قال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري: أعتبر أن الاطلاع على تراث المفكر الراحل محمد مندور، يشق آفاقا من المعرفة، فإن القضايا السياسية والاجتماعية التي طرحها منذ أكثر من خمسين عاما ما زالت قائمة، ويطالب بها بعض المثقفين، فقد نادى وناضل من أجل مصطلح العدالة الاجتماعية الذي ما زلنا نستحضره منذ ثورة 25 يناير. ومسيرة "مندور" كما اعتبرها "شعبان" في ورقته البحثية "الأفكار السياسية والانحيازات الاجتماعية" حافلة بالجانب الثقافي، لم تخل من محاور أساسية، كان أبرزها النضال من أجل الاستقلال الوطني، والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان وغيرها من القيم، وأوضح "شعبان" تأثير اليسار الفرنسي في رؤيته. ووصف حلمي شعراوي، مُدير الجلسة الثانية، من احتفالية "محمد مندور بين الفكر الأدبي والفكر السياسي، بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيله"، بالمجلس الأعلى للثقافة، اليوم الإثنين، محمد مندور بالمثقف العضوي المفكر، اشتغل بالفكر الفلسفي، ووظفه في الحياة الاجتماعية والسياسية، فهو مثال للمثقف المتمرد، الذي يصوغ إدراكًا جديدًا لأمته، يعبأ بهموهم وينحاز لصفوفهم، التي هو منها. واستعرض الكاتب الصحفي محمد الشافعي، تجربة "مندور" الصحفية التي تتوازى مع تجربته النقدية، فقد دخل بوابة الصحافة من عالم المقال، ومن مرتبة وظيفية أعلى، نتيجة لخبرته الثرية في السياسة، كذلك كان شخصا شديد الاعتزاز بقلمه وفكره فلم يرضخ للترهيب أو التهديد، بالرغم من اعتقاله وحبسه، ومحاولة السلطة لاستمالته . ورأى الدكتور جمال شقرة أن "مندور" انطلق من رؤية شاملة، مؤمنا برسالة الأدب والفن، وبالتأثير الإيجابي للفنون، للنهوض بالقيم الصاعدة وقدرتها على تكوين رأي عام لمستقبل أفضل، فكانت رؤيته ملتحمة مع الواقع ليست منفصلة عن الواقع، انتقل بها إلى أرض الواقع السياسي، كما تمسك بالوظيفة الاحتماعية للأدب، فإذا كان الأدب مرآة للواقع، فإن وظيفته عند "مندور" المشاركة في صناعة الأمة والمستقبل، فشكل توليفة مكتملة من الأدب والنقد الأدبي والسياسة والاقتصاد. فقد عاصر "مندور" وانفعل بمعارك سياسية و00اجتماعية، مهمة، فهو ابن المرحلة شبه الليبرالية، عاصر انفجار ثورة 23 يوليو والتحولات التي أعقبتها في الستينيات، فقبل رحيله سنة 1965 عاصر صدور قرارات يوليو الاشتراكية، كما عاصر الصراع الذي فرضته الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب على مصر، وكذلك التهديدات الإسرائيلية والعدوان الثلاثي، كما عاصر وانفعل بتجربة التنمية والتحديث التي بدأتها ثورة يوليو 1952. واحتدم النقاش، حول إيدولوجية "مندور"، كونه ينتمي للاشتراكية واليسارية، أم أنه ليبرالي، لكن السياسي والدكتور مصطفي الفقي، رأى أنه مُحايد، لم يكن يساريًا ولا ليبراليًا، ولا يدين لغيرها من الإيديولوجيات، بل استطاع أن يحافظ على أنه ثائر وتقدمي، رسخ للحداثة في كل الاتجاهات، تأثر بالتجربه الفرنسية، فعاد محملًا باتساع الأفق والمعرفة.