«أمل» هو اسمها وتحيا هى وأسرتها على الأمل.. «أمل» فتاة لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها.. تجرعت كأس المرارة هى وأسرتها حتى الثمالة.. هى بنت ولكنها مختلفة عن البنات المحيطات بها.. ضعيفة.. مسكينة.. منكسرة.. واهنة لا يراها من حولها إلا وهى راقدة على سرير.. متألمة.. لا حول لها ولا قوة حتى «أبوها وأمها» مثلها ينظران إليها يحاولان مساعدتها ولكنهما أيضا لا يملكان شيئا فهما أيضا لا حول لهما ولا قوة.. طرق الأب جميع الأبواب منذ ظهر عليها المرض وأعراضه.. وتتذكر الأم كيف كانت الطفلة الجميلة زهرة من الزهور المتفتحة فى بستان حياتها.. كيف كانت تلعب وتلهو وتملأ الدنيا حولها بالضحك واللعب؟.. كيف كانت تشعر بالدفء والحنان وهى فى أحضانها؟.. كيف كانت تخطو أمل خطواتها الأولى نحو الأنوثة؟.. كيف كانت تنظر لها بإعجاب وتدعو الله أن يصورها بنتا بكل ما تحمله الكلمة من معان؟.. كانت تحلم أحلاما وردية لا ولأخواتها الثلاث الأخريات ولكنها استيقظت فجأة من حلم اليقظة الذى تعيش فيه على واقع مرير أحال حياتها وحياة أسرتها إلى جحيم. الزهرة الجميلة بدأت أوراقها تذبل.. ضحكتها التى كانت تملأ البيت خفتت بدأت تعانى من آلام مبرحة فى جميع أنحاء جسدها الصغير.. أصبحت غير قادرة على اللعب أو حتى التنقل من حجرة إلى حجرة.. باتت غير قادرة على الذهاب إلى المدرسة.. الأم تخفف عنها ولكن قلبها يشعر بأن هناك شيئا ما أصاب ابنتها الحبيبة.. تطلب من الأب أن يذهب معها ومع الابنة إلى المستشفى.. فحصها الطبيب طلب إجراء تحليل سريع حتى يتأكد من شىء من نفسه.. وظهرت نتيجة التحليل وكأنت تحمل مفاجأة بل طامة كبرى.. لم تكن تحظر ببال الأب والأم.. الابنة المسكينة مصابة بسرطان بالدم وأنها فى حاجة سريعة للعرض على أطباء مستشفى سرطان الأطفال بالقاهرة.. اضطر الأب أن يأخذ إجازة من عمله فهو موظف صغير بإحدى إدارات النقل فى محافظته التى تقع شمال الدلتا ويصطحب الزوجة والابنة إلى القاهرة ليتأكد بنفسه أن ابنته مصابة فعلا بسرطان الدم، كما شخّص الطبيب وجاء تأكيد الأطباء المتخصصة صادما له.. بل أكدوا له أن الابنة فى حاجة للتواجد بالمستشفى لفترة حتى تخضع لجلسات العلاج الكيماوى والإشعاعى.. وأسقط فى يده.. بالفعل ترك الابنة مع أمها وعاد إلى قريته ليتولى هو رعاية بناته الثلاث وأخيهم الطفل الذى لم يتجاوز الخامسة من عمره.. أما الأم فالله فى عونها عاشت مرارة رحلة العلاج مع ابنتها المسكينة ثانية بثانية وألم بألم. عامان تحولت فيهما الزهرة إلى أوراق ذابلة تتساقط يوما بعد يوم وتطير فى فضاء الدنيا الواسعة.. رحلة طويلة وسفر أطول مابين قريتهم فى شمال الدلتا والقاهرة وبالعكس.. رحلة عذاب صرفت فيها الأسرة كل ما ادخرته من أجل البنات واستدان الأب لأن راتبه لا يتعدى 200 جنيه شهريا.. واضطرت الأم أن تمد يدها تطلب العون من هنا وهناك، ثم أرسلت تطلب مساعدتها من أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة.. فهل تجد؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية؟.