تشهد ساحل العاج التى كانت نموذجا للاستقرار فى غرب أفريقيا عدم استقرار بسبب انتخابات الرئاسة التى أجريت أواخر الشهر الماضى والتى تهدف فى الأساس إلى إنهاء سنوات من أزمة انقسمت فيها البلاد إلى قسمين بفعل حرب أهلية فى 2002، وبدلا من أن تجلب الانتخابات الهدوء والاستقرار أصبحت ساحل العاج مهددة بنذر الحرب الأهلية مرة أخرى وترجع أحداث الأزمة الحالية إلى إعلان المجلس الدستورى الرئيس المنتهية ولايته «لوران جباجبو» رئيسا للبلاد على الرغم من إعلان اللجنة الانتخابية فوز زعيم المعارضة الحسن وتارا على منافسه الرئيس الحالى «لوران جباجبو» فى جولة الإعادة وحصوله على 54.1% من أصوات الناخبين. وقانونا يتعين على اللجنة الإعلان عن الفائز فى الانتخابات على أن يتم تأكيدها أو رفضها من قبل المجلس الدستورى. لكن المجلس الدستورى يرأسه أحد المساعدين المقربين للرئيس «جباجبو» الذى أعلن بطلان النتائج المؤقتة التى أعلنتها اللجنة الانتخابية بفوز «وتارا» على منافسه «جباجبو». وتظاهر عشرات الآلاف من أنصار «وتارا» فى مدينة «بواكيه» الشمالية مطالبين «جباجبو» بتنحيه. وأكدوا أنهم لن يقبلوا أى قرار من المجلس الدستورى بإعلان نتائج غير تلك التى أعلنتها اللجنة المستقلة للانتخابات بفوز «الحسن وتارا». ويخشى الكثيرون من المراقبين للوضع الداخلى فى ساحل العاج من تجدد الحرب الأهلية. خاصة بعدما أعلن «الحسن وتارا» تنصيب نفسه رئيسا للبلاد بعد ساعات من أداء «لوران جباجبو» اليمين الدستورى لتصبح «كوت ديفوار» أول دولة أفريقية يتنازع السلطة فيها رئيس سابق وآخر فائز فى الانتخابات وتفاقمت الأزمة بقيام كل منهما بتشكيل حكومة خاصة به. وقد رفض قادة العالم وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى باراك أوباما، والأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى إعلان فوز «جباجبو» وقالوا إن «وتارا» الرئيس الشرعى للبلاد كما أعلن مجلس السلم والأمن فى الاتحاد الأفريقى تأييده «وتارا» مؤكدا رفضه أية محاولة تهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع كما دعا رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو «جباجبو» إلى احترام نتيجة الاقتراع. وفى القمة الطارئة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والتى عقدت فى أبوجا بنجيريا لمناقشة الأزمة الحالية أعلنت الدول الأعضاء الخمس عشرة عن تأييدها ل «وتارا» رئيسا للبلاد. فى حين هدد مجلس الأمن الدولى باتخاذ الإجراءات الملائمة ضد من يعرقلون العملية الانتخابية، كما أعلن الاتحاد الأوروبى عزمه النظر فى مساعدات التنمية إلى ساحل العاج والتى تقدر ب 338 مليار دولار فى حال عجزها عن تسوية الخلاف القائم بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية فى حين توجه رئيس جنوب أفريقيا السابق «تابومبيكى» مبعوث الاتحاد الأفريقى إلى ساحل العاج إلى «إبيدجان» فى محاولة لإيجاد حل لملف الأزمة المفتوح على كافة الاحتمالات.