الإرهاب لاوطن له ولا دين ولا زمان ولا مكان ولكنه ظاهرة عالمية.. ابتليت به الإنسانية منذ فجر التاريخ.. تعددت أساليبه وأشكاله وتنوعت جرائمه وتباينت باختلاف الأزمنة والعصور. ولقد كانت مصر من أوائل الدول التى تعرضت لضربات الإرهاب فى العقود الأخيرة وتحديداً منذ سبعينات القرن الماضى والتى استهدفت زعزعة أمنها واستقرارها، وطالت رموزاً وطنية وفكرية وسياسة ودينية.. جميعها تنتمى إلى الاسلام.. ففى منتصف السبعينات امتدت يد الإرهاب إلى أحد أهم وأكبر الرموز الدينية الاسلامية وهو الشيخ محمد الذهبى وزير الأوقاف الأسبق والذى تم اغتياله فى جريمة بشعة نكراء، ولقد كان اغتيال المفكر الدكتور فرج فودة فى أواخر الثمانينات ثم محاولة اغتيال الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ إرهاباً ضد الفكر والمفكرين. ومازلنا نذكر جرائم القتل والترويع والخروج على الشريعة التى ارتكبتها الجماعات الإرهابية ضد قوات الأمن فى أسيوط فى أعقاب اغتيال الرئيس السادات عام 1981 وماتبعها من محاولات متعددة لاغتيال شخصيات سياسية ورموز وطنية وحيث تم إغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق فى عام 1990، ثم محاولة اغتيال اللواء حسن الألفى وزير الداخلية السابق والسيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى عندما كان وزيراً للإعلام والكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد. فى هذا السياق يتعيّن النظر إلى حادث التفجير الذى تعرضت له كنيسة القديسين بالإسكندرية باعتباره ليس حادثاً طائفياً، إذ ليس من الممكن أن يكون مرتكبه مصرياً مسلماً حقيقياً، فالإسلام لايستنكر من هذا العمل الإجرامى فحسب وإنما يحّرمه تحريماً تاماًَ، ولذا فإن الحادث عمل إرهابى استهدف زعزعة أمن واستقرار البلاد وإثارة الوقيعة بين عنصرى الأمة، ومن ثم فإنه إرهاب ضد مصر كلها.. وطناً ومواطنين.. مسلمين ومسيحيين على حد سواء.