بين فترة وأخرى نشهد غزلا إيرانيا للرغبة فى إقامة علاقات طيبة مع مصر.. ويقف القول مكانه دون فعل، بل يأتى هذا الغزل فى أجواء غير مناسبة إقليميا أبرزها تأزم العلاقات بين الدول الخليجية وإيران وتدخلها فى الشأن الداخلى للدول العربية وهو ما تراه الدبلوماسية المصرية بمثابة حائط برلين فى عودة العلاقات المصرية الإيرانية لطبيعتها. أعلن وزير الخارجية نبيل العربى فى أول اجتماع رسمى له بالجامعة العربية خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب اهتمام مصر بعلاقات متميزة بكل الدول العربية ثم استكمل الوزير حديثه عن علاقات مصر الخارجية، حيث أكد أن مصر تفتح صفحة جديدة مع كافة دول العالم بما فيها إيران وأن الشعبين المصرى والإيرانى جديران بأن يكون بينهما علاقات تعكس تاريخهما وحضارتهما بشرط أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل لسيادة الدول وعدم التدخل فى الشئون الداخلية على أثر هذا التصريح حمل مدير مكتب رعاية المصالح الإيرانية فى القاهرة «مجتبى أمانى» رسالة إلى الوزير نبيل العربى من نظيره «على أكبر صالحى» يعرب فيها عن رغبته فى زيارة مصر كما وجه الدعوة للعربى لزيارة إيران.. ويأتى تصريح الوزير نبيل العربى انطلاقا من سياسات مصر الثورة التى ترى أهمية ترسيخ مبدأ إقامة علاقات طبيعية مع جميع دول العالم وكان رد الفعل الإيرانى صدور بيانات طيبة تجاه مصر.. لكن إقامة العلاقات لا تنطلق من بيانات الغزل إنما من خلال حوار لحل المشاكل التى أدخلت فيها المنطقة مؤخراً خاصة تدخلها فى البحرين وإثارة ملف السُنّة والشيعة فى الخليج، وإثارة الاضطرابات الهدّامة ضد الأمن القومى العربى بشكل عام ودول الخليج خاصة وهو ما تراه القاهرة عائقا كبيرا لعودة العلاقات إلى طبيعتها ومن المفترض أن تسبق هذه الخطوة حوارا إيجابيا يظهر تفهما إيرانيا حيال حل المشاكل العالقة ولا تعتبر ذلك شرطا كما ذكر الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد، الذى طالب بأبعاد الشروط وكأنه يصادر الحوار الذى قد يسهم فى تقريب وجهات النظر بين كل الدول العربية وإيران التى لم تقدم للآن خطوة جادة وصادقة فى بناء مناخ من الثقة وسياسة حُسن الجوار بسبب محاولاتها بث الفرقة بين المواطنين فى دول الخليج وتأجيج الصراع وإرسال جواسيس إلى الدول العربية بهدف زعزعة الأمن والاستقرار. وإذا عدنا إلى مواقف الدول العربية خلال القمم التى انعقدت مؤخراً نجدها تضع الحوار مع إيران لحل المشاكل العالقة ثم الانتقال لخطوات أخرى مثل مقترح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى «دول الجوار العربى» وقد تعثر هذا المشروع نظرا لوقوف السياسية الإيرانية فى مكانها تجاه العرب. ومن ثم لن تنفرد مصر بالتعاون مع إيران ضد الأشقاء العرب، خاصة فى أعقاب إدانة دول مجلس التعاون الخليجى فى اجتماعاتها التدخل الإيرانى السافر فى المنطقة.. وتشهد العلاقات بين إيران ودول الخليج توترا شديدا منذ اتهمت البحرين إيران بالوقوف وراء الاحتجاجات التى شهدتها منذ «14» فيراير وقرارها الاستعانة بقوات درع الجزيرة، فيما أصدرت محكمة كويتية أحكامها بالإعدام بحق ثلاثة أشخاص اتهمتهم بأنهم جزء من شبكة تجسس إيرانية على أراضيها.. كل هذه المواقف تدعو إيران لأن تتخذ من الخطوات ما يؤدى إلى علاقات طيبة مع مصر والعالم الإسلامى وليبدأ الحوار مع مصر حول محاور الخلافات التى تعكر صفو العلاقات العربية الإيرانية. وإذا كان الحوار المصرى الإيرانى فى إطار تصحيح الأوضاع وبناء الثقة بين العرب وإيران فهو أمر مرحب به، أما إذا كانت الدعوة الإيرانية مجرد إشاعة الخلافات بين مصر والدول العربية من خلال تقارب إعلامى وبيانات تصدر هنا وهناك فإن العلاقة المصرية الإيرانية سوف تقف فى مكانها خاصة أن وزير الخارجية الدكتور نبيل العربى قد أوضح بعد تصريحه الأول أن تطبيع العلاقات بين مصر وإيران لم يتخذ بشأنه قرار بعد قائلاً قد يكون فى وقت «ما» إذن فالغزل الدبلوماسى عبر البيانات غير كاف لتصحيح مسار العلاقات العربية الإيرانية.