منذ أكثر من عامين كانت المستشارة الألمانية «إنجيلا ميركل» فى زيارة لمصانع شركة «مرسيدس» وأبدت دهشتها واستنكارها عندما علمت أن الراتب الشهرى لمدير المصنع يصل إلى حوالى مائة ضعف لأدنى دخل به.. وعلقت وقتها قائلة إن راتب مدير مصانع سيارات هيونداى فى كوريا الجنوبية لا يزيد على عشرين ضعف لأدنى دخل للعامل به، وذلك رغم أن مبيعات الشركة تفوق الشركة الألمانية على مستوى العالم، وطالبت بمراجعة هذه المسألة. وأقصد من رواية هذه الواقعة الآن أن تنتبه حكومة الدكتور شرف والذى أكن له كل التقدير والاحترام إلى أن الخلل فى نظام الأجور فى مصر كان السبب الأول فى الاحتجاجات التى سبقت ثورة 25 يناير، والتى لم تتوقف بعدها، وحتى الآن وأن إصلاح هذا الخلل لن يأتى كما أكد رئيس الوزراء الاستجابة العشوائية للاحتجاجات الفئوية وعلى حساب فئات وشرائح أخرى، كما أن هذا الإصلاح لن يكتب له النجاح بالتركيز على رفع الحد الأدنى والتوقف عند ذلك. إن إصلاح الخلل فى نظام الأجور فى مصر والذى يمس ما لا يقل عن 30 مليون مواطن باعتبار أن 6 ملايين موظف يعول كل منهم 5 أفراد يتطلب وضع حد أقصى للأجور يتزامن مع وضع الحد الأدنى، والذى ينبغى ألا يزيد على 20 ضعفا على أقصى تقدير وألا يقل هذا الحد الأدنى عن 1200 جنيه، على أن يسبق ذلك توقف الاحتجاجات الفئوية. وهدوء وصبر المحتجين وكشف الحكومة بشفافية كاملة عن إجمالى الدخل الشهرى شاملا كل البدلات للوزراء ومديرى الأمن ومستشارى الوزراء ورؤساء الهيئات العامة كقناة السويس والبترول والسكة الحديد والشركات القابضة والسياحة ورؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف القومية ورؤساء ومديرى البنوك. وأعلم أن خفض دخل أصحاب المرتبات المليونية قد يغضبهم، ولكنه سوف يحقق العدالة للأغلبية، ومن لا يرضى بما يرضى الأغلبية فليبحث له عن موقع آخر. والدكتور سميررضوان وزير المالية صاحب خبرة عالمية فى هذا المجال ويعلم ما لانعلم، وأتمنى له كل التوفيق فى تحقيق هذا الحل مع الدكتور شرف والذى اعتبر تأكيده على الحل كلمة شرف.