«اقتل الصالح من غير الإسرائيليين.. وحرام على اليهودى أن ينجى أحداً – من باقى الأمم – من الهلاك.. أو يخرجه من حفرة يقع فيها.. لأنه بذلك يكون قد حفظ أحد الوثنيين». هذا جانب مما جاء فى تلمود اليهود عن الأغيار.. أى غير اليهود! فهم أعداء لكل الأمم والملل والنحل! هذا هو أساس «الدولة اليهودية» التى زاد الحديث عنها وأصبحت شرطاً من شروط السلام.. أو سيفاً تضعه إسرائيل على رقاب العباد.. من العرب والفلسطينيين، والحقيقة والواقع يؤكدان أن إسرائيل بالفعل دولة يهودية عنصرية.. بل تكاد تكون هى الوحيدة والمتفردة فى العالم بعد انتهاء نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا. ولا نبالغ إذا قلنا إن عنصرية إسرائيل تفوقت على كل العنصريات الأخرى.. بما فيها نظام «الأبارتهايد» المندثر.. فهى عنصرية تقوم على أساس الدين.. وليس الجنس أو العرق أو اللون.. كما حدث لأمم أخرى.. تراجعت عن عنصريتها.. وعادت إلى رشدها.. عن قناعة. فالديانة اليهودية – بغض النظر عن التحريف الذى أضافه أحبارهم وحاخاماتهم إليها – هى جوهر وعماد إسرائيل.. وبدونها لن تستمر.. وسوف تفنى، نعم إنهم جميعاً يدركون ذلك فى إسرائيل.. علمانيين ومتدينين أو حتى أدعياء التدين.. أشكناز وسفارديم.. ويجب ألا تنطلى علينا ألاعيب الصقور والحمائم.. والمتشددين والمتساهلين.. فالكل يهود.. هدفهم واحد واستراتيجيتهم واحدة.. وإن تنوعت الأشكال والمظاهر المصطنعة.. ادعاءً للديمقراطية والحرية الكاذبة! إسرائيل اليهودية العنصرية.. تؤكد للعالم بأسره.. وللعرب والمسلمين تحديداً.. أن جوهر الصراع دينى.. كان ومازال وسيظل.. هى تؤكد ذلك.. رغم أن أغلب العرب يرون غير ذلك ويريدون نزع السلاح الدينى المصطنع من أيدى اليهود، ولكنهم - وللأسف الشديد – يجب أن يدركوا أن الطرف الآخر (إسرائيل) مازال يعتبرهم أعداء.. جديرين بالقتل والسحل والتدمير! نحن نقول إن استراتيجيتنا هى السلام.. وهم يؤكدون كل يوم وكل لحظة أن جوهر هويتهم وهدفهم هو القتل والعدوان.. حدث ذلك بالأمس مراراً.. ومازال مستمراً .. ومن الوارد جداً أن يتكرر قريباً.. قريباً! وإسرائيل عندما تعلن أنها يهودية فقط.. فإن هدفها الواضح والقاطع هو إبعاد العرب وتصفيتهم من أرض فلسطين التاريخية الواقعة داخل الخط الأخضر.. ولم يتوان كثير من أحبار وساسة اليهود عبر العقود فى الإعلان صراحة عن رغبتهم فى تحقيق هذا الهدف.. حتى تصبح الدولة الإسرائيلية.. يهودية خالصة. والاستيطان الإسرائيلى هو إحدى الوسائل لتحقيق هذا الهدف.. فهو يأكل الأرض والضرع.. ولا يترك مجالاً – مع مرور الوقت – لإقامة الدولة الفلسطينية عليها، فإسرائيل تمارس سياسة الأمر الواقع.. هى وحلفاؤها بأبشع الصور والوسائل.. لقد قامت على أنقاض الشعب الفلسطينى.. كما قامت الولاياتالمتحدة على أطلال الهنود الحمر! إنه توافق فكرى وأيديولجى غريب.. يبيح قتل الاخرين.. ولايعترف إلا بمنطق القوة الغاشمة.. ولعل الحملات الصليبية والاستعمارية التى شهدها العالم على مدى قرون تؤكد هذه القناعة الايديولوجية الفاسدة. وممارسات إسرائيل – وحلفاؤها أيضاً – تؤكد أن الصراع العربى الغربى قائم ولم ينقطع.. فالحروب مازالت مستمرة.. وربما تتواصل.. وهذه الاستفزازات الإسرائيلية هدفها تهيئة المناخ للمعارك القادمة.. واستغلال التوقيت المناسب – إقليمياً ودولياً – لإشعال فتيل معركة جديدة. السؤال الذى يفرض نفسه: لماذا تطرح إسرائيل الاعتراف «بالدولة اليهودية» شرطاً للسلام؟ ولماذا تطرحه الآن.. وبإلحاح؟! أولاً.. لأنها تدرك – من خلال وجهة نظرها القاصرة – أن العرب فى أضعف حالاتهم.. وأن هذا هو التوقيت المناسب والأمثل لفرض مزيد من الشروط.. وتحقيق مزيد من التنازلات.. قسراً وضغطاً.. إنها ترى أن الضعف والهوان والتمزق العربى فرصة ذهبية لها.. ليس فقط لإعلان يهوديتها العنصرية.. بل لتحقيق أهداف أخرى تتجاوز ذلك بكثير.. إنها تخطط لتصفية كل مظاهر القوة والتميز لدى دول المنطقة – يساعدها فى ذلك حلفاؤها – لتظل هى السيد الأقوى المسيطر الذى ينفذ استراتيجية الغرب، ولكنها لا تدرك أو تتعامى عن إدراك أن الواقع الجيوبوليتكى قد تغير.. فهى ليست الدولة الأقوى فى المنطقة.. رغم كل مظاهر القوة التقليدية والتسليح النووى والكيماوى والتفوق التكنولوجى.. فإسرائيل اليوم أضعف كثيراً من الأمس.. وربما تكون أشد ضعفاً فى الغد.. لسبب بسيط.. هو أن القوة والعدوان والاحتلال والقهر لا يصنع سلاما.. بل يضاعف بذور الحقد والكراهية لها بمعنى آخر.. فإن سياسات إسرائيل والغرب تربى أجيالاً جديدة أشد رغبة فى مواجهتها والقضاء عليها.. نعم إنها تصنع أعداءها بأفعالها.. وبيدها! إسرائيل بإعلان يهوديتها العنصرية تحاول استغلال تحولات مواقف بعض الأطراف الدولية.. خاصة روسيا والصين والهند.. فهذه القوى العالمية الكبرى لم تعد كما كانت تقليدياً تؤيد الحقوق العربية وتدافع عنها انطلاقا من التزام أيديولوجى أو سياسى.. لقد اختلت الموازين.. وتغيرت الحسابات.. وأصبحت لغة المصالح – التى تستغلها إسرائيل أشد استغلالاً – هى السائدة والمسيطرة.. وها هى ذى روسيا توقع اتفاقا عسكريا مع إسرائيل.. وتمتنع عن تنفيذ صفقات السلاح لإيران.. بل إن الصين موقفها غير مفهوم بشأن القدسالشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية. نعم نحن نشهد تحولات إقليمية ودولية متسارعة، ولكن هذا لا يبرر لهذه القوى التى كانت مؤيدة للحق العربى أن تغير مواقفها بصورة دراماتيكية حادة.. ولغة المصالح التى تجيدها إسرائيل.. يجب أن يتعامل بها العرب مع الجميع أيضاً.. بما فيها هذه القوى المؤثرة.. وبحسابات الأرقام الدقيقة. فإن لهذه الدول مصالح أكبر وأهم معنا.. نحن العرب، ولكننا للأسف الشديد لا نتحرك ككتلة واحدة.. مما يغرى الجميع للعب على أوتار التمزق العربى. نعود إلى العنصرية اليهودية لنعدد بعض مظاهرها.. ففى كتابه «فلسطين سلام.. لا تفرقة عنصرية» يقول الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر إن التفرقة العنصرية التى يمارسها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين أسوأ من تلك التى شهدها السود فى جنوب أفريقيا.. وإسرائيل تمارس العنصرية فى كل المجالات.. حتى الطرق والبنى التحتية وفصل الضفة عن القطاع.. وفصلهما معاً عن باقى إسرائيل. الدولة اليهودية تمارس الإرهاب الفكرى بشهر سلاح معاداة السامية أمام الجميع.. ومجرد نقد اليهود أو إنكار محرقة هتلر يستوجب الشجب والمحاكمة والعقاب والفصل من العمل.. بل والإعدام.. دون إعدام! أى الإعدام المعنوى والسياسى والاقتصادى.. دون القتل البدنى! العنصرية اليهودية درجات.. حتى بين اليهود أنفسهم.. سفارديم (اليهود الشرقيين) وأشكناز (اليهود الغربيين).. فهم يرفضون الاختلاط بينهم داخل المدارس رغم أن دولتهم واحدة شكلاً لا موضوعاً! وإذا كان الجنود الإسرائيليون يطلقون على زملائهم الدروز أوصافاً لا تليق فإن أحد الحاخامات أباح لعميلات الموساد ممارسة الرذيلة من أجل إسرائيل! هذه هى بعض مظاهر العنصرية فى الدولة اليهودية التى لا تدرى أنها تسير إلى الهلاك بهذه الرؤية المنغلقة وتلك الممارسات الشاذة والمنحرفة.