توفي الأديب الجزائري الطاهر وطار اليوم الخميس عن عمر ناهز 74 عاما بعد مرض عضال ألزمه الفراش نحو عامين. ويعد الطاهر وطار من الأسماء المعاصرة التي أثرت في الساحة الأدبية والثقافية والمسرحية العربية منها والعالمية بعدما ترجمت أعماله إلى أكثر من عشر لغات، وحصل على جوائز عدة منها جائزة الشارقة لخدمة الثقافة العربية لعام 2005. حاول الطاهر وطار أو كما كان يحلو له أن يسمى "عمي الطاهر" أن يجعل من جمعية "الجاحظية" الثقافية التي أسسها قبل عشرين عاما مع الشاعر المغتال يوسف سبتي منبرا للكتاب والأدباء الناشئين منهم والمعروفين، الجزائريين والعربز.وكان بيته يجمع لسنوات المثقفين والأدباء من كل صوب مرة كل شهر. عرف صاحب "اللاز" 1974 بعمله الثقافي التطوعي ومواقفه السياسية التي جلبت عليه انتقادات كثيرة، بعضها اتهمه بالموالاة للسلطة وأخرى بالأصولية أو العلمانية. من مجموعاته القصصية "دخان من قلبي" 1961، "الطعنات" 1971، والشهداء يعودون هذا الأسبوع" 1974. ومن رواياته "عرس بغل" 1983 – "العشق والموت في الزمن الحراشي" 1982، الشمعة والدهاليز" 1995، "الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي" 1999، " الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء" 2005. كما كتب مسرحيتين "على الضفة الأخرى" و"الهارب". وترجمت كتبه من العربية إلى نحو 10 لغات منها، الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والبرتغالية والفيتنامية واليونانية والأوزبيكستانية والأذرية. وآخر ما كتب الطاهر وطار وهو على فراش المرض بباريس حيث كان يعالج من مرضه "قصيدة في التذلل"، تناول فيها علاقة المثقف بالسلطة، علاقة كثيرا ما اتسمت بالتوتر وعدم الاستقرار في جزائر كان يريدها دوما "بيضاء" كما وصفها في كتاباته، سنوات الخمسينيات والستينات. ولد الطاهر وطار في 15 أغسطسآب عام 1936 في دائرة صدراتة بولاية سوق اهراس في أقصى شرق الجزائر، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمدرسة مداوروش التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ثم بمعهد ابن باديس بولاية قسنطينة ثم بجامع الزيتونة بتونس. التحق العام 1956 بثورة التحرير الجزائرية وانضم إلى صفوف جبهة التحرير الوطني، حتى استقلال البلاد العام 1962، حيث أنشأ في السنة نفسها جريدة "الأحرار" وهي أسبوعية سياسية ما لبثت السلطات أن اوقفتها بعد وقت قصير، لينتقل بعدها من قسنطينة إلى العاصمة الجزائرية حيث أصدر أسبوعية أخرى بعنوان "الجماهير"، أوقفتها السلطات أيضا. ويعتبر الطاهر وطار من مؤسسي الأدب العربي الحديث في الجزائر، وهو من أشد المدافعين عن الحرف العربي في الجزائر ومن أشد المعارضين للتيار الفرانكوفوني في بلاده، حيث كان يدعو إلى فضح أعمال ومدى توغل هذا التيار في أجهزة الدولة. وقد أنشأ وطار الجمعية الثقافية "الجاحظية" العام 1989، وهي تحمل شعار "لا إكراه في الرأي". وعرف عن وطار في بدايات أعماله ميوله اليسارية ورفض استعمال عبارة "الإرهاب" في بلاده وفضل استعمال مصطلح العنف والعنف المضاد. واختتم وطار مسيرته الإبداعية الطويلة بروايته "قصيد في التذلل" وكان آخر ما نال من جوائز، جائزة الرواية لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عام 2009.