محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بعيد القيامة المجيد    تراجع سعر الريال السعودي في البنوك بالتزامن مع بدء موسم الحج    البلطى يتراجع.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في حلقة الأنفوشى بالإسكندرية اليوم السبت    محافظ أسيوط يناقش مستجدات مشروعات البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة    نجوم الغناء ينعون الشاعر بدر بن عبد المحسن: «انطفى ضي الحروف»    تردد القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    تجديد حبس جزار ونجله بتهمة قتل شاب في السلام    طوارئ في القناطر الخيرية لاستقبال آلاف الزائرين للاحتفال بشم النسيم    شيرين عبدالوهاب تحيي حفلا كامل العدد في الكويت.. «بكت على المسرح»    طرح البوستر الرسمي لفيلم «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي (تعرف علي موعد عرضه)    مستشار الرئيس للصحة: مصر في طريقها للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    اندلاع نيران في خاركيف بأوكرانيا جراء هجمات روسية بعد منتصف الليل    عاجل| السيسي يعزي رئيس مجلس السيادة السوداني في وفاة نجله    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    السيسي يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة المجيد    موعد بيرنلي أمام نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    سكرتير عام مساعد البحيرة يتابع تنفيذ مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    وزير الري: نعمل على توفير حياة كريمة للمواطنين بالصعيد    شذوذ جنسي وشرب الحشيش.. ننشر اعترافات المتهم بذبح طفل شبرا الخيمة    التصريح بدفن طالبة سقطت من البلكونة أثناء نشر الغسيل بالجيزة    ضبط 37 مليون جنيه حصيلة قضايا إتجار بالنقد الأجنبي    الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي تُناقش آفاق التعاون مع وكالة تمويل الصادرات البريطانية    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    جامعة المنيا تحقق معدلات مُرتفعة في سرعة حسم الشكاوى    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    «الرعاية الصحية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    "دفنوه على عتبة بيتهم".. أبوان يقيدان ابنهما ويعذبانه حتى الموت بالبحيرة    "تطبيق قانون المرور الجديد" زيادة أسعار اللوحات المعدنية وتعديلات أخرى    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    عفروتو يرد على انتقادات «التقصير والكسل»    تامر حسني يوجه رسالة لأيتن عامر بعد غنائها معه في حفله الأخير: أجمل إحساس    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «القومي للمرأة» يشيد بترجمة أعمال درامية للغة الإشارة في موسم رمضان 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    رئيس هيئة الدواء يشارك في اجتماع «الأطر التنظيمية بإفريقيا» بأمريكا    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    «سببت إزعاج لبعض الناس».. توفيق عكاشة يكشف أسباب ابتعاده عن الإعلام    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    عمرو وردة يفسخ تعاقده مع بانسيرايكوس اليوناني    تشكيل أرسنال المتوقع أمام بورنموث| تروسارد يقود الهجوم    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أشباح بروكسل" تطرح قضية الشرق والغرب في إطار عولمي
نشر في نقطة ضوء يوم 16 - 10 - 2020

تنتمي رواية "أشباح بروكسل... ربيع القتلة" (الهيئة المصرية العامة للكتاب) للروائي المصري محمد بركة، إلى تلك الموضوعية التي شاعت مقاربتها مع بدايات النهضة، وأعني بها قضية "الأنا والآخر" التي نجدها في عديد من الروايات، ولعل أشهرها "موسم الهجرة للشمال" للطيب صالح، و"عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم، و"قنديل أم هاشم" ليحيى حقي، و"الحي اللاتيني" لسهيل إدريس. لكننا في رواية محمد بركة، نجد أنفسنا أمام طرح مغاير لهذه الثنائية، فهي مكتوبة في زمن العولمة والشركات المتعددة الجنسيات، وثورة المعلومات، وهو يختلف عن الزمن الذي كُتبت فيه الروايات السابقة، الزمن الكولونيالي الذي شهد حركات التحرر الوطني والثقافي وما صاحبها من السعي لتأكيد هوية "الأنا" في مقابل "الآخر". واللافت أن صراع الهويات ماثل هناك أيضاً فى الشمال على أساس اقتصادي تحديداً، فالسارد الذي يتخذ وضعية الراوي الداخلي المشارك في الأحداث، يرى أن بلجيكا بلد يغلي على نار صراع الهويات، ورغبة الشمال الثري في الانفصال عن بقية الأقاليم التي يراها تمثل عبئاً اقتصادياً عليه.
الذئاب المنفردة
في ضوء هذا التفسير يمكن فهم ما يسمى بحركة "الذئاب المنفردة"، وانتشار جماعات "القرآن من أجل بريطانيا"، و"القرآن من أجل بلجيكا"، وغيرهما من الجماعات التي تجعل من الإسلام ذريعة للهيمنة.
وهذا ما يدفعنا إلى التوقف أمام دالة "الأشباح"، فالشبح حالة بينية بين الظهور والاختفاء، وهي صفة تنطبق على الوجود الشبحي لمن يتصفون بالذئاب المنفردة. والعنوان الفرعي، "ربيع القتلة"، يصنع تناصاً ساخراً مع "ربيع الثورات العربية". ومن خلال هذا التناقض الصارخ يحيلنا العنوان كذلك إلى محورية المكان عبر استعارة بعض تقنيات أدب الرحلة التي تأخذ بنية دائرية، القاهرة - بروكسل.
والحقيقة أن القاهرة مكان مُستدعى من خلال وعي السارد، فحركة السرد تبدأ وتنتهي هناك في بروكسل، لكن القاهرة مكان حاضر بالقوة وإن كانت غائبة بالفعل.
ويمكن القول إن رحلة القاهرة - بروكسل والعكس، هي الرحلة الإطار التي تتخللها رحلات داخلية كثيرة، وتوظيف تلك التيمة يؤدي (كما يقول شعيب حليفي) مهمة استراتيجية داخل النص الأدبي، من حيث توسيع الحكي وبناء التشويقات داخله. كما تتجلى دائرية هذه الرحلة الإطار في أن الأزمة هي دافع الحركة في الذهاب والعودة، حين نعلم من خلال تقنية الاسترجاع، أن الصحيفة التي يعمل فيها الراوي لم تعد تحتمل وجوده بسبب مهاجمته للنظام الجديد بعد ثورة يناير (كانون الثاني). ولم تجد حلاً سوى تعيينه مديراً لمكتبها، في العاصمة السياسية للاتحاد الأوروبي، التي يعود منها مأزوماً أو مشتبهاً فيه بعد عدة عمليات إرهابية نفذها بلجيكيون من أصول عربية.
علاقة مستباحة
وما بين أزمتي الذهاب والعودة نكتشف في النهاية أن علاقته الحميمة ب"كارلا"، كانت مستباحة طوال الوقت بعد أن اكتشف "مكاوي" (اسم السارد) كاميرا مزروعة خلف مصباح السقف أعلى السرير، وأن "جميع الليالى بعريها الصاخب مسجلة صوتاً وصورة"، بواسطة "منصور" و"خديجة"، الموظفين في مكتب الجريدة. بالتالي بات "مكاوي" مهدداً بالتشهير به.
المهم هنا هو تأكيد أننا أمام بطل إشكالى يواجه دائماً قوة أكبر منه، ما يوحي بانسحاق الفرد واستلابه في الوقت الذي يتخيل فيه أنه حر ويمتلك إرادته. ومن علامات هذا القهر شيوع الصور النمطية التي تشبه حروباً نفسية متبادلة. ففي الفصل الأول تؤكد "كلارا" أن السارد "ليس عربياً"، بل هو "مصري ينتمي إلى حضارة كليوباترا التي ركع أمامها قادة روما"، فيقاطعها "برناردينو" منفعلاً، "أليست العربية لغته؟ ثم إنني لم أقل إنه إرهابي أو محتقر للنساء".
هذه هي الصورة النمطية لشخصية العربي في الوعي الغربي، فهو متهم حتى تثبت براءته، أو يتم استثناؤه من هذه القاعدة العامة. وهذا ما يستشعره الراوي حين يقول، "كنتُ أنا المتهم بمجرد نطق اسمه، المدان بمجرد خلع نظارته الشمسية وإظهار ملامحه".
وفي موضع آخر تسأله "كيارا" اليهودية، "هل تظن حقاً أن اليهود هم أحفاد القردة والخنازير؟". تقول هذا على رغم علمها أنه مؤمن بالتعايش بين الجميع من دون تمييز، ومع ذلك تظل تهمته قائمة بسبب كونه مسلماً.
إن بينيّة الرواية تمثيل رمزي للعولمة، من خلال تعدد الجنسيات واللغات والأفكار وتفعيل المقارنات الدائمة بين الأماكن المختلفة. وفي هذا يقارن السارد بين القاهرة وروما مؤكداً البعد المتوسطي بوصفه أحد أبعاد الهوية المصرية، ويرى أن روما تعد النسخة الأوروبية من القاهرة، أو أن الثانية تعد النسخة الشرقية من الأولى، وعليه فإن رباط الماء (يقصد البحر المتوسط) لا يقل عن رباط الدم.
إن تقنية الاسترجاع هي أكثر التقنيات فاعلية في الرواية، فنحن هناك في بروكسل، لكننا أيضاً أمام مكان مُستدعى دائماً، وهو القاهرة. ولا يتوقف الأمر عند تعدد الأمكنة بل إن للمكان الواحد ظاهراً وباطناً، صورة روما التي تهدمت فيها إحدى البنايات وتحولت إلى مقلب قمامة عشوائي، وصورتها المصدرة إلى الوعي العام، "روما الكلولسيوم والفانيكانو وإلقاء العملات المعدنية في نافورة".
وعلى مدار الرواية نلاحظ وجود أسلوبين، المباشر المنسوب إلى السارد، وغير المباشر حين يقوم السارد بدمج صوت الشخصية في صوته، وهو أسلوب يشيع فيه ضمير الغائب على العكس من المباشر المعتمد على ضمير المتكلم.
غير أن الأهم هو أن الأسلوب عموماً غير متقشف جمالياً، فهو يعتمد في مواضع كثيرة على التفكير الاستعاري والكنائي. وتأخذ تيمة "الجسد" مساحة واضحة في السرد، وقد تأخذ معنى الاستغلال من جانب والغزو من جانب آخر، على نحو ما يحدث بين فتيات البلجيك وشباب اللاجئين. لكن السارد المصري لا يرى في تلك الأجساد البلجيكية النحيفة ما يثير خياله الشرقي الجامح، الذي تثيره "فتاة تخفي جسدها المنحوت بعباءة سوداء تطلي أظافر قدميها بالأحمر الناري وتراقص خطواتها الأرض في ممر ضيق في القاهرة الفاطمية". وبهذا تسقط أسطورة غزو أوروبا عبر أجساد نسائها، على نحو ما شاع في بعض الروايات في مراحل سابقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.