يوثق مشروع " ذاكرة مصر المعاصرة " ، التابع لمكتبة الإسكندرية، تاريخ ستوديو مصر، أول ستوديو سينمائي بالمعنى الكامل في مصر والشرق الأوسط وافريقيا، بمناسبة مرور 75 عامًا على افتتاحه عام 1935. وقال الدكتور خالد عزب، المشرف على مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، إن توثيق تاريخ ستوديو مصر يأتي في إطار حرص مشروع ذاكرة مصر المعاصرة على توثيق تاريخ الفن السينمائي في مصر، وجمع كل ما يتعلق به من وثائق وصور وأفيشات للأفلام وأخبار صحافية تتعلق بنجومه ونجماته. وأكد أن ستوديو مصر قدم على مدار 75 عامًا أفلاماً تتميز بجودتها الفنية والأدبية العالية، وحمل راية الفن السينمائي في مصر، وأنتج أعمالاً مميزة أثرت السينما المصرية. ولفت عزب إلى أن الذاكرة قد سلطت الضوء على رجل له أيادٍ بيضاء في صناعة السينما المصرية، يعرفه الجميع برجل الاقتصاد الأول في مصر، وهو طلعت باشا حرب، الذي كان له يد في تأسيس ستوديو مصر كأحد مشروعات شركة مصر للتمثيل والسينما وهي إحدى شركات بنك مصر. وأشار إلى أن حرب باشا قد أدرك أن الاقتصاد القوي هو أساس تقدم الأمة والنهوض بها، وأن الفن الراقي كالفن السينمائي الذي يسمو بالمجتمع ويعرض واقعه هو وسيلة لبلوغ هذا التقدم، ومن هنا جاء إنشاء ستوديو مصر، ليمثل نقلة جديدة في تاريخ السينما المصرية. وقام مشروع ذاكرة مصر المعاصرة بتوثيق ميلاد الفن السابع، بالإضافة إلى توثيق دقيق لحياة أبرز نجوم الفن السينمائي في مصر، وتسليط الضوء على مؤسسي هذا الفن من المصريين الذين انحسرت عنهم الأضواء لسنوات طويلة، فجاءت ذاكرة مصر المعاصرة لتعيد لهم جزءاً مما يستحقونه من تقدير وشكر، ومنهم الفنان محمد كريم ومحمد بيومي والأخوان لاما ( إبراهيم لاما وبدر لاما) وتوجو مزراحي ومحمود خليل راشد. كما وثقت الذاكرة لحياة أوائل المنتجين الذين حملوا على عاتقهم صناعة هذا الفن الوليد والمخاطرة بأموالهم من أجل نشره في مصر من أمثال عزيزة أمير وآسيا داغر، بالإضافة إلى أوائل نجومه ومنهم فؤاد الجزايرلي وابنته إحسان الجزايرلي ونجيب الريحاني وبشارة واكيم ويوسف وهبي. كما حرصت ذاكرة مصر المعاصرة على توثيق تاريخ السينما في مصر قبل إنشاء ستوديو مصر، فقد بدأت أولى عروض السينما على أرض مدينة الإسكندرية في 5 تشرين الثاني ( نوفمبر) 1896 في بورصة طوسون في شارع فؤاد ( مركز الإسكندرية للإبداع الآن)، وذلك من خلال مجموعة من الأجانب المقيمين في الإسكندرية الذين استقدموا بعض الشرائط الأولى الأوروبية، فحققت نجاحًا مدويًا. وتوالت العروض السينمائية من هنا، وبدأت العروض الناطقة في مصر في سينما فون عزيز دوريس في الإسكندرية ( سينما ستراند في محطة الرمل الآن)، كما نجح عزيز بندرلي وامبرتو ملافاسي دوريس في استيراد الحاكي والاسطوانات الناطقة للتعليق على الأفلام في السينما. يذكر أن ذاكرة مصر المعاصرة هو مشروع بحثي علمي يهدف إلى رقمنة كل المواد التي ترتبط بتاريخ مصر المعاصر، من صور ووثائق وعملات وأفلام تسجيلية وغيرها، وهي تعد أكبر بوابة إلكترونية تضم بين صفحاتها تاريخ مصر في قرنين من الزمان، بدءًا من عهد والي مصر محمد علي باشا 1805، وحتى نهاية عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات في 6 تشرين الاول ( أكتوبر) 1981. وتؤرخ الذاكرة لتاريخ مصر من مختلف النواحي: سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، ومن أهم ما يميزها هو الحياد وتسليط الضوء على جوانب مجهولة في تاريخ الشعب المصري.