كثيراً ما أتساءل عن سبب شهرة فئة محددة من الفنانين والكتاب الشعراء والروائيين على حد سواء، أكثر من غيرهم، وأذكر منهم بهذه المناسبة، أولئك الذين ماتوا صغاراً، ولم يعيشوا عمرهم، ليحققوا ذواتهم، كما يريدون مثل: الفنان عبدالحليم حافظ، والضيف أحمد، والشاعر ابوالقاسم الشابي، والأديب غسان كنفاني، والشاعر بوشكين، والروائي تيسير سبول، والروائية فرجينيا وولف، والموسيقار بيتهوفن، ورسام الكاريكاتير ناجي العلي، وغيرهم كثير. هل سبب الشهرة هو تفوق الإبداع لديهم .. مجرد تفوق الإبداع؟ أم أن هناك أسبابا أخرى؟ هل السبب هو كون وفاتهم المبكرة جعلت الجمهور يتعاطف معهم، ويترحم عليهم، ويتذكر فاجعة موتهم المبكرة؟ هل كانوا يشعرون بأنهم مرضى، أو مهددون بخطر الصراع السياسي، وربما خطر المصارعة مع المرض، ولهذا فإن منيتهم قريبة، فأبدعوا بأدائهم، وذلك بهدف حفظ بصمات شخصياتهم عبر التاريخ؟ هل اعتصر هؤلاء الفنانون أدمغتهم كثيراً بهدف الإبداع، فأبدعوا، ولهذا ضعفت صحتهم، فتوفوا مبكرين؟ هل يتذكر الجمهور فنان الكاريكاتير ناجي العلي، لأنه توفي صغير العمر، أم يتذكرونه لأنه مبدع جريء في قول الحق، ومقاوم عز نظيره؟ هل كان كل من هؤلاء المبدعين يسير على شفير هاوية إبداع الكتابة في الممنوع، مثل غسان كنفاني، فأدى ذلك إلى استشهاده؟ هل خططت فرجينيا وولف لموتها، وكتبت عن الموت حرقاً من قبل ظهور قصة الهولوكوست، بهدف تخليد شخصيتها، فماتت بجيوب مثقلة بالحجارة في نهر الثيمز؟ هل تعاطف الناس مع الشاعر بوشكين بسبب اضطراره لمواجهة قوة عسكري سلطوي غاشم، لا قدرة له على مواجهته، فمات مقتولاً بسيف الضابط، وهو الشاعر الفتي الرقيق، فراحوا يتذكرونه بقراءة أشعاره طيلة الوقت؟ هل كان تمثيل الفنان المدهش؛ "الضيف احمد" أرقى من تمثيل زميليه "ثلاثي أضواء المسرح، سمير وجورج" فأصابته عين ما تصلي على النبي، أم أن معاناته بصحته الضعيفة هي التي جعلته يتألق إبداعاً؟ هل ما يزال الناس يعشقون عبدالحليم حافظ، لأنه كان رقيقاً في كل مناحي حياته، أم أنه كان رقيقاً مبدعاً متفانيا في تقديم أجمل غناء حتى اليوم، لأن غناءه كان يصدر من روح تعاني من مرض البلهارسيا، فأبدع برسم معاناته وهو يقول بكلمات نزار قباني: "إني أغرق، أغرق، أغرق"؟