..ليس هناك اتفاقية دولية حول دولة من الدول فى العالم أثارت جدلا منذ توقيعها وحتى اليوم مثل اتفاقية دايتون للسلام فى البوسنة التى وقعها فى 21 نوفمبر 1995 رؤساء البوسنة وكرواتيا وصربيا، على عزت بيجوفيتش، وفرانيوتوجمان، وسلوبودان مليسوفيتش، وضمنّت الاتفاقية عدة دول فى مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. .. سلوبودان شوجا سفير البوسنة والهرسك بالقاهرة أكد أنه بعد 15 عاما على توقيع الاتفاقية لم تعد مشاكل البوسنة والهرسك دينية ولكنها مشاكل اقتصادية فى الأساس، جاء ذلك خلال لقائه بالصحفيين الدبلوماسيين بنقابة الصحفيين والذى نظمته رابطة صحفيى الشئون الخارجية بالنقابة. .. سلوبودان شوجا سفير البوسنة والهرسك بالقاهرة، أستاذ التاريخ اليوغسلافى بجامعة باريس سابقا، أكد أن أهم شىء فى هذه الاتفاقية أنها أوقفت الحرب بعد 4 سنوات من القتال المرير. وأضاف السفير أن ما يهمه فى هذه المرحلة هم الأطفال الذين ولدوا بعد الحرب وكيف تأثرت حياتهم، فأمر طبيعى أن تترك كل حرب عواقب بعد أن تنتهى وما ينتج عنها من أشياء مريرة، فهناك أعراق ودويلات يعيش بعضها مع بعض وشكل الحياة الذى تغير بعد الحرب. وأشار سلوبودان إلى أن المدرسة وشكلها هى واحدة من أهم القضايا الحاسمة.. والسؤال الآن أصبح ينصب على قضية التعليم فى البوسنة إذا كان جيدا أم لا؟ وقال: كنت مدرسا مساعدا فى جامعة سراييفو وكنت محظوظا لترك البوسنة قبل الحرب، والملايين لم يكن لديهم هذا الحظ وعشت فى فرنسا، حيث درست فى جامعة باريس، ولهذه الأسباب التعليم شىء مهم جدا من وجهة نظرى، فاليوم نرى مدارس للبوسنيين وأخرى للكروات ومدارس للصربيين وكلها تختلف عن بعضها، ويدرسون لهم كيف أن الآخرين هم أعداؤك ويتلقون فى هذه المدارس سموم الفرقة. كورال الأمل/U/ وأضاف أن بعض الأطفال فى مدرسة صربية ذات مرة التقوا بآخرين فى مدرسة فى وسط سراييفو وحدث تقارب بينهم لأنه أصبح هناك اتصال وأكد أنه متفائل ولا يوجد سبب للتحدث عن الماضى طوال الوقت، والأطفال هم الأمل، لأنهم أبرياء. وذكر سلوبودان قصة مهمة تتعلق بالتعايش، فقد ولد فى سراييفو وكان لديه صديق اسمه فرانسيس وهو كاثوليكى أنشأ كورالا موسيقيا بعد اتفاقية دايتون بيوم واحد وكون هذا الكورال من مسلمين ويهود وكروات وصرب من حوالى 50 أو 60 مغنيا من أعراق مختلفة وقرروا أن يغنوا أغانى دينية فقط وهو ما يعنى أنهم يغنون أغانى يهودية ومسيحية وإسلامية، إذن فالكورال بمختلف أعراقه يغنى للثلاث ديانات وهؤلاء هم الطبيعيون ولكن المجانين هم الذين دقوا طبول الحرب، وعندما نظمت اليونسكو حفلا لهذا الكورال وحضره 1200 مشاهد بكت سفيرة ألبانيا متأثرة بما كان يحدث مع أنهم هواة وليسوا محترفين. وأضاف السفير أن أحد هؤلاء المغنين كان طبيبا مسلما وكان يعانى من آلام فى المعدة كلما تذكر مشاهد القتل، وبعد شهر واحد من الغناء مع الكورال أصبح سعيدا ويشعر بتحسن بسبب هذه الأغانى الجميلة. وأكد السفير أن الدين والجنسية ليسا المشكلة.. بل المشكلة الحقيقية هى الاقتصاد الضعيف ومحاربة الفساد، وحكومتنا الجديدة سوف تنشغل فقط بالاقتصاد والحلول العاجلة للأزمات ومحاولة وضع البلاد على المسار الصحيح حتى نصبح أعضاء فى الاتحاد الأوروبى، لأنه هو الحل المثالى لمشاكل البوسنة لأننا لسنا حتى على قائمة الانتظار لخمس سنوات والتى عادة ما تنتهى بالعضوية، ولكننا على الطريق وشىء مهم جدا حدث وهو وجود ثلاثة أنظمة للتأشيرات أتاحت للبوسنيين دخول دول الاتحاد الأوروبى بدون تأشيرة ما عدا بريطانيا التى لها نظامها الخاص وإذا ما حدث ذلك سوف يتعود البوسنيون على السفر والانتقال إلى المجتمعات المنظمة المتعددة الأعراق، وبالتالى ستتطور أفكارهم وكل ما علينا أن نفعله أن نكون صبورين، ولذلك سوف نحتاج لبعض الوقت وإلى تعليم جيد وتطبيق روح كورال البوسنة وغيره ليكون لدينا نماذج متعددة من ذلك. وأشار قائلا: هذه بعض الأفكار وأحاول أن أعطيكم لمحات كى تفهموا الأوضاع، فعندما حضرت لمصر قال وزير الخارجية المصرى إن البوسنة دولة ذات أهمية خاصة إلينا والجميع يردد هذه الكلمات حتى أصحاب المحلات والمتاجر فى خان الخليلى لذلك أجد كل الأبواب مفتوحة أمامى، ومصر أيضا دولة مهمة إلينا، فالعلاقة بيننا علاقة أشقاء وعلاقات مثالية جدا. وقال السفير: أنا سعيد أنه فى السنتين الأخيرتين نظمنا زيارات على مستويات عالية، والرئيس البوسنى حارث سلاجيتش عضو مجلس الرئاسة زار القاهرة فى نوفمبر 2009 وأعضاء المجلس الرئاسى حضروا فى فبراير 2010 فى شرم الشيخ، وكذلك لنا علاقات طيبة مع رئيس الوزراء المصرى ورئيس البرلمان البوسنى سوف يحضر إلى مصر فى أبريل وتهدف هذه المحادثات فى الأساس إلى تنظيم زيارات لعمل مشاورات سياسية تحدد آفاق التعاون المستقبلية. وكذلك لدينا مشروع تبادل ثقافى من خلال تبادل التراث، فالعازفون البوسنيون سوف يعزفون على آلات موسيقية بوسنية قديمة فى مارس المقبل من خلال عشرة فنانين بوسنيين سيقيمون حفلات مشتركة مع عازفين مصريين فى أربع مدن مصرية هى الإسكندرية وأسوان وبورسعيد والقاهرة والدكتور انتصار عبد الفتاح المسئول عن قصر الغورى وهو مسئول عن فن الارتجال وعن هذا المشروع. دور المثقفين/U/ وأكد أن الأجواء فى البوسنة تحتاج إلى دور المثقفين، بحيث يسعى الجميع إلى تحسين الأوضاع وتحقيق التواصل بين الجميع لأن هذا ما سوف يساهم فى حل كل المشاكل البوسنية ومع الوقت سوف تنتهى كل كيانات يوغسلافيا بعد الانضمام للاتحاد الأوروبى. وقال: لسنا نادمين على اختفاء يوغسلافيا السابقة، ولكن على الطريقة التى اختفت بها يوغسلافيا والتقسيم الحالى ما هو إلا مجرد تقسيم سياسى. وأشار إلى أن البرلمان الصربى اعترف بتورطه فى حرب البوسنة، وذلك سوف يفتح الباب فى المستقبل للاعتذار.. ولدينا نماذج للتعايش، فمنذ أربع سنوات بدأت ألمانياوفرنسا تدريس التاريخ المشترك بينهما لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك هناك الطفلة البوسنية (ميلا) والتى قتل والداها فى الحرب وتربت ونشأت فى كنف عائلة صربية.