نجاح تجربة قناة «نايل سينما» يثبت أن التليفزيون المصرى قادر على منافسة القنوات الفضائية الخاصة لو تم استبدال القيادات التقليدية بقيادات أخرى أكثر وعياً وانفتاحا على التجارب التليفزيونية الحديثة، ولها خلفية قديمة فى التعامل مع الإعلام الخاص، وهو ما يتوافر فى المهندس أسامة الشيخ رئيس الإذاعة والتليفزيون الحالى، وعمر زهران رئيس قناة «نايل سينما» والاثنان عملا لفترة طويلة فى فضائيات عربية، واكتسبا خبرات غير محدودة فى العمل الإعلامى الحديث، على عكس قيادات تليفزيونية أخرى تعودت على الروتين والبيروقراطية والقواعد الإدارية العتيقة التى تكبل تلك العقليات وتشل حركتها وتجعلها تقاوم بشدة أية محاولات للتجديد أو التطوير. والجميل فى تجربة «نايل سينما»أنها تحاول الاستفادة من كل الخبرات وتتيح الفرصة لكوادر قديمة ومخضرمة مثل يوسف شريف رزق الله، ووجوه جميلة شابة لمذيعات مجتهدات ومثقفات مثل هند القاضى وشيراز الوفائى وعمرو حسن يوسف. وأداء القناة فى تغطية فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الأخيرة يستحق الإشادة والتشجيع، وإن كان الاعتماد على «اللوكيشن» الثابت لاستضافة النجوم وصناع الأفلام طوال أيام المهرجان قد أعطى إحساسا بالرتابة والثبات، فى حين جاءت التقارير اليومية عن الأفلام المشاركة والمدارس السينمائية المختلفة لتكسر الإحساس بالملل، وتوفر مادة ثقافية شائقة عن أهم فعاليات المهرجان. ولا يعيب قناة «نايل سينما» سوى المحاولات المستمرة لتملق النجوم والنجمات من خلال الاحتفال بأعياد ميلادهم والمبالغة الشديدة فى الحفاوة بهم، وإن كان هذا الأسلوب يحقق للقناة شعبية كبيرة فى أوساط الفنانين المفتونين بأنفسهم والحريصين دوما على التلميع و«الطنطنة» إلا أنه يأتى فى أحيان كثيرة على حساب المضمون الثقافى والفنى الذى تقدمه القناة، بدليل أنه ليس من بين برامجها برنامج واحد يهتم بتعريف الجمهور بفنون السينما مثل أصول التصوير والمونتاج والدوبلاج وغيرها من المصطلحات التى يقرأونها فى تترات الأفلام ولا يعرفون معناها بدقة، كما أن «نايل سينما» لا تهتم كثيرا بعرض التجارب السينمائية الجديدة، ولا تسلط الأضواء على السينمائيين الشبان، ولا على السينما المستقلة، ولاتعرض إلا فيما ندر أفلاما وثائقية أو تسجيلية ولا تهتم بهذه السينما المظلومة سوى فى أيام تغطية مهرجان الاسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة.. والقناة ترسل فرق عمل كاملة لتغطية مهرجانات عربية مثل دبى والدوحة وأبو ظبى وتتجاهل فعاليات سينمائية أهم لدول لها باع طويل فى إنتاج الأفلام مثل نيجيريا وبعض دول أمريكا اللاتينية لمجرد أن الجمهور المصرى لا يعرف الكثير عن سينما هذه الدول، ولكن هذا كله لا يقلل من الجهد الواضح الذى يبذله فريق العمل بقناة «نايل سينما» ونرجو أن يكون دافعا لقنوات مصرية أخرى للسعى إلى النهوض بمستوى ما تقدمه وتجديد وتطوير نفسها.