جنون التسلح فى المنطقة فى خط بيانى متصاعد، بالتوازى مع التسلح الإسرائيلى والتسلح الإيرانى وسباق الصواريخ.. الخليج العربى خط تماس مباشر، فى غمرة التوترات المتزايدة مع إيران، وتتصدر السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين لائحة الزبائن، وفى الوقت نفسه يسعى العراق إلى استعادة قواه الذاتية لسد الفراغ الأمنى الناتج عن الانسحاب العسكرى الأمريكى. آخر التقديرات تقول إن حجم الصفقات العسكرية التى تعاقدت عليها دول المنطقة يزيد على مائة مليار دولار للسنوات المقبلة، وسوف تتجاوز سقف المائة مليار اعتباراً من عام 2014 أى ما يوازى 11% من حجم الإنفاق العالمى على السلاح بدلاً من 7% فى الوقت الحاضر.. فما سر هذا الهوس؟ المعلومات الصادرة عن معهد «استوكهولم الدولى لأبحاث السلام» أكدت أن حجم الإنفاق العسكرى فى عام 2009 وصل إلى 1.46 تريليون دولار، أى ما يوازى 2.4% من مجموع الدخل العالمى فى عام 2009، بزيادة تبلغ 45% على عام 1999، وترى شركة «سوليفان آند فروست» الأمريكية للأبحاث أن الميزانيات العسكرية فى دول الشرق الأوسط تسير صعوداً فى اتجاه تجاوز حد مبلغ 100 مليار دولار فى السنوات الخمس القادمة. وقبل أيام نقل الكاتب الأمريكى جوناثان كوك، عن محللين عسكريين قولهم إن دولتين من أهم الدول الحليفة للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط إسرائيل والسعودية، أصبحتا على قاب قوسين من التوقيع على صفقات أسلحة أمريكية فى سياق خطة مصممة لزيادة الضغوط على إيران، وذكر الكاتب أن الولاياتالمتحدة وافقت أن تبيع للسعودية 84 طائرة من أحدث الطرازات المقاتلة (إن- 15) بالإضافة إلى عشرات الطائرات الهليوكوبتر من نوع «بلاك هوك» وتشمل الصفقة أيضاً إعادة وتجهيز وتطوير العديد من طائرات (إف -15) القديمة لدى السعودية. من جهتها قالت صحيفة (وول ستريت جورنال) إن إسرائيل عارضت هذه الصفقة، البالغة قيمتها 30 مليار دولار، لكن شركة (بوينج) التى تنتج مقاتلات (إف - 15) تعهدت للدولة العبرية بأنها لن تزود الطائرات السعودية بأحدث أنواع الأسلحة، وأنظمة الطيران المتطورة، التى يستخدمها الجيش الأمريكى، وذكرت الصحيفة أن آخر صفقة أسلحة كبيرة بين أمريكا والسعودية كانت قد عقدت فى عام 1992 عندما تسلمت السعودية 72 مقاتلة من طراز (إف - 15) وفى ذلك الوقت حاولت إسرائيل أيضاً منع الصفقة، التى بلغت قيمتها 9 مليارات دولار، وساءت علاقاتها مع إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الأب. فى المقابل تستعد الولاياتالمتحدة لتزويد إسرائيل بطائرات (إف - 35) المتطورة جداً، التى تصنعها شركة «لوكهيد مارتن) والتى تعرف باسم الشبح، وفى السياق نفسه، قالت صحيفة «جارديان» إن الولاياتالمتحدة وافقت على لائحة طويلة من المعدات العسكرية التى ستبيعها إلى دول عربية حليفة فى منطقة الخليج، ويمكن أن يصل ثمنها إلى أكثر من 60 مليار دولار لكل من الكويت وعمان والإمارات وقطر. وكشفت صحيفة (تايمز) اللندنية، عن عقد الإدارة الأمريكية صفقات أسلحة واسعة النطاق مع عدد من الدول العربية المعتدلة، لتزويدها بوسائل عسكرية متقدمة لمواجهة التطور العسكرى الإيرانى، وأوضحت أنه سيتم تزويد السعودية والأردن والإمارات، بصواريخ مضادة للسفن والدبابات وبقنابل ذكية وقنابل خارقة للتحصينات تحت الأرض، كما ستشمل المبيعات 2742 صاروخاً مضاداً للدبابات إلى السعودية، بقيمة 177 مليون دولار لتجهيز الحرس الوطنى السعودى، أما الجيش الأردنى فسوف يتسلم 1808 صواريخ مضادة للدبابات وقاذفات 162 مجهزة بأنظمة للرؤية الليلية بقيمة 338 مليون دولار. وأضافت الصحيفة أن واشنطن وقعت صفقة بقيمة 290 مليون دولار لمدها بالذخائر وطائرات (إف - 16) بالإضافة إلى 1600 قنبلة موجهة بالليزر وقنابل ذكية وزن الواحدة منها 800 كجم و400 صاروخ قادر على اختراق التحصينات. من ناحيتها ذكرت صحيفة (دايلى تلجراف) أن شركة (بى آى آى سيستمز) أكبر شركة بريطانية لتصنيع الأسلحة، تقوم بتسليم السعودية 72 طائرة مقاتلة من طراز (تايفون إيرو فايتر) ونقلت عن أنزوكا سولينى الرئيس التنفيذى للشركة أنه يتوقع أن يشترى الشرق الأوسط نصف المقاتلات (إيرو فايتر) ال 300 التى حددها كمبيعات مستهدفة بحلول عام 2020. ويقول معهد «استوكهولم» الدولى لأبحاث السلام إن الإمارات الآن فى المرتبة الثالثة كأكبر مستورد للأسلحة فى العالم، بعد الصين والهند، وقد أكدت الإمارات أنها فى المراحل الأخيرة للتفاوض على صفقة مع فرنسا لاستبدال 63 مقاتلة (ميراج)، بمقاتلات (داسو - رافال) كما أنها وافقت أيضاً على شراء طائرتى استطلاع من شركة (ساب) السويدية، وكذلك 25 طائرة تدريب من سويسرا، وتقدمت بطلب إلى الولاياتالمتحدة لشراء نظام مضاد للصواريخ بكلفة 7 مليارات دولار. وهذه الجهود الأمريكية لبيع الأسلحة تتزامن مع جهود أخرى مؤكدة وشائعات حول صفقات أسلحة إلى دول أخرى فقد أعلنت فرنسا عن إنجاز صفقة قيمتها 405 ملايين دولار لبيع أسلحة إلى ليبيا تشمل تزويدها بصواريخ مضادة للدبابات ومعدات وتجهيزات للاتصالات، كما أن معلومات إسرائيلية زعمت أن إيران تستعد لتقديم طلبية كبيرة من الأسلحة إلى روسيا تشمل طائرات مقاتلة ودبابات، غير أن هذه الروايات غير المؤكدة نفتها بشدة كل من موسكو وطهران. ويقول الكاتب ديفيد هوسكا من مؤسسة (آرمز كونترول) إن الولاياتالمتحدة تخطط لإتمام أكبر صفقة مبيعات للأسلحة فى الشرق الأوسط بهدف زيادة الضغط على إيران مع تنامى الخوف لدى دول الخليج العربية من هجمات إيرانية محتملة رداً على أى عملية استباقية من جانب إسرائيل أو الولاياتالمتحدة على المنشآت النووية الإيرانية.