اختفى «المونولوج» الكوميدى الساخر الذى كان يعرى المجتمع وينتقد عاداته السيئة وسلبياته .. ذهب وذهبت أيامه ونجومه القدامى.. اسماعيل ياسين صاحب «فيه ناس بتكسب ولا تتعبش .. وناس بتتعب ولا تكسبش»، وثريا حلمى «يا سواق التاكسى أمانة.. رد على الناس التعبانة»، وسيد الملاح «أنا .. أنا.. إبريق الشاى»، والسبب أنه لم يعد هناك داع لأغنيات المونولوج الشعبى الخفيف المحبب البسيط، بعد أن تحولت الأغانى فى عصر «الإفيه» إلى مونولوجات تتسابق فى الكلمات السوقية والتعبيرات الجديدة المغرقة فى الابتذال والإيحاءات الجنسية والمعانى الرخيصة. واختفت النكتة المباشرة التى يلقيها المونولوجست على المسرح أمام الجمهور مباشرة بعد أن تحولت أفلام المضحكين الجدد كلها إلى فاصل من النكات أو القفشات أو الاسكتشات التى لا رابط بينها سوى قصة ساذجة ملفقة عن صعود شاب من القاع إلى قمة المجتمع وذروة الشهرة والثراء لمجرد أنه يغنى بالصدفة والفهلوة.. وهذا بالتحديد هو النموذج الذى يقدمه بتنويعات مختلفة نجوم الإضحاك الجدد .. من «همام فى أمستردام» إلى «اللمبى» ومن «أبو العربى» وحتى معظم أفلام الكوميديانات الجديدة التى استبدلت فن المونولوج المسرحى المطعم بفقرة تقليد مطربين وممثلين إلى سيناريوهات مسلوقة يتم تقديمها على عجل لتغازل جمهور الشباب فى الصيف، وتقدم لهم الحلم الخادع فى تخطى كل الإحباطات، والقفز على كل شىء، للوصول فجأة بالصدفة أو الفهلوة إلى النجاح السهل من خلال قصة صعود مطرب أو راقصة أو صعلوك من الفقراء إلى عالم الناس اللى فوق .. هكذا بكل سهولة وببدائل عصرية لخاتم سليمان أو مصباح علاء الدين أو طاقية الإخفاء. السينما التى تدغدغ مشاعر الشباب هى البديل الجديد لاسكتشات النقد الاجتماعى.. والكوميديان العصرى هو المعادل الموضوعى للمونولوجست التقليدى.. ولذلك فلا تندهش لاختفاء مونولوجست لقبوه يوما بصاروخ النكتة وهو «حمادة سلطان» منذ نحو 20 عاما، ومعه وبعده فيصل خورشيد و عادل الفار و مدحت بركات. صحيح أن هناك قلة قليلة من فنانى المونولوج استطاعوا الاستمرار مثل «عزب شو» الذى اشتهر بطريقته المبتكرة فى التقليد، وأعتبره أذكاهم على الاطلاق لأنه نجح فى تطوير نفسه ليواكب العصر، وقدم أكثر من برنامج ناجح على قنوات كوميدية متخصصة مثل «كوميك شو» و»حكومة شو»، ومثل ماجد القلعى الذى يقدم هو الآخر اسكتشات يقوم فيها بتقليد سياسيين ونجوم معروفين وآخرها برنامجه على قناة الحياة، فضلا عن بعض الشباب الجدد الذين يقدمون عروضهم الكوميدية فى ساقية الصاوي..لكن هذا لا يمنع أنه لم يعد لأمثال حمادة سلطان أو فيصل خورشيد مكان الآن فى عصر «مونولوجات» الفيديو كليب وسينما الشباب ومسلسلات «السيت كوم» .. فالكل الآن يقدم المونولوج الخفيف بطرق مختلفة .. ولا عزاء للفن الجميل !.