معلوم أنَّ الأبعاد الهندسية المتعارف عليها هي ثلاثة، الطول والعرض والإرتفاع، الذي نصطلح عليه بالعُمق أحياناً. وهناك بُعد رابع يحيل إلى الزمن غير أنّ هذا البُعد لا علاقة له بالأبعاد الهندسية المستقرة في الذاكرة الإنسانية. إذاً، فالبُعد الرابع بهذا المعنى هو نظام يجمع بين تقنية الأفلام ثلاثية الأبعاد والمؤثرات الخاصة المتنوعة مثل الرياح والضباب والبرق والمطر والأضواء المبهرة والروائح والعطور وما إلى ذلك بالتزامن مع أحداث الفيلم الذي تجري وقائعه على الشاشة. يمكننا القول بأن الأفلام رباعية الأبعاد تقترن دائماً بهذه المؤثرات الخاصة المُكلفة جداً، بل أنها تحتاج إلى صالات سينمائية خاصة مُشيّدة لهذا الغرض في الحدائق والمنتزهات والمدن الترفيهية الكبيرة كما هو الحال في مركز جوندولينيا الترفيهي في الدوحة. • مؤثرات خاصة تشمل المؤثرات المادية الخاصة المتوفرة في صالات العرض حتى الآن المطر، والرياح، والدخان، والأضواء المبهرة، والفقّاعات الهوائية، والروائح الخاصة، والكراسي المهتزَّة التي تتحرك بضعة بوصات إلى الاتجاهات كلها في أثناء العرض. كما تمتلك هذه الكراسي المتطورة الصنع نفّاثات هواء، وبخاخات ماء، ومُدغدغات للأرجل والظهر وبقية الأعضاء الحساسة في جسد المتفرج. يذكر أن المؤثرات الأربعة، السمعيّة والبصريّة واللمسيّة والشميّة، وربما تدخل التذوقيّة مستقبلاً، قد تزعج شريحة محددة من المشاهدين فبعضهم أُصيب بالقرف والغثيان عندما شمّ روائح نتنة أو قوية جداً كما حصل في فيلمي "عين لندن" و"من الصعب أن تكون متهوراً” وغيرها من الأفلام التي سنأتي على ذكرها لاحقاً. إذاً، أن كل التسميات الأخرى كالخماسية والسداسية والسباعية الأبعاد إنما تتمحور حول المؤثرات المادية الخاصة وما تنطوي عليه من تأثير على المتلقي سلباً أو إيجاباً. تتضمن التقنيات البارزة التي تعزّز الفيلم المجسّم رباعي الأبعاد ثلاث تقنيات رئيسة صوتية وشميّة ومحيطية، إن جاز لنا التعبير. فالبُعد الصوتي يقوم بتجسيم تجربة الصوت بالشكل الأمثل خلال عرض الفيلم على الشاشة، تماماً كما حصل في فيلم "زلزال" عام 1974 و"معركة ميدواي" عام 1976 و"الأفعوانيّة" عام 1977. • عائد مادي أما التقنية الشميّة فهي تجعل المُشاهد يشمّ نفس الروائح المنبعثة من طيّات الفيلم وتفاصيله الدقيقة. وقد اخترع هذه التقنية هانز لوبه واستعملها أول مرة عام 1960 في فيلم "رائحة الغموض" للمخرج البريطاني جاك كاردِف، وقد تضمّن الفيلم نشر ثلاثين نوعاً من العطور على الحاضرين خلال “125" دقيقة. وفيما يتعلق بالتقنية الثالثة ال "4dx " التي تتيح زيادة المؤثرات المحيطية من حركة وروائح وحرارة ورطوبة وما إلى ذلك، خارج المقاسات التصويرية والصوتية المعروفة لعكس المناخ البيئي للفيلم وأجوائه التي قد تختلف من بلد إلى آخر. وقد استُعملت هذه التقنية تجارياً في أفلام عديدة من بينها "أفاتار" في سيول، عاصمة كوريا الجنوبية عام 2009 وانتقلت من هناك عام 2013 إلى الصين وإسرائيل وتايلندا وروسيا والمكسيك والبرازيل وبيرو وهنغاريا واليابان، وهي في طريقها إلى ماليزيا وجمهورية التشيك وبلغاريا وتايوان وتشيلي. أما أبرز الأفلام العالمية التي عُرضت بهذه التقنية فهي: "المنتقمون" لجوس وَيدن، و"قراصنة الكاريبي في بحار غريبة" لروب مارشال و"سبايدرمان المُذهل" لمارك ويب، و"رجل من حديد" لزاك سنايدر. حققت غالبية الأفلام رباعية الأبعاد شهرة واسعة كما جلبت مردودات مادية كبيرة مثل "كونغ فو باندا" لجون ستيفنسون ومارك أوزبورن، و"المُبيد 2: معركة عبر الزمن"، و"طرْ بي إلى القمر"، و"أعجوبة الرجال الخارقين" وغيرها من الأفلام رباعية الأبعاد وفق المفهوم الذي أوضحناه تواً، فيما يتعلق بتكييف الصالات أو تعزيزها بالمؤثرات المادية الخاصة المُشار إليها سلفاً. • تأثيرات جانبية لا تخلو السينما المجسّمة من تأثيرات جانبية سلبية فبعض الأطباء يؤكد على أن هذا النمط من الأفلام يؤدي إلى الصداع، والتعب البدني، وإرهاق العيون، والغثيان وسواها من الأمراض المعروفة التي قد تقترن بالعصر الحديث على وجه التحديد. وهناك بعض آخر من الأطباء يُجزم بأن رؤية الأفلام المجسّمة تؤثّر على الجنين وهو في رحم أمه، لكن أطباءً آخرين يؤكدون بالدليل القاطع أن الأفلام المجسمة المُصوَّرة بطريقة علمية صحيحة يُتقنها القائمون على التصوير، لا تؤثر على المُشاهِد البتة. وعلى الرغم من ضرورة إيماننا بالجانب العلمي وما يقوله الأطباء عن الأفلام المجسّمة، إلاّ أن هذه الآراء لم تستطع أن تضع حداً ليس لهذه التقنيات فحسب، وإنما لكل الأجهزة الإليكترونية الحديثة التي قيل إنها تخلّف تأثيرات جانبية على المتلقين. وعلى الرغم من هذه التحذيرات الجدية إلاّ أن التطور في هذا المضمار قائم على قدم وساق، إذ ينهمك بعض الخبراء الروس في إنجاز شاشة لعرض الأفلام المجسّمة من دون الحاجة إلى هذه النظارات الخاصة التي تسبِّب تلك المتاعب المذكورة سلفاً. نخلص إلى القول أنّ الأفلام المجسّمة بكل أنواعها المتعددة، إنما تهدف إلى التفاعل مع الجمهور وزجِّه للمشاركة في الحدث أو الإيحاء له في الأقل بأنه جزء لا يتجزأ من مناخ الفيلم وبيئته مهما دنت أو بعُدت المسافات، وأن البطل الذي يتعرّض إلى ضربة في الفيلم تقابلها ضربة خفيفة من كرسي الجلوس الهزّاز الذي يسترخي عليه المتلقي، وأن الهزّة الأرضية التي تضرب مكاناً ما يرصده الفيلم يشعر بها المُشاهد الذي يتابع الفيلم في صالة العرض، الأمر الذي يفضي في خاتمة المطاف إلى خلق جوٍ واقعي من الإثارة والترقّب والتشويق.