كان لانبعاث بيت الشعر بالقيروان دور مهم في تعزيز الفعاليات الشعرية والأدبية عموما حيث عملت مديرة البيت والأسرة المسيرة على تنويع الأنشطة انطلاقا بالمشغل الشعري التونسي والعربي وما يحف به من قضايا وأسئلة ضمن خانة النقد والدراسة، ومن هذا الجانب تعددت الفعاليات حيث كان البيت مجالا شاسعا للقول الشعري بالنسبة للشعراء التونسيين والعرب وغيرهم وكل ذلك في ضرب من التناغم الجمالي بين المضامين الشعرية وسحر المكان وعراقة المدينة الفاتنة ونعني القيروان. مختلف الفعاليات تبثها قناة الشارقة الفضائية المتابعة لأمسيات بيت الشعر العربي بالقيروان وباقي بيوت الشعر العربية والتي تبثّ ضمن برنامج «أدب وفن» وذلك بحرص ومتابعة من قبل الشيخ الدكتور سلطان القاسمي. من الفعاليات الأخيرة في أحضان بيت الشعر بالقيروان نذكر الأمسية الشعرية والنقدية التي انتظمت متضمنة لقراءات شعرية للشاعر المميز رضا عبيدي الفائز بجائزة المعرض الدولي للكتاب لهذه الدورة حيث تم تكريمه بهذه المناسبة. وتولت الناقدة ليلى عطاءالله تقديمه بمداخلة قيمة بعنوان "الفضاء في قصيدة النثر المشهدية وقلق التأويل"، كما استمتع الحاضرون بقراءات للشاعرة السورية وفاء دلا ومداخلة للناقد الجامعي العراقي ماجد السامرائي بتقديم رائع للإعلامي العراقي حكمت الحاج. كذلك نذكر أمسية الأطباء الشعراء وهي فعالية إبداعية طريفة وذكية ومختلفة؛ "هم أطباء في الأساس ولكنهم شعراء المولدي فروج، مختار بن اسماعيل، رجاء بوستة، فتحوا أبواب الشعر والكتابة الأدبية واعتلوا متن القصيد، أمسكوا بالقلم مع المبضع فساروا على أثر من سبقهم من طائفة الأطباء الشعراء القدامى حنين ابن اسحاق, ابن سينا, ابن زهر وصولا الى ابراهيم ناجي ..نزلوا ضيوفا على بيت الشعر القيرواني، قدمتهم مديرة البيت الشاعرة جميلة الماجري أفضل تقديم بمداخلة قيمة ثم تداولوا على قراءات ممتعة تفاعل معها الحضور. الى جانب المعرض التسكيلي المشترك بين الفنانين خالد ميلاد وحسين عطي". وفي فسحة أخرى بهذا البيت القيرواني الأنيق أناقة فن الشعر كان "حفل تقديم مجموعة شعرية جديدة للشاعرة جهاد المثنانى وبحضور عديد الشعراء والأساتذة والأدباء والفنانين والتلاميذ وأصدقاء الشاعرة في جو لطيف تخلله الغناء والالقاء وقراءات الشاعرة التي تولت إمتاع الحضور بنماذج من بوحها الشعري الفياض، واختتمت الأمسية بحفل استقبال وتوقيع على شرف كل الحاضرين...". وفي بيت الشعر بالقيروان أيضا كان المجال كبيرا لسؤال مهم وهو "أيّ حضور للشعر في وسائل الإعلام؟".كما احتضن فضاء بيت الشعر القيرواني "وجهين لامعين في دنى الشعر والترجمة الدكتور الباحث المترجم رضا مامي وهو شاعر باللغة العربية والاسبانية ويعود له الفضل في ترجمة ديوان أبي القاسم الشابي الى الاسبانية، وهو ما يفتح أفقا أوسع للتعريف بشاعر تونس في ثاني لغة عالمية بين عديد الشعوب الناطقة بها. والضيفة الثانية هي الشاعرة رجاء الشابي وهي أيضا مترجمة تكتب بالعربية الفصحى والعامية والفرنسية التي ترجمت اليها عديد قصايد الشاعر التونسي أولاد احمد في حب تونس وغير ذلك من الأغراض بدراية وتيقظ تام على أسرار تلك اللغة، وقد تولى كل من الشاعرين قراءة نصوصهما الشعرية في لغتين كل حسب توجهه واختصاصه. وقد ساهمت طالبة الماجيستير في الاسبانية صابرين بن عامر بقراءة قصيدة للشابي ترجمها الدكتور رضا مامي أدتها بكل طلاقة مما ينم عن خبرتها واتقانها لهذه اللغة العالمية. انطلقت الأمسية بكلمة ترحيبية لمديرة البيت الشاعرة الكبيرة جميلة الماجري قبل أن يتولى الشاعر د. منصف الوهاببي تقديم الضيوف، وقد تخللت الأمسية مراوحات موسيقية بإمضاء الفنان المطرب الموهوب مراد بشير بمرافقة رقيقة لعازف العود قاسم السواشي وانتهى الحفل بتكريم المحتفى بهما في حفل استقبال بهيج". هذه ألوان من لقاءات بيت الشعر بالقيروان وفيها التنوع والتجوال الباذخ بين الكلمات الساحرة تقصدا للجمال وللمتعة الشعرية وللأعالي ونحتا للقيمة زمن الضجيج المعولم والتداعي المريب. نقطة ضوء فاخرة تبرز الأعماق. إنها القيروان في بهائها حيث العنوان اللافت... بيت الشعر. أقول وأمضي "ذابت الأحلام .. أي ضوء للتواريخ.. من يفقه دفء دم القيروان أو يوضحها للياسمين.. هي نافذة للروح إذ تتأبط حجر الرحيل الخابر.. هي لغة الأوابين.. العائدين الى شجر من رخام... إليك أيتها القيروان تيجان على عتباتك الساقية ..اذ تنحنين وتذوبين كالريح لحيفا وبابل".