ثلاثة من ثلاثة أماكن متفرقة (العراق- أمريكا- مصر) جوائز لم أسع اليها ولم أنتظرها بفارغ الصبر ولم أتنافس عليها. سأذكرها حسب أقدميتها.. الأولى – من مواطن عراقي في 1990 نقل من بغداد إلى عمل جديد في البصرة فوصل متعبا حتى أنه لم يستطع أن ينام لشده ارهاقه فتلفت حوله ، فوجد مجلة فتحها ليتصفحها فوجد قصتي (القطار المسافر) وحين قرأها شعر بالراحة من عناء السفر وهو يغرق في تفاصيلها، حتى أنه وعد نفسه أن يذهب في صباح اليوم التالي إلى اقرب مكتبة ليسأل عن مجموعتي الأولى التي نشرت في العراق (حدوة حصان). القارىء الذي لا أعرفه كتب رسالة إلى المجلة يشكرهم فيها على قصتي. وقد وصلتني المجلة في حينها وأسعدتني الرسالة سعادة بالغة. الثانية – حين قالت صحفية امريكية (لا اتذكر اسمها) في ندوة أقامتها دار النشر في الجامعة الامريكية بالقاهرة في 2002 لتقديم مختارات قصصي التي نشرتها الجامعة وكان المترجم الراحل دنيس جونسون ديفز قد ترجمها ووضع عنوان احدى قصص المجموعة عنوانا للكتاب (الليلة الاخيرة) . قالت الكاتبة شيئا كان بمثابة جائزة أسعدتني. قالت إن قصة الليلة الأخيرة قد ساعدتها على اتخاذ قرار بشأن علاقة عاطفية كانت مترددة في إنهائها. الذي أسعدني في هذا اني كتبت القصة اصلا باللغة العربية وفي ذهني الجمهور العربي، فأما ان تتأثر بها امرأة امريكية بعد ان تقرأها بلغتها وتساعدها على اتخاذ قرار مصيري في حياتها، هذه جائزة كبيرة لي. الثالثة وهي أم الجوائز فقد استلمتها قبل أيام قليلة. صديق كريم على الفيسبوك خبير في مجاله وقد تبوأ مناصب عليا في الدولة المصرية وتستعين (بخبرته في مجال اختصاصه) العديد من الفضائيات، قال لي ونحن نتحاور على المسنجر أنه كان يقرأ لي منذ ان كان عمره 12 سنة ، ويبدو أنه قرأ في تلك السن المجموعة الأولى التي اصدرتها في مصر (موت إله البحر) 1977 لأنه ذكر لي قصتين منها تأثر بهما ، وهذا نص كلماته وقد استأذنته في نشرها : (حتى هذه اللحظة اتعامل مع كافة المشاكل التى تواجهنى بمنطق،،، "كان يريد أن يخبرها ان الرزق شحيح " قصة (رجل وإمرأة) سائق التاكسى الفقير مع الغانية الفقيرة، ومحاولة كلاهما الحصول على ما يقيم الاود. اثرت فى كافة قراراتى وتعاملى مع الناس. توليت الكثير من المناصب العليا، وهذه القصة هذبت من تعاملاتى مع كافة موظفيي. كنت كلما غضبت على احدهم، وقبل أن آخذ قرار اقول ربما ان ظروفه كانت مثل سائق التاكسى. كما تمكنت ان اعيش حياتى بشكل جيد، من خلال تفرقتى بين (تركية)، و(علية) فى قصة (من قتل المعزى) اصبحت اصنف كل النساء بين (تركية) التى تريد مصلحتها تحت كل الظروف، وبين (علية) التى تتعب دون انتظار كلمة شكر.) ** إذا لم تكن هذه جائزة الجوائز، فماذا تكون؟ الجميل في موضوع هذه الجائزة ان القصتين اللتين تأثر بهما مصري، كانتا غارقتين في تراث البيئة العراقية حتى في بعض مفردات الحوارات. ولكني كنت دائما أقول أن الكلمة لا تضيع هباء. الكاتب يكتبها فتطوف سنوات في الفضاء حتى تستقر في مكان ما، وقد تغير حياة. لهذا لم أتقدم يوما لجائزة ما ، لأن القراء الذين يقرأون كلمتي ويتأثرون بها بشكل ما، او ان تساعدهم كلمتي لاتخاذ قرار أو حتى تمنحهم سعادة أو راحة من تعب، هم جائزتي التي لا تقدر بمال الدنيا.