من خلال أكثر من عشرين لوحة فنية استطاع عدد من رسامى الكاريكاتير المصريين تسجيل المأساة التى شهدتها مدينة هيروشيما اليابانية فى الحرب العالمية الثانية عندما قُذفت بأول قنبلة ذرية فى التاريخ بواسطة القوا ت الأمريكية. فاللوحات التى صورت بدقة هذه المأساة يضمها حاليا معرض «كاريكاتير هيروشيما» والذى نظمته السفارة اليابانية بالقاهرة بالتعاون مع اتحاد منظمات رسامى الكاريكاتير «فيكو» مصر.وجاءت بعض الرسومات لتناهض الحرب وتدعو للسلام ففى المجموعة التى رسمها أحمد عبدالنعيم رسام الكاريكاتير جاءت إحدى لوحاته تحمل نداء إلى كل سكان العالم بألا تغيب ذكرى هيروشيما التى مضى عليها 65 عاما ولاينسوا منظر دماء الأطفال التى أسيلت فى هذه المأساة. وباستخدام الحروف الانجليزية لكلمة هيروشيما استطاع الرسام فوزى مرسى أن ينسج قصيدة غير مقروءة تتناول مصطلحات الخضرة والحب والسلام حيث استخدم أغصان الزيتون والقلب وعلامة النصر ليعبر عن هدفه الأسمى من اللوحة التى تدعو لتحقيق السلام. أما محمد عطية فقد عكست إحدى لوحاته مدى الضيق والحزن الذى انتاب «القمر» بسبب تلك الفعلة الشنيعة، وكذلك الحال للفنان محمد عفت الذى استخدم بعض الرموز اليابانية «الهياكل» فى صورة تظاهرية للتعبير عن ضرورة وقف استخدام الأسلحة الذرية على نجازاكى. وقد عبرت سماح فاروق فى لوحتها وهى عبارة عن «حمامة سلام» تحمل فى فمها غصنا لسنبلة خضراء وجاءت الحمامة تحمل ألوان علم اليابان لتقول إن اليابان تدعو للسلام الذى يجب أن يعم، أما الفنان تامر يوسف فقد استخدم محارب الساموراى اليابانى فى إحدى اللوحات وهو يستعد لضرب القنبلة الذرية بسيف يحمله فى يده وكأنه يقول إن اليابانيين سوف يحاربون استخدام الأسلحة الذرية. وجاءت لوحة محمد الصباغ لتصور علم اليابان وكأنه يبكى بعد هذا الحادث المروع وقد أحدث بذلك اسقاطا على الشعب اليابانى كله وحزنه الشديد من هول هذه المأساة. معنى الذكرى ويقول هاجيمى كيشيمورى مدير مركز الإعلام والثقافة خلال الاحتفالية التى شهدت تكريم المشاركين من خلال فنهم والرسومات المعبرة التى تمجد فى السلام: إننا عندما نحتفل بذكرى هيروشيما والمأساة التى شهدتها مدينة هيروشيما اليابانية لم تكن إلا احتفالا بالانجازات التى تحققت بعد المأساة وتغلبنا على أحزاننا وعبور الأزمة حتى تكون الصرح اليابانى الذى نراه وليس احتفالا بالذكرى الأليمة. وأوضح أننا فى اليابان لا نغنى بالسلاح ولانفخر بالقوة بل نحرص على أن نغرس حب البناء والسلام، وأن ذلك يعد حقا انتصار الأقوياء فالطفل فى اليابان الآن تجده دائما مايرفع يده بشعار السلام والبناء. لا نكره أمريكا وأضاف مدير مركز الاعلام والثقافة أننا فى اليابان على الرغم من الذكرى الأليمة بكل ما تحملها ليهروشيما إلا أننا لانكره أمريكا ولكننا نكره السياسة الأمريكية، فلا عجب عندما نجد أن الأمريكيين يعيشون فى اليابان ويمارسون حياتهم التجارية والعملية بصورة طبيعية فلهم محلات تجارية كثيرة ولم نفكر يوما فى طرد واحد منهم. وأكد على سعى اليابان الدائم لمنع انتشار الأسلحة النووية فى العالم وطرح السلام فى الشرق الأوسط لأننا مازلنا نخشى من تكرار نفس السيناريو مع أى مدينة فى العالم. وواصل حديثه قائلا: فأنا عندما أقابل أحد الناجين من هذه المأساة أطالبه بأن يحكى ما حدث لهم وينشر ذلك على مستوى العالم أجمع. وأوضح أن «البيس بارك» أحد أهم المعالم اليابانية دليل على أن اليابانيين لم ينسوا ضحاياهم فى هذه المأساة حيث تحدوا الظروف وجعلو من موقع القنبلة حديقة خضراء نافين بذلك ما أكده الجميع بأن هذه المنطقة لن تنبت بالخضرة مرة أخرى ومؤكدا أنهم فى اليابان يقومون بزيارة لهذا المكان ويقدمون أكاليل الزهور لضحايا القنبلة. وتقول مايومى كنيوشيتا إحدى المنظمات للمعرض وتجيد اللغة العربية: إن هذا المعرض فرصة حتى نفكر ونتذكر ما حدث فى هيروشيما من الجانب الثقافى والفنى وليس العسكرى موضحة أن إقامة المعرض فى هذا التوقيت ليس مرتبطا بموعد أو ذكرى مؤلمة لأننا نحرص على أن نتذكر هيروشيما طوال السنة فى كل وقت. بكاء وأوضحت أن فكرة المعرض جاءت عن طريق بعض الرسامين المهتمين بهيروشيما فتم تبنى الفكرة ودعوت إلى ذلك بالتعاون مع اتحاد منظمات رسامى الكاريكاتير «فيكو» مصر وكانت هناك لجنة لاختيار الأعمال مؤكدة أنه كان هناك حرص من هذه اللجنة على رفض الشئ الذى يدعو إلى الحرب. وتقول دعاء أحمد عبدالسميع وهى إحدى الدارسات بجامعة ياماغات اليابانية: إنها مازالت تذكر زيارتها إلى متحف هيروشيما إلى يومنا هذا، وأنها لم تستطع التوقف عن البكاء عند مشاهدتها للفيلم التسجيلى عن القنبلة الذرية التى ضربت هذا المكان. وأضافت: لكن بمجرد خروجى من المتحف أبهرنى منظر البروج والحدائق الباهرة التى قيل عنها إنها لن تنبت بالعشب الأخضر ثانية. واختتمت دعاء كلامها قائلة: أتمنى أن يمتلك العالم كله قوة الإرادة التى استطاعوا بها تحويل كل واقع مظلم مدمر إلى واقع بناء. يذكر أنه قد تم تكريم جميع رسامى الكاريكاتير الذين شاركوا فى المعرض وقام السفير اليابانى بالقاهرة كلورو إشيبكاو بتسليم الفائزين شهادات تقدير وبعض الهدايا التذكارية والتقط معهم بعض الصور التذكارية حيث شارك فى المعرض 10 فنانين مصريين من بينهم فنان سودانى وهم: محمد عفت رئيس اتحاد «فيكو» مصر وتامر يوسف وأحمد عبدالنعيم ومحمد رضا ومحمد عطية وسماح فاروق ومحمد الصباغ وطه حسين والفنان السودانى طلال ناير. الجدير بالذكر أن الفنان فوزى مرسى رسام الكاريكاتير بمجلة أكتوبر شارك فى المعرض برسم مميز تم طبعها على كروت وعرضها للزائرين.