وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    كم سجل سعر جرام الذهب الآن في مصر؟ عيار 24 يلامس 3606 جنيهات    البورصة المصرية، المؤشرات تعاود الصعود بمرور ساعتين من بدء التداولات    عضو بالكنيست يفضح نتنياهو، مليشياته تهاجم شاحنات المساعدات الإنسانية ل غزة    جماعة الحوثي تسقط مسيرة أم كيو 9 أمريكية في "البيضاء"    أخبار الأهلي : قلق داخل الأهلي قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    كرة اليد، ماذا يحتاج الزمالك لاقتناص لقب الدوري من الأهلي؟    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    "إيقاف لاعب وعضو مجلس".. شوبير يكشف عقوبات قاسية على الزمالك بعد أحداث الكونفدرالية    بالأسماء، إصابة 12 طفلا في انقلاب سيارة في ترعة بأبو حمص في البحيرة    ضبط 4 عاطلين احتجزوا أجنبيا ظنوا بأنه لص توك توك فى مدينة نصر    «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة خطف طالب عقب اقتحام مدرسة بالقاهرة    «الداخلية»: شرطة المرور تضبط 20042 مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    «عثر على جثتها ملقاة في المقابر».. القبض على مرتكبي واقعة «فتاة بني مزار»    فيلم السرب يحقق 560 ألف جنيه أمس    لمواليد برج الحمل.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (تفاصيل)    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في المركز الثالث بدور العرض    اجتماع عاجل لوزير الصحة مع لجنة إدارة أزمة الأوبئة تزامنا مع حلول الصيف وموسم الحج    في يومه العالمي.. طبيب يكشف فوائد الشاي    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    روسيا تفشل في إصدار قرار أممي لوقف سباق التسلح في الفضاء    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    جامعة بنها تفوز بتمويل 13 مشروعا لتخرج الطلاب    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 21-5-2024 في أسواق محافظة قنا    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    محافظ أسوان: توريد 225 ألفًا و427 طنًا من القمح حتى الآن    إي إف چي هيرميس تستحوذ على حصة أقلية في Kenzi Wealth الدنماركية    الهجرة تعقد عددًا من الاجتماعات التنسيقية لوضع ضوابط السفر للفتيات المصريات    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لمنطقة أبو غليلة    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    آخر مستجدات جهود مصر لوقف الحرب في غزة والعملية العسكرية الإسرائيلية برفح الفلسطينية    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    حسم اللقب أم اللجوء للمواجهة الثالثة.. موعد قمة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من تطبيق الميكنة بكافة المنشآت الطبية التابعة للوزارة    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل مخزن بمنشأة القناطر (صور)    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مارك فوتا يكشف أسباب تراجع أداء اللاعبين المصريين في الوقت الحالي    احذروا الإجهاد الحراري.. الصحة يقدم إرشادات مهمة للتعامل مع الموجة الحارة    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا مسئول.. لا ضحية
نشر في أكتوبر يوم 02 - 01 - 2011

قصة اليوم تدور حول إمكانية تطوير وعى الشخص من الإحساس بأنه «ضحية» للآخرين والظروف، إلى الإحساس ب «مسئوليته» عما تجلبه له هذه الأحداث من معاناة. و «المسئولية» المقصودة هنا لا تعنى تبرئة الآخرين مما يمكن أن يكونوا قد ارتكبوه من خطأ فى حقه، ولا تعنى أن أى شخص مسئول عن أقداره بشكل مطلق. إنما المقصود هو مسئولية «اختيار» الإنسان ل «المنهج» الذى يتفاعل به مع الأحداث التى تدور، ومع سلوك الآخرين نحوه: هل يختار الاكتفاء بدور «الضحية»؟ أم يختار أن يتناول كل ما يحدث له على أنه تحديات عليه أن يواجهها، ويحوّلها إلى عناصر تقويه وتصقله وتصل به لما يريد أن يحققه فى حياته؟
القصة تحكيها المعالجة دايان زيموف أيضا وهى قصة فريد الذى لم يكن يستمر فى أى علاقة نسائية لأكثر من شهور قليلة، وعادة ما تقول له الفتاة بعدها متأففة: «من الأفضل أن نكون أصدقاء». فريد فى نحو الأربعين من العمر، ويشعر بكثير من الإحباط والوحدة بسبب عدم وجود علاقة ارتباط حميمة فى حياته. وصار يعانى من توتر شديد ينعكس فى آلام وانقباضات فى معدته كلما ذهب للقاء فتاة، بسبب خوفه من رفضها له. فريد كان يعانى أيضا من قلق شديد بشأن عدم استقرار أحواله المالية، وكان هذا القلق يتضاعف حين يكون فى مشروع علاقة مع امرأة.
فى علاجه عن طريق ما يسمى «الدراما النفسية»، رجع فريد بوعيه إلى أن كان عمره ست سنوات، فرأى نفسه وهو يجلس بمفرده فى حجرته ويسمع والديه وهما يتعاركان. كان والده يصرخ متهما أمه بأنها تبذر نقودا كثيرة، فيقول لها: ليس لدينا زلعة تلد ذهبا. ويسمع فريد والده وهو يتهم أمه بأنها على علاقة برجل آخر، ثم يسمع أمه وهى تبكى بهستيرية وتدافع عن نفسها من تلك التهم الشنيعة. كان فريد يشعر يوميا بمنتهى الهوان، وهو لا يمكنه حتى أن يجذب انتباههما لوجوده أو مراعاته. وكان يشعر بوحدة قاتلة، وكل ملاذه هو «لعبه وكلبه» الذى يحتضنه فيشعر معه ببعض الراحة. يأتى والد فريد إلى حجرته وهو يصرخ فى وجهه: اخرج هذا الكلب اللعين من البيت. ويخطف الأب الكلب من بين يديه ويرميه فى الشارع. تلك الأحداث تُترجم فى عقل فريد الباطن بقوله: «لا يمكن أن تُشبع احتياجاتى أبدا. سأكون دائما بمفردي، وسأتوارى دائما حيث لا يرانى أحد.»
رجع فريد (فى الدراما النفسية) لنفس المرحلة العمرية فرأى أطفالا كثيرين من الجيران وهم يريدون أن يشاركوه اللعب، وهو أيضا يريد أن يلعب معهم، ولكن لم يكن يعرف كيف يفعل ذلك، كان لا يثق فى نفسه، ويخشى أن يرفضوه. كلما كان الأطفال يقتربون منه كان يشعر بالخوف وباعتصار فى معدته، وهو نفس الألم الذى يعاوده (وهو شاب ورجل ناضج) فى كل مرة يحاول فيها أن يتعرف على فتاة. لأن والده اعتاد أن يقول له كلما خرج من البيت: «فريد عد للمنزل فورا»، انطبع داخله الإحساس بأنه غير مسموح له بأن يكون له أصدقاء، أو أن يقترب عاطفيا من أى إنسان. وكان يشعر فريد كذلك بأنه لا يريد لأى صديق أن يأتى لمنزله كى لا يسمع المعارك الدائرة بين أمه وأبيه. فكأنما كان قد اتخذ قرارا فى هذا السن الصغير قائلا: «سأكون أكثر أمانا وأنا بمفردي»
قراءات الحياة والطفولة تظل معنا/U/
تقول المعالجة زيموف: «لقد عرفت فى آلاف الحالات التى أعالجها أن الأطفال فى كل مراحل نموهم يصلون لنتائج معينة حول أنفسهم بقراءتهم لما يحدث حولهم، وبناء عليها يصلون إلى قرارات بشأت تصرفاتهم، وهذا ما أسميه «البرمجة غير الواعية» التى تحكم جميع تصرفاتنا. هذه النتائج والقرارات التى يتخذها الأطفال فى مرحلة مبكرة من العمر، يكون لها تأثير كبير وممتد، لأنها أولا تحدد قناعة الشخص وعقيدته بمدى قيمته وما يستحقه، كما أنها تشكّل و ترسخ فى أعماق الشخص صورة العالم الذى يعيش فيه، وتظل هذه الصورة تمثل عنده الحقيقة التى لا تقبل الشك. ودون أن تصعد هذه النتائج والقرارات على سطح الوعى ونتمكن من تغييرها ستظل تحكم حياتنا.»
« بينما كنا نعمل لتصحيح هذه الرؤى والقرارات عند فريد ساعدناه (فى الدراما النفسية) على أن يستعيد قوته، وأن يقول الحقيقة لوالديه. وتمكن من أن يعبر عن حزنه العميق وغضبه لغياب بيئة أسرية سليمة فى طفولته. وعبر عن غضبه، وفقدان الأمل فيهما لأنهما لم يعلماه كيف يكون علاقات مودة وألفة فى حياته، وحتى العلاقة الحميمة الوحيدة التى أنشأهامع كلبه، انتزعت منه عنوة. هنا جعلنا فريد وهو كبير تنطلق منه مشاعر تعاطف وحب للطفل الصغير، ويتحدث معه ليساعده على أن يصل لنتائج مختلفة عن العلاقة مع الآخرين على أنها آمنة ومُرضية، واستطاع أن يصل إلى قرارات يستبدل بها قراراته بأن يتوارى ويكتفى بوحدته. عرفنا أيضا مصدر قلقه ومخاوفه بشأن حالته المالية واستطاع أن يغير رؤيته تماما حين أدرك ان خوفه من رفض الآخرين له، كان هو الذى يدفعه لقطع العلاقات دائما قبل أن تأخذ فرصتها فى النضوج. الآن صار فعلا يعطيها وقتها لتنضج وتؤتى ثمارها. أدرك أيضا أن عبارة والده المتكررة لأمه بأنهم ليس لديهم زلعة تلد ذهبا، تحولت لديه إلى عقيدة كامنة بأنه ليس لديه أمان مادى. تحرر الآن من هذه العقيدة وصار لديه مصادر مالية متعددة.
تتحدث المعالجة دايان زيموف عما يُسمى «لعبة الضحية»، فتقول إنها لعبة يلعبها أفراد الأسرة فيما بينهم، ويتعلمها الطفل وهو فى الثالثة من عمره من خلال وجود شخص أو اثنين يكونان نموذجين ل «الضحية»، فكل أسرة لا تخلو من وجود شخصية «الضحية». وأحيانا يبرمج الآباء والأمهات أطفالهم على القيام بدور «الضحية»، ويظل الأب أو الأم فى تقوية هذا الإحساس إلى أن يصبح جزءا من شخصية الطفل، فيكبر وهو يدخل فى سلسلة من العلاقات التى تعمق إحساسه بهذا الدور أو بتلك الصورة عن نفسه.
الوقت دائما متاح للشفاء/U/
فى نفس الاتجاه يقول المعالجان النفسيان جاناى وبارى وينهولد: إن وعى الإنسان بدراما أو لعبة «الضحية»، يمكّن الشخص من رؤية ما حدث فى حياته، وكأنه يضع القطع المتناثرة جنبا إلى جنب، والحصول صورة كاملة وواضحة، وهذا يمده بمهارات تساعده على فك لغز الصدمات القديمة، وكسر الحلقة المفرغة من التصرفات المدمرة، ومنح الإنسان القدرة على تكوين علاقات جديدة أكثر مرحا وسلاما وحبا. ويقولان إن الإحساس ب «أنا ضحية» إحساس منتشر جدا بين البشر لدرجة أنه يكاد يكون من المستحيل غيابه عن أحد منا بدرجة أو بأخرى.
ويوضحان أن الركيزة الأولى لهذه الدراما هى شعور شخص ما بفقدان شيء ما، «حب، نقود، لعب، أو رعاية أحد الوالدين». وحين يطلب هذا الشخص «الشيء» الذى ينقصه، يوصمه فرد من أفراد الأسرة بأنه «أناني»، وبالتالى يصبح طلب ما ينقصه فى وعى هذا الشخص نوعا من «المحرمات». وحتى يستطيع هذا الشخص أن يستوفى احتياجه دون أن يلام من الآخرين، أو أن يبدو فى عيونهم ضعيفا أو محروما، يقوده اللاوعى إلى أن يفعل ذلك من خلال لعب دور «المنقذ» لشخص آخر فى موقع «الضحية». فيحاول أن يوفر لهذا الشخص ما حُرم هو منه وليس ما يحتاجه هذا «الضحية» بالفعل، ويكون نتيجة ذلك أن «الضحية» لا يكون سعيدا بعطاء «المنقذ»، ويكون سببا فى مهاجمته، وهذا يحولهما معا لدور «الظالم»، لأن «المنقذ» يتحول إلى «ضحية» من كان «ضحية» من قبل. حتى تتوقف هذه اللعبة هناك ثلاثة متطلبات: 1- الرغبة الحقيقية فى التغيير. 2- وجود الوعي. 3- العلاج المكثف لتغيير برمجة العقل الباطن.
والخروج من هذه اللعبة بسيط: 1- توقف عن طلب احتياجاتك من منظور «الضحية» ولكن اطلب ما تريد بشكل واضح ومحدد. 2- إذا لم يستجب أحد لطلبك، إما أن تعمل على تحقيقه بطريقة أخرى سوية، أو تؤجل تحقيقه لظروف أخرى مواتية ولا تدخل فى إحساس «الضحية». 3- إذا أردت أن تساعد شخصا ما على تحقيق طلبه، فلا تفعل ذلك لاستيفاء إحساسك الذى لم يُشبع، وإنما برؤية ما يريده هو لنفسه.
الأمر كله هو تدريب على الخروج من حدود «الوعى المزيف» إلى رحاب وعى أوسع يستطيع أن يرى بعيون «أنا الحقيقى»، وما به من قوة، وعدل وموضوعية. وتلك رحلة حياة تستحق المحاولة، لمن قرر أن يكون «مسئولا»، ورفض أن يظل «ضحية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.