اكدت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار فاروق سلطان عدم دستورية تشكيل لجنة لتحديد أتعاب المحامي عند الخلاف مع الموكل حول تقديرها، والتي نص عليها قانون المحاماة، استنادا إلي مخالفة ذلك لعدد من مواد الدستور. وتضمن الحكم الذي اصدرته المحكمة الدستورية في ساعة متأخرة من مساء امس الاول عدم دستورية نصي الفقرتين الأولي والثانية من المادة 84 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 معدلا بالقانون رقم 197 لسنة 2007 وسقوط نص الفقرة الثالثة من ذات المادة والمادة 85 من القانون. وكانت محكمة رشيد الجزئية قد أحالت الطعن إلي المحكة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة 84 من قانون المحاماة فيما تضمنته فقرتاها الأولي والثانية من أحكام تتعلق بتشكيل لجنة تحديد أتعاب المحامي عند الخلاف مع الموكل حول تقديرها، بعد أن إرتأت فيها شبهة مخالفة للدستور. واستندت المحكمة الدستورية العليا في أسباب حكمها إلي أن السلطة المخولة للمشرع في شأن تنظيم الحقوق، هي سلطة تقديرية، واستخدامها يكون فيما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط محددة تحد من إطلاقها. وأوضحت المحكمة أن ما نص عليه القانون من إنشاء لجنة ثلاثية يغلب علي تشكيلها العنصر القضائي، وفتح باب اللجوء إليها للمحامي والموكل علي حد سواء، بقي تدخله قاصرا عن تحقيق شرط الحماية القانونية المتكافئة بين المتماثلة مراكزهم القانونية، موضحة أن النص ميز المحامي عن موكله بوجود ممثل للأول دون الثاني في عضوية اللجنة الثلاثية، كما خص الخلاف بينهما حول تحديد الأتعاب - وهو خلاف بين أصيل ووكيل في إطار عقد الوكالة - بتنظيم خاص قائم بذاته، ومختلف في مضمونه عما تخضع له غير ذلك من المنازعات من قواعد حاكمة فيما بين الأصيل والوكيل بأجر خاصة في النقابات المهنية. وأضافت المحكمة أن هذا النوع من المنازعات يتماثل في طبيعتها، الأمر الذي يعد معه هذا النص افتئاتا علي ولاية المحاكم العادية في نظر هذه المنازعات، وانتهاكا لاستقلالها بالتالي. وأكدت المحكمة أن النص المطعون فيه جاء في غيبة من أية مبررات منطقية من شأن اجتماعها أن تسمح للمشرع بإحداث هذا التمييز غير المبرر في أصله، ومؤدي ذلك أن النص المحال للنظر في دستوريته قد تجاوز الضوابط الدستورية المقررة وأخل بالحق في التقاضي، وحق المواطن في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي، والحق في مساواة المواطنين أمام القانون ومبدأ استقلال القضاء إخلالا بأحكام المواد 40 و 65 و 68 و 165 من الدستور.