من هو الزعيم القادم لحزب العمال البريطانى سؤال مطروح على الساحة السياسية البريطانية و لم تحسمه استطلاعات الرأى ولا أصوات الناخبين بعد، فمع بدء العد التنازلى للإعلان عن الزعيم الجديد للحزب والمقرر الإعلان عنه فى مؤتمر الحزب فى 25 من الشهر الجارى خلفاً لرئيس الوزراء السابق جوردن براون - الذى شغل منصبى زعيم الحزب ورئيس الوزراء منذ يونيو 2007 بعد استقالة تونى بلير – زاد التنافس بين المرشحين الخمسة للمنصب والذى انحصر بشكل خاص بين الأخوان ميليباند المرشحين الأوفر حظا فى الفوز واللذين شغلا حقائب وزارية فى عهد الحكومة السابقة، حيث شغل ديفيد ميلباند - 45 عاما – وزارة الخارجية، بينما تولى شقيقه الأصغر إد - 41 عاما – وزارة الطاقة والاحتباس الحرارى، أما بقية المرشحين فهم وزير التعليم السابق إيد بولز ووزير الصحة السابق إندى بيرنهام وعضوة البرلمان ديان أبوت. وأظهرت استطلاعات الرأى تصدر ديفيد ميليباند قائمة المرشحين بالفوز بنسبه 36,3%، يليه شقيقه إد ب 30,9%، بينما حل اد بولز، القريب من جوردن براون، وبفارق كبير، فى المركز الثالث ب 11%، فيما يزاحمه على هذا المركز كل من النائبة ديان ابوت ووزير الصحة السابق أندى بورنهام مع 10,9%. وقام ديفيد بتقديم نفسه بأنه مرشح النخبة الحاكمة فى بريطانيا والوحيد القادر على توحيد الحزب وإعادته الى السلطة مستفيدا بذلك من دعم أقطاب أساسيين فى الحزب ووسائل إعلامية عدة. كما أقر بالثغرات التى يظهرها حزب العمال الجديد، مؤكداً أن الحزب ينبغى أن يفاخر بسجله السياسى. كما يسعى ديفيد إلى كسب ثقة الرأى العام دون إهمال ناخبى الوسط، الذين يعدون احد المفاتيح الانتخابية الأساسية للفوز. فى المقابل ينتقد إد ميليباند الشقيق الأصغر جنوح بريطانيا إلى منحى أقل عدالة اجتماعية فى ظل حكم العماليين، معتبرا ان الحزب العمالى منذ تولى تونى بلير أصبح «مهووسا» بحركة الاسواق وتحول إلى «حزب العلاوات المصرفية».كما أعرب إد عن رفضه «الرأسمالية على الطريقة الامريكية»، وعن تأييده لتوزيع أكثر عدالة للدخل. وعلى الرغم من تقدم ديفيد منذ بداية الحملة الانتخابية، إلا أن إحدى المفاجأت التى أظهرها استطلاع للرأى أجرته صحيفة الصنداى تايمز البريطانية والذى نشر مؤخراً كانت تقدم إد الشقيق الأصغر ليحتل الصدارة بفارق ضئيل عن شقيقه ديفيد. ومن جانبه حذر ديفيد من مخاطر بقاء الحزب خارج السلطة لفترة طويلة قد تصل الى ثلاث أو أربع دورات انتخابية فى حال اختيار زعيم خاطىء للحزب خلفا لرئيس الوزراء السابق جوردن براون. وطبقا لما نشرته صحيفة الاندبندنت البريطانية نقلا عن مصادر مقربة من الطرفين فقد أثرت هذه الانتخابات سلبا على علاقة الشقيقين اللذين كانا معروفين بتقاربهما الشديد، حيث تحولت هذه الانتخابات إلى صراع بينهما على الرغم من تأكيدهما المستمر على قوة علاقتهما وارتباطهما ببعضهما. وفى هذا السياق أكدت والدتهما ماريون كوزاك - 75 عاما - أنها تشعر بالقلق من تأثير هذه الانتخابات على والديها مؤكدة أنه مهما كانت نتيجة الانتخابات التى ستسفر عن فوز أى منهما ففى المقابل لن تعود العلاقة بينهما كما كانت. يذكر أن الشقيقين تعلما السياسة من والدهما الراحل، المنظر السياسى الماركسى البولندى الأصل رالف ميليباند والذى كان أهم مثقفى اليسار البريطانى خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، قبل وفاته عام 1994، كما تخرج الاثنان فى جامعة أكسفورد فضلا عن أن كلايهما لديه تاريخ سياسى مشرف منذ انضمامهما إلى صفوف حزب العمال. ولكن السؤال الذى مازال مطروحا على الساحة السياسية هو من يتولى زعامة الحزب خاصة أنه سيكون محملا بإرث ثقيل للنهوض به من أجل خوض الانتخابات أمام الحكومة الائتلافية للمحافظين فى الانتخابات القادمة؟!