مصدر حكومي يكشف حقيقة التعديلات الوزارية وتشكيل الحكومة الجديدة    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الآخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين 10-6-2024 بالصاغة    استعدادا لافتتاحه.. وزير النقل ومحافظ أسوان يتابعون جاهزية محور بديل خزان أسوان    أشرف صبحي يشيد بدراسة أبو هشيمة.. ووزارة الاتصالات تعد مشروع قانون لإدارة وتداول البيانات    تراجع سعر صرف اليورو إلى ما دون 95 روبل لأول مرة منذ 16 يناير    وزيرة الهجرة تبحث مع الرئيس التنفيذي للغرفة الألمانية العربية للتجارة والصناعة سبل التعاون المشترك    40 شهيداً و218 إصابة فى 5 مجازر إسرائيلية بغزة    فى مستهل جولته .. وزير الخارجية الأمريكى يصل إلى القاهرة لبحث الهدنة فى غزة    النتائج الرسمية تؤكد فوز حزب التجمع الوطني اليميني في فرنسا بانتخابات البرلمان الأوروبي    سويسرا تؤكد حضور 90 دولة ومنظمة مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا منتصف يونيو    «يامال وجولر».. مواهب برشلونة وريال مدريد يترقبان الظهور الأول في «اليورو2024»    وفاة طالب ثانوية عامة داخل لجنة في حدائق القبة (تفاصيل)    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح آداب ذبح الأضاحي في عيد الأضحى (فيديو)    مدرس الجيولوجيا صاحب فيديو مراجعة الثانوية أمام النيابة: بنظم المراجعات بأجر رمزي للطلاب    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    محافظ كفر الشيخ: تحرير 98 محضر مرور وإشغالات من خلال منظومة الكاميرات    الأهلي يكشف حقيقة العرض السعودي لضم مروان عطية (خاص)    تشكيل الحكومة الجديد.. رحيل وزير شؤون مجلس النواب    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    8 شهداء فى قصف إسرائيلى استهدف منزلا جنوب شرق خان يونس    عرض ولاد رزق 3.. القاضية في أمريكا وبريطانيا ونيوزيلندا.. بطولة أحمد عز    البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    أسترازينيكا مصر ومشاركة فعالة في المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي Africa Health Excon بنسخته الثالثة    الصحة تكشف تأثير ارتفاع درجة الحرارة على المواطنين، وهذه الفئات ممنوعة من الخروج    اليوم.. "ثقافة الشيوخ" تفتح ملف إحياء متحف فن الزجاج والنحت بالجيزة    تمهيدا لقصفها.. رسالة نصية تطلب من أهالي بلدة البازورية اللبنانية إخلاء منازلهم    "ربطتها في باب الحمام وهي ميتة وعملت علاقة أكثر من مرة".. اعترافات سفاح التجمع عن "أميرة"    تحمي من أمراض مزمنة- 9 فواكه صيفية قليلة السكر    فنانون حجزوا مقاعدهم في دراما رمضان 2025.. أحمد مكي يبتعد عن الكوميديا    محطات بارزة في حياة زهرة العلا.. تلميذة يوسف وهبي وأهم نجمات الزمن الجميل (فيديو)    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    "حقوق إنسان الشيوخ" تستعرض تقارير اتفاقية حقوق الطفل    ابني كان داخل انتخابات مجلس الشعب وقلم عمرو دياب دمره.. والد سعد أسامة يكشف التفاصيل    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يشيد بإسهامات ندوة الحج العملية لخدمة ضيوف الرحمن    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    لمواليد «برج الجدي».. اعرف حظك هذا الأسبوع    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    بعد قليل، الحكم في طعن شيرى هانم وابنتها زمردة على حكم سجنهما 5 سنوات    سعر الذهب اليوم الإثنين 10 يونيو 2024 وعيار 21 بالمصنعية في أول التداولات    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    في أول أيامها.. بدء توافد طلاب الثانوية العامة على لجان الامتحانات    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    نتائج أولية: حزب الشعب يتصدر انتخابات البرلمان الأوروبى بحصوله على 181 مقعدا    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة هاينر موللر شاعراً بقصائد مجهولة
نشر في نقطة ضوء يوم 28 - 01 - 2016

"نشر هاينر موللر خلال حياته ديواناً واحداً فقط، لكنّ إرثه الأدبي جعل منه أديباً كلاسيكياً"... هذا ما كتبته الأديبة والصحافية الألمانية أنّيت غروشنر تعقيباً على اصدار الناشرة كريستين شولتس، وبعد تدقيق وتفتيش طويلين منها، كتاباً فريداً عن دار نشر «زوركامب» يضمّ في صفحاته ال 675 الجزء الأكبر من أعمال الكاتب المسرحي والشاعر موللر الذي توفي بمرض سرطان الحنجرة في أواخر عام 1995 بعد أشهر على تسلمه إدارة مسرح «برلينر انسامبل» البرشتي.
والخبر الجيد لمحبيه، وهم كثر، أن الكتاب يضم 355 قصيدة ومسودات قصائد لموللر، وأعمالاً أدبية غير منشورة سابقاً، بل وأوراقاً صوّر عليها بخط يده افكاراً وصوراً مسرحية، وتجارب في التعبير الشعري والمسرحي، في محاولة منه لخلق جديد في الكتابة.
وحتى اليوم لا تزال كتابات موللر حيّة في ضمائر المسرحيين ومحبي الشعر في ألمانيا والعالم، وربما أيضاً لأن غالبية قصائده قصيرة، لكنها تحمل خواطر وتعابير غنية المعاني والألوان بمشاكساتها وتناقضاتها، وغالباً ما تحمل نظرات داكنة سوريالية الصور عن عوالم فوقية وتحتية. وينطبق على العديد من هذه القصائد التي يفتقد الكثير منها لعناوين خاصة بها صفة الثلاثيات، والرباعيات، والخماسيات. احداها على سبيل المثل تحمل عنوان «دراما» كتبها موللر قبل شهر من وفاته استوحت الناشرة منها اسم الكتاب: «في انتظار الاعوجاجات المتضادة». تقول القصيدة الرباعية هذه: «الموتى ينتظرون قدوم الاعوجاجات المتضادة/ أحياناً يرفعون يداً إلى الضوء/ وكأنهم أحياء قبل أن ينسحبوا كاملاً/ إلى ظلمتهم المعتادة التي تعمي أعيننا"
ومن المؤسف أن هاينر موللر الذي ذاعت شهرته في أوروبا وفي العديد من مناطق العالم بفضل كتاباته المسرحية الفريدة لا يزال حتى اليوم غير معروف كما يستحق في العالم العربي، باستثناء ما كتبته عنه مجموعة من المثقفين الذين قاموا بترجمة بعض أعماله، ومنهم المخرج المسرحي العراقي صالح كاظم الذي درس الإخراج في ألمانيا الديمقراطية وتعرف على موللر أيضاً وتأثر به، وعمل معه فترات في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وترجم بعض أعماله وأخرجها. وشهدت بيروت عام 2006 عرضاً لمسرحية «ماكينة هاملت» على خشبة «دوار الشمس» بعد ترجمة أنجزها جنيد سري الدين وأخرجها عمر أبي عازار. كما ساهم المصري عطية العقاد في التعريف به في اكثر من مناسبة. وتطرق إليه بتفصيل الكاتب العراقي الكردي الأصل برهان شاوي الذي درس المسرح والسينما في موسكو وكتب عن موللر في مسرحيته «ماكينة هاملت» أنه كان «مثل صائد الذئاب الذي يذهب الى الصيد بصحبة الذئاب، مجسداً حالة الرعب والذهول والقلق المشوب بالبشاعة والهول الذي تعاني منه البشرية». وكتب عنه المسرحي السوري أسامة غنم ومسرحيون وشعراء أخرون. وأعتقد بأن السبب في عدم التعرف الى أدبه على نطاق كبير يعود في جزء كبير منه إلى عدم صدور ترجمات بالعربية لأعماله المسرحية ولشعره.
نظر موللر دائماً إلى برتولد بريشت على أنه مثاله الأكبر، ويقول عن نفسه إنه «بدأ من حيث انتهى بريشت، وهذا صحيح إلى حد بعيد، إلا أنه في مسيرته الإيديولوجية والسياسية اختلف عن مسيرة بريشت في مسألة اساسية تمثلت في نظرته النقدية المستدامة إلى ما كان يجري من تطبيق اشتراكي في بلده ودول أخرى. ففي حين كان بريشت مقتنعاً ومتفائلاً بقدرة الفكرة الاشتراكية على تغيير العقل وخلق انسان جديد يسعى إلى ابرازه في مسرحه كبديل عما هو قائم، كان موللر يجد الواقع أكثر تعقيداً، بل كان أكثر تشاؤماً لجهة تحقيق مجتمع جديد، ولم يتأخر بسبب ذلك عن توجيه الانتقادات اللاذعة إلى النظام الاشتراكي المطبّق، الأمر الذي جلب له متاعب كثيرة مع السلطات الحاكمة في أعوام الستينات، فسُجن لفترة من الوقت، وحُرم من العمل أيضاً. وتعرضت كذلك نصوص مسرحيات عدة له للمنع من النشر ومن المسرحة، ثم فقد زوجته الأولى التي انتحرت بسبب ذلك.
لكنّ رفض موللر للرأسمالية المتوحشة، وصدقيته في انتقاد السلبيات التي كان يراها في التطبيق الاشتراكي ولا يتوانى عن التدليل عليها بأصبعه، إضافة إلى عدم استغلاله الفرص التي سنحت له للهرب إلى ألمانيا الغربية، أقنع المرتابين بما فيه الكفاية كي يستعيد مكانته ودوره. ولهذا حصل عام 1986 على وسام وطني رفيع تقديراً له، ثم انتخب رئيساً لجمعية الكتّاب في ألمانيا الديمقراطية في عام 1990، إلا أنه ترك المنصب بعد ثلاث سنوات بعد أن ضاق صدره بالبروتوكولات والاجتماعات والتشريفات، وانسدت قدرته على العطاء الأدبي والمسرحي إلى حدّ كبير.
وانعكست تفاعلات الموت وانتحار زوجته الأولى في شعر موللر ومسرحه بصورة دائمة وواضحة، ولا شك في أن معرفته بمرضه العضال وانسداد أفق الأمل أمامه لعبا دوراً كبيراً في جعل الموت مادة أساسية للكتابة. يقول في ثلاثية له بعنوان «يدان»: الموت هو المغامرة الأخيرة/ سأعود من جديد من خارج ذاتي/ في يوم ما من اكتوبر مع تساقط المطر». وكتب في خماسية له بعنوان «(1) قصيدة زمنية»: «أنا لست نازياً مصفّحاً وسرطاني على علم بذلك/ على المرء ألا يدلّ على جراحه/ في زمن الضباع وبني آوى وقانون البراري الذي/ مات الهنود الحمر على أساسه/ (لكن) أنا لست هندياً أحمر".
أحب موللر كثيراً مدينة برلين التي انتقل إليها وهو شاب عام 1951 للعمل في صحيفة «زونتاغ» (الأحد) الأسبوعية كناقد أدبي، ولم يترك المدينة التي غالباً ما ذكرها في قصائده. يقول في قصيدة «نظرة وداع غريبة لبرلين» وكأنه يودعها بالفعل من دون رغبة على طريقته المسرحية: «من غرفتي وأمام ورقة فارغة/ تدور في رأسي دراما لجمهور غير موجود/ المنتصرون صمٌّ والخاسرون بكمٌّ/ نظرة غريبة على مدينة غريبة/ غيوم رمادية - صفراء تمر أمام نافذتي/ حمام رمادي - أبيض يتبرّز فوق برلين".
يرى بعض النقاد أن موللر الذي استوحى التراجيديا الأغريقية والرومانية في بعض أعماله وكتاباته سعى لاحقاً إلى تطوير مسرح يمزج فيه بريشت مع شكسبير الذي أحبه كثيراً لأنه كان يتماشى مع وجدانياته ودراميته، أي مع الشق الثاني من نفسيته الذي يفصله عن بريشت. وكتب خلال حياته ثلاثين نصاً مسرحياً، لم تشهد كلها النور على الخشبة بعد، ربما بسبب صعوبة تمثيل بعضها. وكان موللر يُعد العدة لإخراج مسرحيته «ألمانيا 3» عندما وافته المنية التي تركت صدمة كبيرة لدى محبيه في ألمانيا وخارجها. وفي ليلة رأس السنة 1994/ 1995 كتب تحت عنوان "وقت فارغ":
«البارحة حرقت الشمس
ظلالي
في نيسان مُتعَبْ
غبار يغطي الكتب
في الليل تسير عقارب الساعة مسرعة
لا ريح تهبّ من البحر
في انتظار اللاشيء"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.