إذا أردنا أن نبدأ حياة جديدة لبلد جديد، علينا أن نتخلص من آفتنا التاريخية فى صناعة الفراعين! فقد اكتشفت أننا من يصنعها ويجملها ويكبرها، ويقنعها بأنها ملهمة من السماء، لا تخطئ أبدا وبالتالى لا تحاسب أبدا، فتتضخم أكثر ويصبح نزولها إلى عالمنا عالم البشر أمرا غاية فى الصعوبة، ويصبح إقناعها بالخضوع للحساب والعقاب ككل البشر، يكون أمرا غير مفهوم ولا مقبول! نحن شعب عبقرى فى كل شىء، حتى فى قدرته على النفاق، وهذا النفاق هو من يخلق هؤلاء، ويجعلهم يستعذبون هذه الآفة.. نحن من خلقنا استبداد هؤلاء، وساعدناهم على الاستهانة بنا! أقول هذا بعد المشهد الهزلى الذى صنعته وسائل الإعلام وتبارت فى نقله ووصفه والإشادة به، وهو وقوف الدكتور عصام شرف متخذا دوره فى طابور للإدلاء بصوته فى الاستفتاء الذى جرى يوم 19 مارس الحالى. تصرف دكتور عصام تصرفا طبيعيا يليق بمواطن طبيعى، لا يتعالى على الناس ويعرف أنه منهم، وأنه سيعود إليهم. والناس قد بادلته هذا التصرف فلم يتزاحم عليه أحد، ولم يتسابق إليه أحد! لكن الشىء الغريب هو ما فعلته وسائل الإعلام من قنوات فضائية وصحف، فالصحف صدرت الخبر صفحاتها الأولى، أما القنوات الفضائية فقد أبرزت الخبر بحالة من الدهشة الممزوجة بالبهجة، حتى أن مراسل الفضائية المصرية سأل الدكتور يحى الجمل عن نفس الحدث الذى أدهشه، ورد عليه د. الجمل: وما له لما يقف فى الطابور! كل هذا والرجل يترأس حكومة تسيير أعمال، فماذا لو كانت حكومة ستمضى عدة سنوات فى الحكم؟ ناهيك عما يكال للرجل من مدائح فى جهده ونفاذ بصيرته، وأدبه وسلوكه إلى آخر تلك القائمة، التى قد تكون حقيقية، والتى قد يكون مبالغا فيها، فنحن لم نعرفه بعد، ولم نر ما يؤيد أو يعارض هذه الأوصاف، لكن كل الذى أعرفه، أن تلك الوسائل التى نبالغ فيها هى وسائل شيطانية تفسد حتى الملائكة.. لهذا علينا أن نغير من أنفسنا أولا قبل أن نشكو من حكام حولناهم لمستبدين كبار! [email protected]