ينتمى فيلم «بون سواريه» الذى كتبه «محمود أبو زيد» وأخرجه «أحمد عواض» إلى عالم هزليات الأبيض والأسود التى تدعى أنها ستقدم للمشاهد بعض المواعظ الأخلاقية حول الحلال والحرام، فى حين أنها تريد أن تدخله دائرة الأنس والفرفشة فى الملاهى الليلية، وهى خلطة قديمة جداً قدمت فى أفلام تراجيدية وكوميدية، وبعثها «بون سواريه» من جديد بصورة تحمل كثيراً من الركاكة والتلفيق بل الادعاء. «محمود أبو زيد» مؤلف الفيلم العائد إلى السينما بعد سنوات من الغياب هو صاحب محاولات الجمع بين سينما الفن، وسينما التوابل التجارية، ومحاولاته تذبذبت صعوداً وهبوطاً، وكان أكثرها نجاحاً فى تحقيق معادلة الفن والتجارة فيلمه الأشهر «العار»، والسبكية الذين أنتجوا «بون سواريه» أفلامهم أقل إتقانا وبساطة، صحيح أنها أيضا تنتهى بموعظة أخلاقية «على الماشى» لإرضاء الجمهور المحافظ بعد مشاهدة الكثير من التهريج والاسكتشات، ولكنها باستثناء فيلمى «كباريه» و«الفرح ضعيفة للغاية فى السيناريوهات والتنفيذ أيضاً، فى «بون سواريه» محاولة لمزج عالمى «أبو زيد» والسبكية فى توليفة تجارية لصالح بطلة الفيلم «غادة عبد الرازق»، أما البناء فهو لا يخلو أيضاً من الثغرات،لعلكم تتذكرون «فؤاد المهندس» الرجل المحترم فى مسرحية «علشان خاطر عيونك» الذى ورث ملهى ليلياً، فى فيلمنا أيضا ستضطر الشقيقات الثلاث «هدى» «غادة عبد الرازق» و«إيمان» «مى كساب» و«عفاف» «نهلة» لاستغلال ملهى ليلى اسمه «بون سواريه» تخليصاً لحقوق والدهم الذى مات مدينا للبنوك، ومن خلال تفصيلات معقدة نسبياً لن يكون من السهل عليك أن تقتنع أن شقيقتين هما «هدى» و«إيمان» ستوافقان فوراً على دخول عالم الكباريهات لمجرد الحصول على المال، كيف يمكن أن يحدث ذلك بمنتهى السهولة مع أن «هدى» تتحدث طوال الوقت عن «البرستيج» والمكانة الاجتماعية؟ وهى لا ترى نفسها إلاّ كصاحبة لأحد محلات التجميل؟ وكيف يحدث الانجراف إلى عالم الكباريه ود. عفاف المحامية التى تعلم أن سمعتها هى رأسمالها؟! الحقيقة أن كل هذه المقدمة تستهدف وصول الشقيقتين إلى عالم الكباريه وسط معارضة قوية من الشقيقة الثالثة «إيمان» المدرسة التى لا تترك فرضاً والتى تعلم الأجيال وترفض الكباريهات وفلوسها، بل ترفض فوائد البنوك، ويأخذ الصراع اتجاهين: صراع «هدى» و«عفاف» فى مواجهة «إيمان»، وصراع «هدى» و«عفاف» ضد مدير الملهى اللص «نديم حماس» «حسن حسنى» الذى ينجح فى النهاية فى إخراج الشقيقتين من الكباريه بلا حُمُّص، وينتهى الفيلم بإدارة الشقيقات الثلاث لمحل للمسابح وسجاجيد الصلاة، وهكذا تتم مغازلة جمهور «الهانص والدانص» وهى إحدى أغنيات الفيلم، والجمهور المتدين، ولعل الجمهوريين واحد فى مجتمع يمتلىء تماماً بالمتناقضات! لم تُفلح التوليفة فى إرضاء الجانبين فيما أعتقد، ولم يفلح «محمود أبو زيد» فى تطوير أفكاره المباشرة الأخلاقية التى تقدم من خلال أكثر الطرق التجارية بدائية، الحقيقة أن عالم الكباريه تم تقديمه بصورة أكثر نضجاً وإبداعاً فى فيلم آخر من إنتاج السبكية هو فيلم «كباريه»، حتى قضية الحلال والحرام قُدِّمت بصورة أكثر إقناعاً وتأثيراً فى الفيلم الأخير، أما «بون سواريه» فهو مجرد عمل تجارى لا يختلف كثيراً عن أفلام الأبيض والأسود مع إضافات الألفية الثالثة من الأغنيات التى قالت العناوين إنها من تلحين «إسلام خليل» مؤلف «شعبان عبد الرحيم» مع أنه استخدم لحنين معروفين هما: «ما تزوقينى يا ماما» و«حطّة يا ?بطة»!!