مزيج من نظرات الترقب ودموع الفرح ، غمرت أعين الكثيرين من السماسرة والمتعاملين مع البورصة طوال الجلسات السبع الماضية ، التى أعقبت التوقف الذى اقترب من الشهرين إثر أحداث ثورة 25 يناير ، تلك المشاعر المتباينة كانت نتاجا طبيعيا لحالة الحذر التى استمرت لأسابيع قبل عودة النشاط والمخاوف من هبوط حاد فى البورصة يقضى على آمال المتعاملين معها . ويوم الاربعاء قبل الماضى اتخذت إدارة البورصة عدداً من الاجراءات الاحترازية فى محاولة منها لتقليل التراجع المتوقع فى اسعار الاسهم والذى قدره بعض الخبراء بنحو30%، تضمنت تلك الاجراءات تقليص ساعات التداول إلى ثلاث ساعات بدلا من اربعة ، وتعليق العمل لآليات البيع والشراء بنفس الجلسة ووقف العمل بالجلسة الاستكشافية وتقليص الحدود السعرية الى خمسة وعشرة بالمائة بدلا من عشرة وعشرين بالمائة، وتجاوزت البورصة ضربة البداية بنجاح لم يتوقعه أكثر المتفائلين. مصر المستقبل ويعلن محمد عبد السلام رئيس شركة مصر للمقاصة والمكلف برئاسة البورصة مدة ستة اشهر فى ذلك إلى وم ، عن تأسيس صندوق استثمار مصر المستقبل برأسمال مبدئى 250 مليون جنيه قابل للزيادة، بحسب الإقبال على الاكتتاب فيه، على أن يكون سعر الوثيقة 10 جنيهات فقط، ولا يوجد حد أقصى للاكتتاب فى عدد الوثائق. على أن يتم الاكتتاب فيه من خلال بنوك لها فروع فى الخارج اى فى دول عربية وأجنبية ليتمكن المصريون وغيرهم فى تلك الدول من دعم البورصة المصرية من خلال هذا الصندوق، وكشف رئيس البورصة فيما بعد عن مفاوضات أجريت الأسبوع الماضى، مع مسئولى مؤسسة ويسترن يونيون لتخفيض عمولات التحويلات التى تهدف إلى المساهمة فى الصندوق. ويتوالى الاداء المتميز للبورصة الجلسات التالية بحضور العديد من الشخصيات العامة المصرية والعربية كل يوم لتشجيع الاستثمار فيها ، ويعود اللون الاخضر الى شاشاتها، وهو اللون المعبر عن ارتفاعها مدفوعة بتواجد أجنبى قوى للاستحواذ على العديد من الاسهم التى تراجعت قيمها إثر التوقف الطويل. وهو ما ظهر واضحا فى دخول 29 من صناديق الاستثمار والمؤسسات المإلى ة الأجنبية لأول مرة بالسوق، مما يؤكد جاذبية الأسهم المصرية رغم الظروف الجارية. وشملت هذه الصناديق، 8 صناديق من أمريكا الشمالية و13 من أوروبا و8 عرب. وموضحا أن جاذبية البورصة المصرية لم تقتصر على المؤسسات والصناديق الأجنبية، بل شملت ما يقرب من 6100 مستثمر من الأفراد. وعلى إثر هذا الأداء المتميز تدرس إدارة البورصة قرارها بعودة التداول لأربع ساعات والتخلى عن الاجراءت الاحترازية التى تم اتخاذها قبل البداية هذا الاسبوع ولكن بعد موافقة الرقابة المإلى ة على تلك الاجراءات. وتشير نتائج جلسات التداول السبع الماضية التى استحوذت اسهم قطاعات البناء والاتصالات على النصيب الاكبر فى الاستحواذات، بينما تراجعت بشدة أسهم الشركات التى اتهم اصحابها فى قضايا فساد مثل « حديد عز» و «بالم هيلز» نتيجة اتجاه المستثمرين الى التخلص من هذه الاسهم وسط حالة من القلق و الترقب لما ستسفر عنه الايام القليلة المقبلة. ويؤكد المراقبون أن البورصة المصرية عادت لتجتذب المستثمرين الاجانب بعد الاطاحة بنظام الحكم من السابق الذى استمر عقودا، لكن بعض أسهم الشركات الكبرى قد تواجه متاعب بسبب تعاملاتها مع الحكومة السابقة. وقد اشار الدكتور ابراهيم العيسوى استاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي، إلى أن البورصة متقلبة بطبيعتها ولا يمكن أن نعول عليها من خلال حجم التداولات، ولكن العبرة هنا باجتذاب الاستثمارات الجديدة التى يمكن من خلالها توفير فرص عمل وتحقيق تنمية حقيقية تعود على مصر وقال العيسوى إن اجتذاب الاستثمارات لمصر مرهون بعودة الأمن إلى الشارع، ووضع الخطط المستقبلية التى تضمن لهؤلاء المستثمرين الجدد تحقيق نجاحات، لأن رأس المال جبان يبحث دوما عن المناطق الآمنة. نموذج الإفصاح ونظراً لما عانت منه البورصة من ممارسات اثرت على ادائها فى فترات سابقة وضمانا للشفافية فقد أشار أشرف كمال، مدير إدارة الإفصاح بالبورصة المصرية، إلى أهم المعلومات التى طلبتها البورصة من الشركات وهى مدى تأثر الشركات وأصولها من أراض ومنشآت بأحداث يناير الماضى بالإضافة إلى بيان مدى تأثر أحجام أعمال الشركات وإنتاجيتها وخاصة مع تصاعد المظاهرات والمطالبات العمإلى ة بزيادة الأجور وخلافه. وأضاف كمال أن بيان الإفصاح طالب الشركات كذلك بتحديد مدى تأثر أصولها بالتحقيقات التى تجريها السلطات فى مصر ومدى تأثير ذلك على حقوق المساهمين، مشيراً إلى أن أهم مطالبه للشركات كانت بيان وجود أسهم أو حصص ملكية فى رئوس أموال الشركات المدرجة مملوكة لمن صدرت بحقهم قرارات إيقاف أو تجميد أموال وأسهم من قبل جهات التحقيق. وكانت الانباء عن تغيير اكواد باسم الرئيس السابق وابنائه واعوانه من اكثر الموضوعات التى تم تداولها طوال جلسات البورصة الماضية، بدأت مباحث الأموال العامة تحرياتها عن إدراج البورصة أكواداً جديدة بأسماء الرئيس السابق وعائلته ومسئولين سابقين بعد 17 يوماً من تنحيه. وقالت مصادر إن مباحث الأموال العامة تلقت رداً من إدارة البورصة عن الواقعة، وتضمن الرد تفاصيلاً بشأن استحداث الأكواد وأسبابها، غير أنها مازالت تبحث الأمر بالكامل، خاصة أن هناك مخاوف من استغلال هذه الأكواد لأهداف غير قانونية، بجانب تردد العديد من الشائعات حول تنفيذ صفقات تخارج لصناديق أجنبية بالبورصة خلال الجلسات الماضية. وقد وصف محمد عبدالسلام رئيس البورصة، إنشاء أكواد الرئيس مبارك وعائلته ومَنْ صدرت ضدهم قرارات من النائب العام، بأنه إجراء احترازى من البورصة تطبقه منذ عام 2003، ويهدف إلى عمل أكواد لهم وتجميدها مرة أخرى، حتى لا يقوموا بالتعامل بالبورصة، خاصة أن بعضهم لم يكن له أكواد. وأضاف أن البورصة بادرت بإيقاف الأكواد التى كان يتعامل عليها نجل الرئيس السابق علاء مبارك، سواء باسمه مباشرة أو الأكواد الأخرى التى يتعامل بها مستخدماً بعض الأسماء من اسمه الخماسى خاصة كود «علاء محمد السيد»، وهو الكود الأشهر الذى كان يتعامل به فى البورصة. تراجع ولكن ورغم التراجع الذى شهدته جلسة الخميس الماضى فقد أشاد رئيس البورصة المصرية بالتعاون بين سوق الأوراق المالية المصرية وكافة المؤسسات المالية الدولية مؤكدا على حرص البورصة على دعم كافة المبادرات الرامية لدعم الاقتصاد المصرى على الصعيدين الدولى والمحلي. واستبعد عبدالسلام، أى تعديلات على الشركات المدرجة بالمؤشرات الرئيسية الثلاثة، خاصة بعد مطالبات بتعديل الشركات المدرجة فى المؤشر واستبعاد الشركات التى تعانى من قضايا منظورة أمام القضاء، لافتاً إلى أنه يتم مراجعتها فى توقيتات معينة نصف سنوية.