وقف فى كتاباته بجانب القضية النسائية وأعطاها من عمره الكثير فلا مانع لديه أن ترأس منزله امرأة وأن تكون رئيسة عمله امرأة لأن حب عمره امرأة، ويرى أن أكبر انتصاراته فى الحياة هو زواجه من زعيمة التمرد النسائى "نوال السعداوي" التى حاصرته بعقلها، وأكبر هزيمة عنده هى محاولة قديمة للتفريق بينهما، يؤمن بأن وراء كل عظيم امرأة ووراء كل عظيمة رجل .. إنه الكاتب والأديب والطبيب محب النساء وثقافة التمرد والذى شغل نفسه بهجوم وقضايا النساء، إنه د. شريف حتاتة زوج نوال السعداوي. وللوقوف على أهم العلاقات المميزة فى حياته كان لنا هذا الحوار.. - بماذا تفسر لنا موقفك الداعم للنساء وقضيتهم فى مجتمع ذكورى كالمجتمع العربي؟ الرجل تعود أن يكون القطب الأوحد فى البيت والعمل ومراكز الحكم وهذا تقليد يتسم به العالم كله وليس بالوطن العربى وحده لذا فالبعض يتعجب من وجود رجل فى صفوف النساء يدعم قضيتهم ليتفوقوا عليه وأنا أدعى أننى من الشجاعة أن أقوم بمثل هذه التجربة كما أن حياتى مع زوجة مثل نوال السعداوى جعلت منى متمرداً قاسياً على كل القوالب القديمة فى الفكر الذكورى الذى ينصب نفسه على قمة كل شيء، فالحياة مكونة من سماء وأرض الزرع لن ينمو بالماء وحده ولا بالتربة وحدها فالحياة مكونة على أساس تكاملى مزدوج فلن تسير الحياة بقدم واحدة وإلا ستقع وتجربتى مع د. نوال معادلة خاصة بى وهى أن 1+1يساوى 2 بل يساوى مئة وألف مليون، فالتكامل أساس الحياة، فلما نتجاهله؟ - وما تقييمك لتجربة حب وزواج دامت لنصف قرن مع متمردة مثل نوال السعداوي؟ تجربتى مع د. نوال قد تستفز الكثيرين لكن يكفينا أننا سعيدان بهذه التجربة التى أثمرت عن حب لم تطله أيادى الزمن ولا سم الحاقدين لأن علاقتنا بدأت واستمرت على التفاهم والصراحة والتكامل فشخصياتنا متقاربة وأفكارنا متشابهة إلى حد كبير أدى إلى تقارب عقولنا والتمرد هو أول من قرب بينا فقد تعرفت عليها فى فترة نبذنى فيها الناس والمجتمع عقب خروجى من معتقل قضيت فيه خمسة عشر عاماً من شبابى وهى منبوذة فكرياً واجتماعياً بعد زواجها مرتين وطلاقها بالإضافة إلى أفكارها الجريئة التى طالما جرت عليها مشاكل كثيرة. - وما رأيك فى الجدل الذى أثير عندما أعلنت ترشيحها لرئاسة الجمهورية؟ أولاً لم تكن نوال بصدد ترشيح نفسها أملاً فى الفوز بالمنصب، بل كانت حركة جريئة من قبل سيدة ترشح نفسها فى مواجهة رجال لمنصب هام مثل هذا لمجرد التمرد على السيطرة الذكورية للمناصب التى تزخر بالرجال ولا يلقى النساء منها إلا الفتات فهى اخذت على عاتقها أول نداءات التغيير وأنا أرى أن المساهمة فى ذلك هو تشجيعى لها وهذه خطوة إيجابية لفتح الباب أمام التغيير ، والجدل فى حد ذاته شيء إيجابى لكننى عجبت لما رأيته من تناقض فى الآراء أثناء المناقشات .. لذا فأنا أرى أن ترشيح نوال لنفسها لرئاسة الجمهورية هو قرار تمردى لمجرد التغيير مستندة عليه من قبل قهر نسائى دام سنين من قبل ذكور تناسوا دور المرأة التاريخى فى نهضة شعوب وأمم مثل كليوباترا ومارجريت تاتشر ، وسيزا نبراوى وهدى شعراوى ومادلين أولبريت. - ما تقييمك للأدب النسائى العربي؟ الأدب النسائى عموماً متميز وجريء وإن كان البعض لا يراه كذلك ويرى فيه ضعفه كما يرى فى المرأة ضعفها قبل قوتها لكننى أرى أن مجرد أن تمسك المرأة بالقلم وتكتب هذا فى حد ذاته إنجاز لا يمكن إنكاره فوسط موجات ما تعانيه النساء من محاولات القمع أن تنبت واحدة منهن عكس ذلك وتثبت قوتها بقلمها فهذا إنجاز. النساء بطبعهن صامتات والمفروض أن ننصت لهذا الصوت الضعيف أكثر من ذلك ونحاول زيادة عدد النساء الكاتبات والقارئات ونحاول أن نضعهن فى أماكنهن الصحيحة التى يستحقننها، كما يجب أن توضع المرأة فى موقعها الصحيح من حيث طريقة تناول موضوعاتها فهى ذات طبيعة مختلفة فلا زلنا فى حاجة لتفهم الأدب النسائى وتذوقه. - وما تقييمك للأدب العربى المعاصر ككل؟ الأدب العربى يصنف من أدب العالم الثالث ويتميز بالصراع والاختلاف والتناقض الذى يتسم به أدب العالم الثالث مما يثريه ويثرى موضوعاته التى تنبع من واقع الأرض التى شربت من دماء الصراعات التى تدور فى العالم الثالث من صراعات فكرية وعرقية خرجت عن مجتمعات مختلفة الأذواق بين أنواع الأدب لكنه فى الوقت ذاته محدد بسقف معين للحرية لا يتخطاه مما يجعله أسير قرارات سياسية وأنظمة أمنية مما يفقد العمل الأدبى نكهته المثمرة التى تعطيه الطعم المميز رغم أن الوضع يتطور نحو التقدم كل يوم إلا أن القرارات السياسية ما زالت محددة ومقيدة لحرية المبدع العربى فقد نجحت السلطات فى ترويض الأدباء وتأنيسهم، فاتسم الأدب بالحرص، والحرص يتناقض مع الحرية والإبداع. ونحن ما زلنا منعزلين عما يحدث فى العالم من تقدم وحرية وتمرد إلا أن بعض التجارب الأدبية التى اتخذت من المهمشين اجتماعياً موضوعا لها خطت نحو التمرد رغم أنها محاولات حثيثة إلا أنها ستأتى ثمارها فى يوم ما. السياسة فى كل شيء . - وفى رأيك لماذا يحجم الأدباء العرب عن تدوين المشهد السياسى العربى فى أعمالهم؟ أرى أن السياسة دخلت البيوت والقلوب وبين الأوراق والقلم لم تعد حكراً على السياسيين وهناك عدد من الأدباء ذوى الجرأة الذين اتخذوا من الموضوعات السياسية الحساسة التى تهم بلادهم موضوعات لأعمالهم الأدبية ولا أنكر أن المحاولات ما زالت ضعيفة لكنها ستثبت نفسها وأنا أحياناً أتقمص دور السياسى الأديب فى أعمالى لأننى لا أستطيع أن انفصل عن واقعى السياسي، فالحب به سياسة، والملبس به سياسية، والمأكل به سياسة، فكيف ننفصل عن واقعنا السياسي، ونتخلى عن حياتنا برمتها لكن مع الحرص على الحد الفاصل بين التدخل السياسى فى الأدب والسيطرة السياسية على الأدب فهناك مثقفون أخذوا أكثر من وضعهم لموالاتهم للأنظمة السياسية وهذا يختلف عن التمرد الثقافى على السياسة الذى أقصده. - وماآحدث أعمالك الأدبية؟ آخر أعمالى هو سيرة ذاتية بعنوان "النوافذ المفتوحة" ستصدر كسلسلة، وقد صدر منها الجزء الأول والثانى مؤخراً، وأصف بهذه السلسلة رحلاتى الأدبية مع تعليق على الأحداث التى مرت بى خلال هذه الرحلات.