضاء مجلس الدولة قد سلم للإدارة بحقها فى اختيار الوقت الذى تتدخل فيه، بحل هذه المجالس، فإنه استقر على عدم مشروعية تراخيها فى التدخل متى كانت المصلحة العامة ظاهرة كالشمس فى كبد السماء، ولا تحتمل تأخيرا. بل إن التراخى فى التدخل يضر بهذه المصلحة العامة، التى تتكون فى الأساس من مصالح جموع المواطنين، ويكون ذلك كله كافيا لحل جميع المجالس المحلية ويعلى بالمصلحة العامة للدولة. وتعليقا على ذلك يقول د. إبراهيم درويش الفقيه الدستورى أن الحكم كان متوقعا من الناحية القانونية، خاصة ان القاضى استند إلى القرار السابق للمجلس العسكرى الخاص بحل مجلسى الشعب والشورى نظرا لانتخابهما على اساس مزور، موضحا أن الحكم الصادر لايستشكل فيه أو يطعن ضده إلا إذا حكمت دائرة فحص الطعون بوقفه، وهو أمر غير مرجح على الإطلاق لان المجالس سواء المحلية أو النيابية بطلت دستوريا بسقوط دستور 71 وانهيار النظام الذى انتخبت على اساسه، كما ان القرار يستند الى خطورة الاوضاع فى مصر التى تستوجب حل المجالس المحلية . فضلا عن ان حلها بمثابة اقتلاع للفساد من جذوره. واشار درويش الى ان الحكم سيتم تنفيذه بمسودته الاوليه، موضحا انه بمجرد نطق القضاء الادارى بالحكم يسرى بمسودته على جميع المجالس المحلية من لحظة النطق بالحكم وتعتبر المجالس منحلة ويمنع انعقاد اجتماعاتها دون التوقف لانتظار ما يسفر عنه الاستشكال على الحكم، لان المجالس المحلية جهة ادارية تابعة لوزارة الحكم المحلى وبالتالى فان الجهة المختصة بتنفيذ القرار هى هيئة قضايا الدولة والتى لن تمتنع عن التنفيذ نظرا لشرعية الثورة التى اسقطت النظام بما فيها جميع المجالس التى نشأت فى ظله. أما د. فوزية عبد الستار الرئيس الاسبق للجنة التشريعية بمجلس الشعب واستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة فتقول إن حكم الحل يتم تنفيذه فور صدوره ولكن يوقف العمل به بمجرد الطعن عليه وبالتالى فان من حق المجالس المحلية فى هذه الحالة استمرار اجتماعاتها الدورية لحين صدور الحكم النهائى من الادارية العليا وذلك اذا ماسعى صاحب صفة او مصلحة الى الطعن فى حكم اول درجة»القضاء الاداري»وايقاف تنفيذه. وتشير الى ان الحكم الصادر بحل المجالس يستند الى صحيح القانون لان مصدر الاحكام فى الوقت الحالى مستمد من الشرعية الثورية التى كشفت عن الوجه القبيح لنظام ثبت بالدليل المادى انه فاسد وسعى الى تزوير جميع الانتخابات التى اجريت فى عهده سواء محلية او نيابية. وتابعت انه من غير المتصور ان تقوم ثورة بحجم 25يناير ولا يتم حل مجالس يجتمع بداخلها جميع اعضاء النظام السابق الامر الذى يفعل وينشط الثورة المضادة، مؤكدة ان المؤسسات التى عملت فى ظل النظام وثبت فسادها يجب بحكم الشرعية الثورية اسقاطها او تطهيرها من الفساد. وعن كيفية الطعن على الحكم خاصة وانه يمكن الاستناد الى ان المجالس منتخبة من جانب المواطنين وبالتالى لايمكن للقضاء اسقاطها تقول د. فوزية عبد الستار إن القانون منح الحق للقضاء فى حالة الثورات ان يحكم باسقاط النظام باكمله وبالتالى فان اسقاط او حل مجلس تابع للنظام هو من صميم عمل القضاء. من جانبه يقول خالد سليمان رئيس لجنه الشئون القانونية بمحلى القاهرة إن قرار حل المحليات يشوبه البطلان حيث تنص الماده «144» من قانون الادارة المحليه رقم «43» لسنة 79 على انه لا يجوز حل المجالس الشعبية المحلية بإجراء شامل بمعنى انه لا يجوز حلها فى جميع المحافظات ولكن من الممكن اذا تم الطعن على دائرة بعينها بالتزوير يجوز الحل فى هذه الحالة. ويضيف سليمان ان انتخابات المحليات منذ ثلاث سنوات ونصف لا يشوبها اى تزوير بدليل ان هناك 38 عضوا بمحلى القاهرة من احزاب مثل الوفد والتجمع وهى احزاب معارضة ولا تقتصر على الوطنى فقط, مشيرا إلى إن هناك فراغا تشريعيا فى علاقة المواطن والدولة والقرار يزيد حالته؛ حيث لا يوجد مجلس شعب أو شورى والمجالس المحلية هى فى الأساس مجالس خدمية فاذا كانت هناك مشكلة لأى مواطن فكيف يتم التعامل معها بدون حلقة الوصل والتى تتمثل فى المجلس المحلى مع الجهاز التنفيذى. ويشير سليمان إلى ان هناك فرقا بين أعضاء مجلس محلى والمحليات، وعندما يقال «فساد بالمحليات» فإن المقصود المحافظ ونواب المحافظ وسكرتير والعموم والمديريات والاحياء ومهندسى التنظيم وهم من يقومون بإعطاء تصريح بالهدم أو البناء بالاحياء وليس المقصود منه أعضاء المحليات ففى النهاية هو عمل تطوعى وكل ما يتقاضاه نائب المحلى خمسين جنيها فى الشهر حتى لو حضر اكثر من عشر جلسات، مضيفا بان هذا الحكم مثله مثل حكم حل الوطنى صدر بناء على أسباب سياسية أكثر منها اسباب قانونية، وطبقا للحكم إذا تم الحل يجب ان يكون فى منطوقه كيفية تسيير أمور الدولة فمن المفترض ان يتم إجراء انتخابات خلال 60 يوما وبالتاكيد لن يتم اجراؤها خلال هذه الفترة . من جانبه يقول المستشار أحمد الفضالى رئيس حزب السلام الديمقراطى ان الحكم يأتى تتويجا للنجاحات التى تحققها ثورة 25يناير خاصة وان أعضاء المجالس المحلية كانوا بمثابة الثورة المضادة التى كانت تعمل على اجهاض الثورة، مشيرا إلى ان قرار حل الحزب الوطنى كان لابد وان يتبعه اقصاء أعضاء الحزب عن الحياة السياسية واخلاء الساحة لسياسيين جدد من الشباب الذين لديهم قدرة على تحمل مسئولية العمل بالمحليات التى ترتبط بشكل كبير بأزمات المواطنين. وكشف الفضالى عن التجهيز لدعوى قضائية ثانية للضغط على الحكومة بضرورة الدعوة الى اجراء انتخابات عاجلة للمجالس المحلية والسعى الى دعم الحراك السياسى داخل المدن والقرى لتنشئة جيل جديد من السياسيين الثوار الذين ببذلهم يستطيعون الارتقاء بجهاز المحليات.