القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط (5) مقيمين مخالفين لنظام البيئة لاستغلالهم الرواسب بمنطقة مكة المكرمة    رئيس المحطات النووية : الضبعة من أضخم مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية في أفريقيا    المدرسة الثانوية الفنية لمياه الشرب والصرف الصحي.. الشروط والمستندات المطلوبة للتقديم    التحالف الوطني يطلق مبادرة لدعم طلاب الثانوية العامة والأزهرية بالقليوبية    عاجل | الضرائب تحذر كل من أجر شقة يمتلكها ولم يخطر المصلحة    أبرزها جذب مشروعات كبرى.. مكاسب مصر من تجمع "بريكس"    كيف تأثرت دفاعات أوكرانيا بعد سيطرة روسيا على أفدييفكا؟    روبرتسون: اسكتلندا لا تتعرض لضغوط قبل مواجهة ألمانيا فى افتتاح يورو 2024    سلة - الثنائية سكندرية.. الاتحاد يحسم دوري السوبر على حساب الأهلي    وزير الرياضة: «كابيتانو مصر» يواصل تسويق لاعبيه لأندية الدوري الممتاز    منها مصر.. تحذير من ظاهرة جوية تضرب 10 دول عربية في عيد الأضحى 2024 (فيديو)    أحمد فهمي: عصابة الماكس يتحدث عن العائلة والكواليس كانت مبهحة رغم الصعوبات    نيكول سعفان عن طارق العريان: فخورة بأعماله.. وانبهرت ب «ولاد رزق 3»    متحدث التنمية المحلية: نفذنا 7.6 مليون شجرة بتكلفة 200 مليون جنيه    الثقافة البصرية والذوق العام في نقاشات قصور الثقافة بمنتدى تنمية الذات    دعاء يوم «عرفة» أفضل أيام السنة.. «اللهم لا ينقضي هذا اليوم إلا وقد عفوت عنا»    قبل عيد الأضحى 2024.. شروط الأضحية وكيفية تقسيمها    حزب الحركة الوطنية يفتتح ثلاثة مقرات في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري (صور)    إليك الرابط.. كيف تفتح حسابا بنكيا من الهاتف المحمول وأنت في منزلك؟    افتتاح معمل تحاليل بمستشفى القلب والصدر الجامعي في المنيا    طريقة عمل المكرونة بالصلصة، أسرع أكلة وعلى أد الإيد    أوبك: لا نتوقع بلوغ الطلب على النفط ذروته على المدى الطويل    محافظ شمال سيناء يعتمد الخطة التنفيذية للسكان والتنمية    تحرش بسيدة ولامس جسدها.. الحبس 6 أشهر لسائق «أوبر» في الإسكندرية    رئيس هيئة الدواء: دستور الأدوية الأمريكي يحدد معايير الرقابة ويضمن سلامة المرضى    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    "تموين الدقهلية": ضبط 124 مخالفة في حملات على المخابز والأسواق    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    الأنبا تيموثاوس يدشن معمودية كنيسة الصليب بأرض الفرح    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    المصري ينافس أبها السعودي على ضم مع مدافع الترجي التونسي    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    رفع حالة التأهب بمستشفى بني سويف الجامعي وتجهيز فرق احتياطية من الأطباء    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا بعد إنقاذه 3 أطفال من الموت فى ترعة بالشرقية    تجديد حبس شقيق كهربا 15 يوما في واقعة التعدي على رضا البحراوي    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال حجاجنا    الإسماعيلى يستأنف تدريباته اليوم استعدادا لمواجهة إنبى فى الدورى    الحماية المدنية تنقذ طفلا عالقا خارج سور مدرسة في الوادي الجديد    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات الخميس    أجواء مضطربة في فرنسا.. و«ماكرون» يدعو لانتخابات برلمانية وتشريعية    قيادي ب«مستقبل وطن»: جهود مصرية لا تتوقف لسرعة وقف الحرب بقطاع غزة    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    الأهلي يكشف حقيقة طلب «كولر» تعديل عقده    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ذهب" الوهم الأميركي ينتصر على الشاشة
نشر في نقطة ضوء يوم 17 - 05 - 2017

من أجل الاستعداد للقيام بالدور الرئيسي في فيلم "ذهب"Gold الذي يتناول قصة تعتمد بشكل اجتهادي، على أحداث حقيقية، قام الممثل الأميركي ماتيو ماكونوي (49 سنة) بزيادة وزنه بحيث أصبحت له “كرش” منتفخة، وقص شعره ليجعل له صلعة واضحة في مقدمة رأسه، كما بدت أسنانه فظة مصفرة.
ويقوم في الفيلم بدور رجل يعاني من التوتر الشديد، ينتقل من الإحباط إلى النشوة التي تقترب من الهستيريا، ولا يكف عن التدخين وتناول الخمر.
وحاول ماكونوي في هذا الفيلم أن يقدم كل ما في جعبته، خاصة وأنه يظهر ويتحرك ويتحدث دون انقطاع في جميع مشاهد الفيلم، لكنه مع ذلك بدا وكأنه يعاني من أجل أن يضفي على الشخصية التي يؤديها ما لم يبرزه السيناريو أصلا، فقد أراد أن يجعل المغامر الحالم الأحمق “كيني ويلس” كيانا إنسانيا من لحم ودم.
وكان من الطبيعي أن يفشل في محاولته، ليس لأنه لا يجيد فن التقمص، بل لكون الشخصية كما رسمها السيناريو الذي اشترك في كتابته باتريك ماسيت وجون زينمان، شخصية سطحية، هشة، تفتقد بشكلٍ واضحٍ الأبعادَ الإنسانية العميقة التي يمكن أن تجعل المشاهد يتعاطف معها ومع مشكلتها. ولكن ما هي مشكلة هذا الرجل، وما الذي يريده وكيف تسير الأمور معه، وإلى ماذا تنتهي؟
النظرة الأولية للفيلم خلال نصفه الأول على الأقل، توحي بأننا أمام قصة صعود وسقوط رجل طموح، قصة محورها التشبث اليائس بالحلم الأميركي الزائل، أي محاولة تحقيق النجاح بالمفهوم التجاري السائد، والقفز من وهدة الإفلاس، لاعتلاء صفوف كبار الأثرياء، هذه الشخصية قد تحمل ملامح تشبه -من الخارج على الأقل- شخصية بطل فيلم “ذئب وول ستريت”، لكن شتان بين بناء الشخصية في كلا الفيلمين.
عنوان مضلل
فيلم “ذهب” (اختيار اسم الفيلم جانبه التوفيق كثيرا) من إخراج ستيفن كاغان، ليس عن “البحث عن الذهب”، فمشاهد التنقيب عن الذهب في المنجم الذي عثر عليه بطلنا كيني في إحدى جزر إندونيسيا، محدودة للغاية بل وهامشية، حيث لا يقع شيء لافت للأنظار بعد البداية القوية، أما الموضوع فهو عن ذلك الحلم بالصعود رغم غياب الأدوات، ودون بذل أي جهد حقيقي، اعتمادا على ضربة حظ، والإصرار على التشبث بالوهم.
يتدهور الحال بكيني ويلس بعد إفلاس الشركة التي ورثها عن أبيه مع الأزمة الاقتصادية التي ضربت الأسواق في ثمانينات القرن الماضي، مما جعله يفقد منزله ويذهب إلى العيش مع صديقته ساقية الحانة التي يقضي فيها الكثير من وقته رفقة أصدقائه.
وينحدر ويلس من أسرة تعمل في مجال التعدين والمناجم، وهو متمسك باستعادة الأمجاد الزائلة لجده ووالده، لكنه لا يملك المعرفة أو الوسيلة أو المال، إنه يمتلك فقط ذلك “الحلم” الغامض الذي جعله يرى أثناء نومه بقعة ساحرة في جزيرة إندونيسية توحي بوجود منجم للذهب على إحدى ضفتي نهر عظيم، وعلى الفور يتجه إلى هناك وينجح في إثارة اهتمام صديقه القديم “مايك” من أيام المدرسة، الذي يعمل في مناجم النحاس، ويقنعه بالتعاون معه في “البحث عن الذهب”.
المشاهد التي تدور في إندونيسيا المفترضة (جرى التصوير الفعلي في تايلاند) قد تكون أفضل مشاهد الفيلم من ناحية التصوير وتجسيد المشاق التي يتحملها العمال المحليون، كغياب مياه الشرب النقية، ومعاناة الأطفال من الأمراض، وحياة الفاقة والتهميش في أكواخ بدائية.
وبعد أن ينجح كيني في تدبير مبلغ بالتطوع من بعض أصدقاء الحانة في بلدته الأميركية، سرعان ما يتبخر المبلغ، مما يدفع العمال إلى الرحيل وبالتالي يتعطل العمل في المنجم، ويسقط كيني مصابا بالملاريا ويلزم الفراش لعدة أسابيع، لكنه ينهض ويستجيب لاقتراح مايك بتوفير نظام لتنقية مياه الشرب للعمال مقابل عودتهم إلى العمل، ويضحي بآخر ما لديه من مال في بطاقتي السحب الفوري.
وينتقل الفيلم أولا بشكل غير واضح بل ويبدو اعتباطيا، بين موقع العمل في الجزيرة الإندونيسية، وبين كيني الذي أصبح يدير الأمور من بلدته الأميركية، وسرعان ما يصبح الحدث كله منحصرا في الأرض الأميركية بعد أن تتكفل “إشاعة” العثور على الذهب، بإثارة عمالقة شركات “وول ستريت”، فتنهال العروض على كيني، بعد أن ارتفعت أسهم الشركة إلى أرقام فلكية، ويجد نفسه وقد أصبح مليونيرا من لا شيء، يركب سيارة فخمة، ويقيم في جناح في فندق “والدوف أستوريا” الراقي بنيويورك.
هذا الثراء سرعان ما يتهاوى كونه يقوم على مجرد تكهنات وليس على أساس ملموس، خاصة بعد أن تقتحم قوة عسكرية تابعة لنظام الجنرال سوهارتو منطقة المنجم وتستولي عليه، ثم يتضح أنه لا وجود للذهب وأن مايك كذب على كيني عندما زعم أنهم عثروا عليه هناك.
ويفضح الفيلم الوهم الزائف الذي يقوم عليه وول ستريت، ويكشف الصراع بين الشركات وكيف يمكن أن تفلس ببساطة وتتبخر أموال المساهمين البسطاء، وكلها أشياء سبق تناولها في أفلام أخرى بشكل أفضل كثيرا.
أما في ما يخص العلاقة بين كيني ومايك، فقد بدت غير مدروسة جيدا، فمايك يختفي من الفيلم لمدة طويلة بعد أن يتركه كيني في إندونيسيا، إلى أن نفاجأ باستيلاء قوات سوهارتو على المنجم، ومصادرة كل ما فيه، فتنهار الشركة ويعود كيني نادما مستغفرا إلى صديقته كاي التي يراد لنا أن نفهم أنها رفضت الاستمرار معه بسبب انسياقه الأعمى وراء أوهام الصعود، لكنه يجدها وقد أقامت علاقة أخرى مع رجل غيره.
كما أن العلاقة بين كيني وصديقته كاي هي أيضا علاقة ملتبسة غير مدروسة في السيناريو، فكاي التي ترحب وتُقبل على حياة الثراء، وتبدو منبهرة عندما يستقبلها كيني في جناحه الفخم في فندق “والدورف أستوريا”، تهجره حقا، ولكن حسب ما نرى في الفيلم، ليس بدافع رفض هذا العالم الزائف، بل بدافع الغيرة.
وهناك أيضا تصوير لإصرار كيني على النهوض من كبوته وذهابه مع مايك إلى إندونيسيا، حيث يعقدان صفقة مع الابن الأصغر لسوهارتو بحيث يصبح شريكا لهم ويحصل على أكبر نسبة من المال، ولكن الابن المدلل للدكتاتور يشترط أن يصمد كيني أمام نمر من مجموعة الحيوانات المفترسة التي يحتفظ بها داخل أسوار حديقة خاصة، وهو ما ينجح فيه كيني في مشهد يراد من ورائه أولا تصوير طفولية وعبث ابن سوهارتو المجنون، وفي الوقت نفسه التأكيد على استعداد كيني للمقامرة ولو على حياته نفسها من أجل تحقيق هدفه.
كيني هو الذي يروي من البداية أحداث الفيلم بصوته ومن وجهة نظره، لكننا نكتشف قرب النهاية أنه يخضع لاستجواب أمام ضباط وكالة المباحث الفيدرالية بعد أن يكون الغطاء قد انكشف عن الوهم، ويكون صديقه مايك قد اختفى ومعه 164 مليون دولار حصل عليها بشكل غير شرعي.
نهاية غير منطقية
مسار الفيلم حتى ما قبل النهاية يوحي بأن كيني قد سقط ضحية خديعة كبرى، وأصبح يتعين عليه أن يدفع الثمن وحده، لكن ما يحدث بعد ذلك يسقط الفيلم تماما ويجعله يفقد أي استقامة درامية، ناهيك عن القدرة على الإقناع.
وأجد نفسي مضطرا هنا إلى الكشف عن نهاية الفيلم، لكي أوضح كيف يمكن أن ينتهي فيلم ما نهاية تدمر كل ما سبقها، وما كان من الممكن أن يجعل أي مشاهد يلتمس الأعذار للأخطاء السابقة كلها ويقبل أن ينتهي هذا البطل المحكوم عليه -في الدراما- بالهزيمة، أي anti-hero، هذه النهاية.
كان من الممكن قبول أن ينتهي كيني في قبضة العدالة، كونه ذلك المقامر التعس الذي بنى طموحه على وهم كبير، مدفوعا بجشع رجل لا يتمتع بأي نوع من الاستنارة الأخلاقية، لولا أن الفيلم يفاجئنا أولا عندما يجعل الضابط المحقق يتعاطف مع قصته ويقتنع بأنه كان مجرد ضحية لصديق خان عهد الصداقة يتركه ويهرب بالمال، فيطلق الضابط سراحه.
ونفاجأ مرة ثانية بعودة كيني إلى صديقته كاي التي تستقبله بكل بساطة في منزلها الذي اعتاد على العيش معها فيه وكأن شيئا لم يحدث، وتسلمه رزمة من الرسائل التي وصلت باسمه، ثم تأتي المفاجأة الثالثة عندما يجد داخل رسالة من مايك، عقد الشراكة الذي سبق أن كتبه لمايك على منديل ورقي وفيه بند واحد فقط هو اقتسام الأرباح مناصفة، ومع هذا العقد الهزلي شيك بمبلغ 82 مليون دولار هي نصيبه من “السرقة”.
ينتهي الفيلم هذه النهاية السعيدة المخالفة للمنطق، بل والمتناقضة مع المسار الكلي للفيلم، فهل أراد صناع الفيلم مكافأة شخص هو في الحقيقة نموذج واضح من البداية ل”الميديوكر” عديم الموهبة؟
نتيجة تخبط السيناريو وهشاشته وسطحية شخصياته، يفشل المخرج في تحقيق عمل يعتمد على الصورة فيأتي فيلمه مليئا بالحوار الذي لا يتوقف لحظة واحدة، ويمتلئ بالثرثرة ويعاني من تداخل الأصوات.
وإذا كان أداء ماتيو ماكونوي يسير في اتجاه أحادي طوال الوقت، لا تبدو شخصية مايك منسجمة أصلا مع نسيج الفيلم، فالمخرج يضفي عليه نوعا من البرودة والافتعال، ولا ينجح أداء الممثل الفنزويلي إدغار راميرز، في إكسابها الحيوية المطلوبة أو الطابع الإنساني، فيبقى مايك مجرد شخصية هامشية، ولعل ذلك هو المطلوب حتى يتمتع ماكونوي وحده بالسيطرة على الشاشة، ولكن دون أي تأثير حقيقي!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.