قدم الشَّاعر والأديب صلاح نيازي مؤخرا كتابه “فواخت باب الطَّاق”، الذي ساهمت في تأليفه مجموعة من الكُتاب. ويرى محرر الكتاب أن الرثاء اقتصر في الثقافة العربية على الشعر فقط، وكأن ليس هناك نثر، ومع أن الأدب العربي لم يخل من نثر الرثاء، عبر خطب ورسائل ونصوص عدة، لكن لم يكن ذلك مشهورا شهرة قصائد الرثاء، حتى عُد الرثاء أحد أبرز أغراض الشعر العربي، ويكاد لا يخلو ديوان أي شاعر جاهلي أو أموي أو عباسي من قصائد الرثاء، ناهيك عن الشعر الحديث بشتى أنواعه. يقول محرر الكتاب الأديب نيازي في مقدمته للكتاب “ثم ما عتمت الفكرة أن افترعت لتشمل مقالات، هي صور قلمية حميمة، تعجز عن دقتها في بعض الأحيان الدراسات الأكاديمية. قلتُ لنفسي ولِمَ لا تدخل القصص القصيرة، في الكتاب، ما الضَّير إذا كانت مصنوعة من قلوب واجفة وعيون هاملة”؟ جمع الكتاب الراثين، قديما وحديثا، وكانت البداية برثاء ابن طفيل، الفيلسوف المعروف، وهو يرثي “الظبية التي أرضعت حي بن يقظان”. وهناك من رثى صديقه كرثاء أحمد خلف لحسين مردان، وأحمد عبدالحسين في وا حسرتاه، وإسحاق بار موشيه في رثاء عدنان رؤوف، وأنعام كاججي في رثاء يوسف الصائغ، ودنى عالي في رثاء محمد سعيد الصكار، ورشدي العمل في رثاء يحيى جواد، ورفعت الجادرجي في رثاء والده، ورشيد الخيون في رثاء والدته، ودنيا ميخائيل في رثاء جدتها، وفخري كريم في رثاء غانم حمدون، وسميرة المانع في رثاء شقيقها، وصلاح نيازي في رثاء نجيب المانع، ودموع جلجامش، وضياء العزاوي في رثاء رافع الناصري وخاطرة إلى جواد سليم، وغيرها من المرثيات. وعلى الرغم من أن عنوان الكتاب “فواخت باب الطاق”، يبدو غامضا بعض الشيء، لكن مَن سمع نواح الفاختة، وتمكن من إحساسه، لا يصعب عليه إدراك قصد محرر الكتاب في هذا العنوان، فما جاء في الكتاب عبارة عن نواح بالكلمات، وكل نص عبر عن إحساس حزين بفقد عزيز. يقول صلاح نيازي في فكرة هذا الكتاب “كانت الغاية الأولى من الكتاب، بسيطة صغيرة، جمع بعض المرثيات التي قيلت نثرا ليس إلا، لكن بقدرة ما، تجاوزت الفكرة ثيمتها، أو غايتها الأولى، كنت مستسلما بلا مقاومة ولا أدري لماذا. جرفتني معها وكأن تيارات خفية لا قِبل لي بصدها، فإذا بالشجي يبعث الشجي”. هذا، وليس هناك أشجى من نواح الفواخت. ونذكر أن كتاب “فواخت باب الطَّاق”، صدر مؤخرا عن دار المدى للإعلام والثقافة والفنون.