قبل الحديث عن شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) لا بد من الحديث عن الانتظام والالتزام وألا ننساق وراء سلبيات النظام القديم التى احرقت الأخضر واليابس وأن يعود كل أبناء ثورة 25 يناير للعمل من أجل حماية أهداف الثورة وأن نتعامل مع كل فاسد بالقانون وأن نضع انبهار العالم بثورة شعب مصر النظيفة تاجا على رأس كل مصرى إيذانا بمرحلة المسئولية لأن عدوى الثورة المصرية تنتشر بسرعة البرق فى الوطن العربى على اتساعه ولكن لكل ثورة أسبابها: التغيير – الإصلاح – سيادة القانون – مكافحة الفساد – تنحية شيخوخة النظام وأسباب كثيرة تدفع كل الشعوب للرغبة فى رفع لوحة التحرير رقم 2 . وقد شهدنا مؤخرا احتجاجات فى اليمن والبحرين والجزائر وليبيا وعدة عواصم عربية ولكن يبقى السؤال هل سنشهد عالما عربيا جديدا يغلق الأبواب أمام التدخلات الخارجية ويؤسس لديمقراطية تستوعب سواعد العرب الفتية ويشارك الجميع فى البناء والتطوير بعد الانقلاب على سياسة نظم تحتقر السلطة والثروة فى أشخاص؟ وهل ستنجح ثورة مصر بأن تكون فوق الجميع. بعد الإعلان عن تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك عن الحكم عمت الاحتفالات فى انحاء العالم العربى وخرجت جموع الشعب العربى فى مظاهرات احتفالية للاحتفال مع شعب مصر وبعد أقل من 24 ساعة بدأت هذه المظاهرات الاحتفالية تردد شعار ثوار مصر: الشعب يريد إسقاط النظام ليصبح شعار المرحلة فى العالم العربى وقد خرجت مظاهرات متقطعة فى اليمن إلى ميدان التحرير باليمن للمطالبة برحيل الرئيس على عبد الله صالح وأسرته بعد حكم استمر 32 عاما ويعتزم ترشيح نجله وهو ما نفاه الرئيس اليمنى على عبد الله صالح أكثر من مرة حيث أكد أنه لا يعتزم ترشيح نفسه لولاية رئاسية جديدة وكذلك نجله ودعا إلى حوار مع المعارضة ولكن الوضع فى اليمن يختلف عن مصر أو أية عاصمة عربية أخرى. فقد رفع المتظاهرون أسباب التغيير والتى من بينها صعوبة الأوضاع الاقتصادية حيث يعيش نحو 40% من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة بأقل من دولارين فى اليوم فيما يعانى ثلث السكان من أوضاع معيشية قاسية ويتواصل الشد والجذب داخل الشارع اليمنى، لكن المحللين لا يتوقعون أن يشهد اليمن ثورة سريعة على غرار ما حدث فى مصر، ويرجح أن تتضح معالم الانتفاضة فى اليمن بوتيرة أبطء مع التحذير من استخدام السلاح فى بلد يعتبر السلاح جزءاً من ثقافته ناهيك عن الولاءات القبلية التى تلعب دورا مهما فى التوجهات السياسية فى اليمن ولكن لثورة مصر سحرها فى اليمن فقد انتقل نفس المشهد ما بين مؤيد ومعارض للنظام وحتى فى الشعارات التى استخدمها أهل اليمن. أما المظاهرة التى خرجت فى بنى غازى فوجهتها مختلفة لأن أهدافها المطالبة بالإفراج عن معتقلين إلا أنهم استخدموا نفس منهج ثورة مصر ولكن ليبيا تختلف عن مصر من حيث عدد السكان والثروة فقد أعطى الزعيم الليبيى معمر القذافى لكل مواطن ليبيى نصيبه من ايرادات النفط والحالة الاقتصادية ميسورة إلا أن عدوى ثورة مصر كانت سريعة التأثير لتؤكد أن التغيير آت لا ريب فى كل ركن بالوطن العربى بطرق وبأشكال قد تختلف من مكان لآخر. فى الجزائر اندلعت المظاهرات منذ ثورة تونس واستمرت مع ثورة مصر وتمتد إلى اليوم وقد تأخذ أساليب التغيير منحنى آخر لان السلطات فى الجزائر أعطت تعليمات بعدم حمل السلاح فى التعامل مع المظاهرات وتطالب الاحتجاجات فى الجزائر بالتغيير والديمقراطية والرفع الفورى والفعلى لحالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين والحرية السياسية والإعلامية وتحسين مستوى المعيشة وخفض الأسعار. وفى الصومال دعت حركة الشباب للامتثال بما جرى فى مصر وتونس والانتفاضة ضد الحكومة الانتقالية وأشاروا إلى أن الثورة ضد الحكومات التى تخدم مصالح الدول الغربية. وفى السودان ناشد الرئيس عمرحسن البشير الشعب السودانى رفع صوته وقال أنا لا أخشى من مصير مبارك وبن على لأن بلاده تعيش على قيم مبادئ الحرية. وفى البحرين خرجت مظاهرات إلى ميدان اللؤلؤ ورفعت شعار الشعب يريد إسقاط النظام ولوحات كتب عليها ميدان التحرير رقم اثنين وهذه الثورات كلها لم ينظمها الفيس بوك وإنما الرغبة فى التنفيس وعشق عبق الحرية لكن مملكة البحرين تختلف ايضا عن مصر ولديها مساحات من الحرية لا بأس بها وما حدث من مناوشات تعامل معها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بإصلاحات ترضى المتظاهرين اقتصاديا وإنسانيا حيث قدم اعتذارا لشعبه عن وفاة متظاهرين خلال تفريق مظاهرات تطالب بالإصلاح السياسى وامر بتشكيل لجنة للتحقيق فى ملابسات الاحداث واعلن ان الاصلاح السياسى مستمر وان مملكة البحرين هى دولة القانون والمؤسسات الدستورية معترفا بوجود قانون ينظم المسيرات السلمية مشددا على حرية التعبير وفقا للقانون. وفى العراق خرجت المظاهرات إلى ساحة التحرير فى بغداد تطالب بتحسين أوضاع الشعب العراقى وتسريع خطى الاصلاح السياسى وهكذا انتشرت عدوى الثورة المصرية لتقود رياح التغيير فى دورة جديدة تؤشر إلى عودة العالم العربى إلى وضعه الافضل ليخرج من عباءة اخطاء الماضى والتخلص من الانتقادات التى وجهت إليه طيلة السنوات الماضية بأن العالم العربى انتهى دوره ويتجه نحو الانقراض واليوم نحن أمام عالم عربى فتى يطل بثوب جديد فى ارض خصبة للحرية تخلصه من كل القيود التى وضعته فى قوائم الدول التابعة واليوم يمكننى القول بأن العالم العربى سيكون له كلمته فى أى نظام دولى جديد لأن ثورة مصر كانت مفاجأة للنظام وللامريكان وحتى للإخوان المسلمين حيث عملت الإدارة الامريكية كثيرا لتعميم ديمقراطية سطحية فى مصر والعالم العربى واليوم نحن أمام حالة غير مسبوقة تقود إلى ديمقراطية وتغيير ديمقراطى شامل من خلال العودة إلى دولة المؤسسات والقانون ولا صوت يعلو فوق صوت الوطن وشعوبه فى أرجاء الوطن العربى.