مع تزايد الحياة العصرية في توسعها واكتشافاتها ما زال الإنسان يحس بالخوف عند أقل الأسباب وقد يتحول في بعض الحالات إلى سجن يعتقل الانسان بداخله، وكل شخص لابد أنه يكون مر بتجربة بها " شئ من الخوف " فعاش لحظات من الرعب ، أو الخوف ، والغالبية العظمي من البشر يخافون من أي شيء ولأي شيء .. ولا توجد علاقة بين الخوف وشخصية الفرد فمهما كانت فهناك مخاوف ومحاذير تمر عليه للحظات على الأقل ! وليس الخوف ضد الشجاعة فمثلاً هناك مخاوف يشترك فيها الجميع فلو كنا نركب طائرة وهي تطير بنا في الجو وعلمنا أن الخطر محدق بها فلا بد أن الخوف سيسيطر علينا جميعاً ، ولو تعرضنا لهزة زلزال أرضي مهما كانت درجته فإن الخوف سيسطر علينا ، هذا بالإضافة إلى الخوف من الجراثيم والحرائق والإدمان والبطالة والمستقبل ، وأنواع الخوف الكثيرة الأخرى . وقد اهتم العلماء كثيراً في السنوات الأخيرة باجراء دراسات حول الخوف وأسبابه وأسراره وكيفية تجنبه .. فأكدوا أن كثيراً من الآباء والأمهات يقعون في خطأ فادح عندما يحاولون كبح جماح أطفالهم باستخدام سلاح الخوف وتهديدهم بشكل مستمر بأشياء تثير الخوف والرعب ، كالتهديد بالضرب أو بأي وسيلة للتخويف مثل وضعهم في الظلام أو تهديدهم ببعض الحيوانات بالإضافة إلى الأسلوب السيئ في التعامل مع الأطفال من جانب بعض المربيات غير المؤهلات . إن زرع الخوف في نفس الطفل خطأ فادح لأنه يكبر معه وتظل هذه الحالات تلازمه دون ذنب منه في ذلك . وقد سجل التاريخ لبعض المشاهير خوفهم الذي كان يلازمهم من بعض الأشياء أو في الأوقات لأسباب عديدة ، مثلا نابليون بونابرت الرجل العظيم وقائد الجيوش الفاتحة كان يخاف من الفئران. أما مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة كانت تخاف جداً من الظلام ، والخوف من الظلام يجعل المرء خائف من الليل ، وهذا يرجع للتربية الأولى أو أول حادث يتعرض له الشخص في الظلام ، وهذا النوع لا ينام إلا في النور بمجرد إطفائه يبدأ في تخيل الأشباح . والنجمة السينمائية " ناتالي وود " كانت تخاف بشكل رهيب من المياة وحمامات السباحة والبحار والأنهار .. وهذا الخوف يجعل صاحبه يخشي السباحة خوفاً من الغرق . أما عالم النفس الشهير " فرويد " كان يخاف من السفر لذا ظل 12 عاماً لا يركب قطاراً ولا سفينة ، ولم يتخلص من عقدة الخوف هذه إلا في آخر أيامه . وهناك عشرات من المشاهير الذين يعيشون لحظات خوف من أشياء عديدة منها الزواج والنار والشيخوخة والموت والمجهول والفقر . وعن الخوف يقول د. رفيق النجار أستاذ الطب النفسي : الخوف هو شعور يجعل الإنسان يحس بالتهديد بالخطر المتوقع ، والخوف أنواع ودرجات ومنه المرضي والصحي ، فوجود درجة من الخوف أمر ضروري لكي يستمر الإنسان حياً ؛ لأنني إذا لم أخف من النار سأحرق نفسي فيها ، فالخوف ضرورة للوجود ، وهو إنعكاس لحالة الوجود الدنيوي ، ولا سبيل للقضاء على الخوف سوى بالإيمان بالله تعالي لأن مع الإيمان نجد كل شئ واضح ومحدد ولا داعي للقلق ، ولا بد أن يدرك الإنسان أن وجوده الذاتي لا معنى له من غير الإلتحام بالذات الإلهية ، ويدرك أن وجوده الذاتي مؤقت وأنه لا بد أنه زائل لا محالة . وترى د. ألفت عبد الحميد استشاري الأمراض النفسية، أن الخوف سلوك اجتماعي مكتسب، حيث نجد درجاته تختلف بين بيئة وأخرى، وإن كان ثمة مخاوف مشتركة بين كل البشر مثل الخوف من المرض، أو من فقد شخص عزيز، أو خوف الأم على ابنائها وهي غريزة طبيعية. لكن ثمة أنواع من المخاوف تصل إلى حد الهوس وتحتاج إلى تدخل الطبيب النفسي لمساعدة المريض على تجاوزها، وهذا يحتاج إلى عدة جلسات متتالية، وإلى تجاوب المريض وإرادته كي يتمكن من تحقيق خطوات في مواجهة مخاوفه واقتحامها، والتأكد من أنها مجرد هواجس تضخمت بفعل الخيال والسلوك الخائف الذي يضخم الأفكار ويجعل منها أمرا واقعا. فالخوف من الظلمة عند البعض نتج مثلا عن التربية منذ الطفولة، حيث كانت العائلة تزرع في ذهن الطفل فكرة العلاقة بين الأشباح والظلام، فتصير العتمة في ذهنه مقترنة بوجود شيء مخيف، من هنا يجلس الطبيب مع مريضه ويستمع لمخاوفه اولا، ثم يبدأ في العلاج التطبيقي ليساعده على التحرر من مخاوفه.