- خريج معهد لاسلكي اعشق السينما، والقراءة عنها وعن الفنون والثقافات الاخري، منذ كنت صغيرا، وهو الامر الذي اهلني، في مرحلة ما، للكتابة في الصحف والمجلات مثل: "القاهرة"، "المسائية"، ومجلتي "الفنون" و"سينما" التي كان يصدرها الناقد الكبير قصي صالح الدرويش من باريس، قبل ان تغلق ابوابها وشاركت في العديد من المهرجانات السينمائية في مصر من بينها مهرجان القاهرة السينمائي الذي اشرفت في عدد من دوراته علي الندوات، ومؤخرا تقدمت بمشروع لمكتبة الاسكندرية بعنوان "سينما الاسكندرية" عبارة عن قائمة بما يقرب من 419 فيلما مصريا واجنبيا تم تصويرها في الاسكندرية وقدمت من خلاله تحليلا وصورا لاهالي الاسكندرية، الاصليين وتواريخ صناعة هذه الافلام. تبدو مغرما بجمع التراث ومهتما بكل ما هو قديم ونادر؟ - هذا صحيح، واتصور ان تركيبة شخصيتي وتكويني الثقافي قاداني الي هذه المنطقة تحديدا والدليل ان كتاباتي في الصحف تنحو غالبا نحو الدراسة كما فعلت عندما قدمت دراسةاقرب الي البحث، عن صورة "المسيح في السينما"، ورصدت من خلالها مجموعة الافلام التي قدمت هذه الصورة، وعلي رأسها اول فيلم تناول حياته من انتاج عام 1927 وانتهاء بآخر فيلم انتج عام 2004. وكيف تبلورت فكرة تقديم كتاب للمكتبة العربية عن "الافيش" في السينما المصرية؟ - لانني املك مكتبة مهمة تضم عددا كبيرا من الافلام النادرة والقيمة واحتفظ بمجموعة هائلة من "الافيشات" الاصلية التي كنت اجمعها منذ صغري، قررت في لحظة ان اتيح الفرصة لكل محبي السينما والمهتمين بها في الاطلاع علي هذه الثروة من خلال كتاب يقدمها وزاد اقتناعي بالفكرة لما وقع في يدي كتاب امريكي انطلق من الفكرة نفسها، وهي تجمع اشهر افيشات السينما الامريكية ومنذ تسع سنوات حيث اللحظة التي اتاحت لي فيها الظروف الاطلاع علي الكتاب الامريكي اختمرت الفكرة في ذهني وتحولت عادة جمع الافيشات الي مهمة ومسئولية بالنسبة الي التعجيل بفكرة اصدار الكتاب والان استطيع القول انه خلال 25 سنة نجحت في جمع غالبية افيشات السينما المصرية ووصل عددها لدي الي 265 افيش. ، ما مصادرك في جمع هذه الثروة؟ - اصحابها من منتجين وايضا مخازن شركة القاهرة للسينما "فيلمنتاج" التي كانت احدي شركات القطاع العام في مصر وقت ان كانت الدولة تشرف علي الانتاج السينمائي ووسائل اخري من بينها سور الازبكية والمكتبات الشعبية وغيرها. لماذا انصبت اختياراتك علي الافيشات القديمة، المرسومة بايد بشرية؟ - بالاضافة الي عشقي للسينما فانا مغرم بالرسم، وكنت اعجب دائما بالافيشات في شكلها القديم لانها تتميز بحس انساني مرهف لم تفسده التكنولوجيا الحديثة، ومع هذا كنت اتابع التطور الحاصل في كل مرحلة واخري حتي انتهينا الي مرحلة "الافيش" المصنوع بالكمبيوتر لكن بقي حبي لافيش الريشة دائما ولم ينافسه افيش اخر، خصوصا انه كان مرتبطا بالاحداث بشكل كبير. لكن الافيشات المرسومة باليد غالبا ما كانت تتهم بالبدائية، والاخطاء الفادحة في مراعاة النسب وعلم تشريح جسد الانسان؟ - هذه ليست اخطاء فادحة في نظري فلا يهم بالنسبة لي آن اري صورة طبق الاصل لهند رستم او فريد شوقي بل المهم ان استشعر روحا في الافيش، وهذا ما كان متوافرا بشكل كبير بالاضافة الي اللمسة الجمالية الغائبة تماما عن افيش الكمبيوتر الذي يلجأ اليه المنتجون والمخرجون في المرحلة الاخيرة علي سبيل "الاستسهال" وتقليل النفقات، وحجتهم في هذا ان اليد البشرية التي احترفت صنع "الافيش" اختفت ولم يعد لصاحبها وجود! لم تشر الي الجدب الفكري او العقم الابداعي الذي كان سببا في لجوء معظمهم حاليا الي السطو علي "الافيشات" الاجنبية؟ - وهذا سبب اضافي يدعوني لكراهية "الافيش" في شكله الحالي ويدفعني لطرح السؤال المهم: لماذا لم نعرف ظاهرة السطو علي الافيشات ايام اعتمادنا علي اليد المصرية؟ لا ابالغ عندما اقول انني لم انبهر طوال 15 سنة بأي "افيش" باستثناء "افيش" فيلم "عمارة يعقوبيان" الذي لم يتم طرحه مع الفيلم في صالات العرض او في الصحف ويظهر فيه بواب يجلس امام عمارة، وكان مرسوما باليد، لكنهم استبعدوه وفضلوا طرح الافيش الذي يرضي نجوم الفيلم "!" كذلك اعجبني افيش فيلم "جنينة الاسماك" لتميزه الشديد لكنني لاحظت انه قريب الشبه من افيش فيلم "الخوف" للمخرج سعيد مرزوق شفاه الله وعافاه من وعكته الصحية، اما ما يحدث حاليا فهو بالفعل انعكاس لفقر في الفكر والفن ايضا. لكن هناك من يأخذ عليك الاكتفاء بتخصيص صفحة لكل افيش مع عنوانه بالعربية والانجليزية وسنة الانتاج فقط من دون دراسة او تحليل للافيش؟ - لو فعلت هذا لاحتاج الكتاب مني الي ميزانية باهظة ولم تكن امكانياتي او ظروفي المادية تسمح لي بهذا، فالكتاب من القطع الكبير ويقع في حوالي 200 صفحة وهو نفس قطع الكتاب الامريكي وكذلك خامة الورق، وكما هو واضح فقد راعيت ان تكون الطباعة فاخرة حتي لا يتعرض الافيش للتشويه، وتضيع الفكرة من تقديمه كوثيقة تاريخية، بالاضافة الي انني ارخت للاعوام من 1933 الي 1999 في الوقت الذي اكتفي فيه الكتاب الامريكي بافيشات الخمسينيات فقط. بصراحة.. كم كلفك طبع الكتاب؟ - مائة الف جنيه، حيث قمت بطباعة الف نسخة والنسخة مطروحة للبيع بمائة وخمسين جنيها. لماذا اخترت توزيع الكتاب بنفسك ولم تلجأ الي دار توزيع كبيرة؟ - لقد خفت عليه فانا اعتبره ابني، وعلي الرغم من هذا لجأت الي دار الشروق ودار نشر الجامعة الامريكية وعقدت اتفاقا مع القائمين عليهما لتوزيع الكتاب بشكل ودي من خلال منافذ التوزيع الخاصة بهما، وانتظر اقامة معرض الكتاب، لأعرض الكتاب وانتهز الفرصة لعقد اتفاقات مع الناشرين العرب لتوزيعه في الدول العربية. هل تعتبر نفسك "مغامر" او تقود اتجاها طليعيا في هذا الاتجاه؟ - عندما كنت اتحدث عن فكرة اصدار هذا الكتاب مع الاصدقاء تحمس صديق امريكي واخر لبناني للفكرة لدرجة ان الامريكي فكر في تقديمها وفوجئت بانه لا يفكر في افيشات السينما الامريكية بل المصرية وكذلك اللبناني ووقتها تملكتني الغيرة بشكل كبير وقلت لنفسي: "عيب علي ان يسبقني اليها الامريكي واللبناني" وانا الذي املك كل هذا الرصيد وهذه الثروة النادرة لذا عجلت بتنفيذ الفكرة التي اعتقد انني الاسبق اليها وما صدر من كتب من قبل لم تصب في هذا الاتجاه كما ان احدا لا يستطيع ان يجرؤ علي القول انه يمتلك افيشات اصلية والموجود حاليا عبارة عن مستنسخات ليس اكثر. حدثنا عن اقبال الجمهور علي شراء الكتاب واي شريحة الاكثر تجاوبا؟ - بالطبع شريحة السينمائيين والمهتمين بالفن السابع، هم اكثر من تجاوب مع الكتاب، واقبل علي شرائه اما الفنانة الكبيرة هند رستم فقد انبهرت بالكتاب، خصوصا ان افيشات افلامها- في نظري- كانت تتمتع بجمال ملحوظ واخاذ، ورسمت بطريقة عبقرية كما ابدت الفنانة ماجدة والقديركمال الشناوي وكذلك المخرج العبقري محمد خان انبهارهم بالكتاب ووصفوه بانه "عالمي". هل قدمت لك وزارة الثقافة اي دعم ولو بشكل غير مباشر من خلال عرضه في منافذ او توزيع المجلس الاعلي للثقافة او الثقافة الجماهيرية او طرحه علي طلبة اكاديمية الفنون؟ - لم ولن اطرق الابواب لادعو جهة ما لمساعدتي بعد ان فعلت كل شيء بمفردي ومن يري انني قمت بمبادرة تستحق التشجيع فانا في انتظار اقتراحاته التي يدعم بها هذه المبادرة الثقافية ولانني انظر الي نفسي بانني واحد من مؤسسي مكتبة علي بدرخان طرحت الكتاب من خلالها وثقتي كبيرة في هذه الخطوة، لان معظم المترددين علي هذه المكتبة من طلبة اكاديمية الفنون وعشاق السينما والمهتمين بالفنون بوجه عام. اشرت في مقدمة الكتاب لاشخاص تكن لهم كل التقدير. لماذا؟ - لانهم كانوا سببا في تشجيعي علي تنفيذ الفكرة ولم يجهضوا الحلم في داخلي واردت ان اتوجه اليهم بكلمة شكر وهم: المخرج د. سمير سيف ولناقد الكبير يوسف شريف الله والفنان خالد الصاوي والمنتج جابي خوري والناقد الكبير مصطفي درويش والمخرج محمد خان. حدثنا عن مشروعك القادم؟ - كتاب يحتوي علي افضل مائة فيلم في السينما المصرية يحمل عنوان "افضل 100 فيلم في السينما" اتناول من خلاله وبالتحليل المائة فيلم المختارة بواسطة نقاد كبار لجأت اليهم واثق كثيرا في ارائهم، ويحتوي علي رصد للجوائز التي فازت بها هذه الافلام في المهرجانات الدولية وبيانات كاملة عنها وصورة افيش كل فيلم والكتاب جاهز للطباعة بعدما قررت طبع 2000 نسخة وسأوزعه بنفس الطريقة التي اوزع بها كتاب "الافيش الذهبي" الا اذا استجدت امور اخري اكثر جدوي وعملية. لكنك مطالب باستكمال الجهد الذي بدأته في كتاب الافيش الذي توقفت فيه عند عام 1999؟ - هذا صحيح وافكر بالفعل في طبع بقية الافيشات التي بحوزتي والتي لم يتسع المجال ولا الصفحات للاستعانة بها في الكتاب الاول. هل حققت حلمك؟ - الاحلام لا تنتهي وتتجدد باستمرار لكنني سعيد بالخطوة التي تحققت واحلم بان يصبح الكتاب وثيقة في بيت كل فنان ومهتم بالسينما المصرية ومن غير المنطقي ان تخلو مكتبة فنان يعمل بالسينما او الفن والفكر والثقافة من مثل هذا الكتاب واتمني اخيرا ان استمر عاشقا للسينما.