جاء الإعلان عن منح الرئيس الأمريكي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام بمثابة دفعة معنوية هائلة انتشلته من مستنقع الإحباط الذي كاد أن يطبق عليه في أعقاب فشله- علي الصعيد الشخصي - في إقناع اللجنة الأولمبية بمنح مدينة شيكاغو الأمريكية شرف استضافة أولمبياد 2016، بخلاف الضغوط الهائلة التي يتعرض لها أوباما علي خلفية الدور الأمريكي المترهل في افغانستان. ويأتي الفوز بنوبل للسلام بمثابة ورقة يلعب بها أوباما المنتشي لكسب مزيد من الوقت أمام معارضيه في الداخل علي هامش العديد من القضايا الشائكة وفي مقدمتها كيفية التعامل مع حركة طالبان بعد أن خرجت تقارير تقلل من خطورتها ومن سهولة تحجيمها ومهادنتها إذا لزم الأمر. ومن بين الخيارات المطروحة أمام أوباما مسألة ارسال مزيد من القوات ولكي يقرر ارسال تعزيزات عسكرية الي افغانستان من عدمه، علي الرئيس الأمريكي باراك اوباما ان يقرر اولا ما اذا كانت حركة طالبان التي اوت اسامة بن لادن لا تزال تشكل خطرا علي بلاده، ام ان الجهد يجب ان يتركز علي القاعدة التي باتت تتخذ من باكستان المجاورة ملاذا. وقد يوفر مثل هذا القرار علي الرئيس اوباما عناء ارسال عشرات الاف الجنود الاضافيين الي افغانستان، وهي تعزيزات يطالب بها قائد القوات الأمريكية في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال. غير ان مسئولا في الادارة الأمريكية اعلن لصحيفة نيويورك تايمز ان طالبان الافغان ليسوا سوي مجموعة محلية تسعي فعلا الي السيطرة علي الارض وحتي الي الاستيلاء علي الحكم، ولكنها لا تبدي اي نية لمهاجمة الولاياتالمتحدة. في المقابل، فإن القاعدة والمجموعات الارهابية الاخري هي التي تشكل "الخطر الابرز علي الأمريكيين"، بحسب ما اعلن اوباما شخصيا الأسبوع الماضي. واكد المسئول في الادارة الأمريكية الذي طلب من الصحيفة عدم كشف هويته ان تنظيم القاعدة لم يعد يملك في افغانستان سوي نحو 100 مقاتل. في المقابل، فان غالبية المسئولين عن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 واولئك الذين يريدون مهاجمة الولاياتالمتحدة مجددا، عبروا الحدود الافغانية الي باكستان، بحسب التأكيدات التي حرصت الادارة علي تسليط الاضواء عليها خلال الايام القليلة الفائتة. وفيما بدا محاولة من جانبهم لتسهيل المهمة علي اوباما، نشرت طالبان الاربعاء الماضي رسالة اكدوا فيها ان هدفهم هو "الاستقلال وارساء نظام اسلامي" في افغانستان، وان لا مخطط لديهم لمهاجمة الولاياتالمتحدة، الأمر الذي يطرح وبقوة سيناريو مهادنة طالبان للسيطرة علي الوضع في افغانستان كخيار ثالث أمام أوباما عوضاً عن ارسال مزيد من التعزيزات الأمريكية أو الإسراع في وتيرة تدريب القوات الأفغانية. ومنذ ايام يشدد البيت الابيض علي الدور الذي يجب ان تقوم به باكستان في الاستراتيجية الجديدة التي من المفترض ان يعلنها اوباما خلال الاسابيع المقبلة. ومن بين الخيارات الكثيرة المعروضة امامه، هناك استراتيجية تقوم علي شن ضربات جوية وعمليات برية محددة ضد القاعدة في كل من افغانستانوباكستان. وهذه الاستراتيجية تلقي خصوصا تأييد نائب الرئيس جو بايدن وهي معاكسة تماما لتلك التي اعدها العسكريون. ويطالب الجنرال ماكريستال بارسال ما يصل الي 40 الف جندي اضافي. ويؤكد انه من دون هذه التعزيزات سيكون مصير المهمة العسكرية في افغانستان الفشل لا محالة. اما البيت الابيض المقتصد بشدة في كشف نوايا الرئيس حيال هذا الموضوع، فاكد انه بالنسبة الي القوات الأمريكية المنتشرة حاليا في افغانستان والتي يصل عددها الي 68 الف جندي، لن يتم في اي حال من الاحوال خفضها بنسبة كبيرة. غير ان اعتماد استراتيجية مكافحة الارهاب عوض استراتيجية مكافحة التمرد من شأنها ان تسمح لاوباما بتعزيز رصيده الشعبي وكذلك رصيد حزبه الديمقراطي. فالمعارضة تتعاظم في صفوف الأمريكيين، ولا سيما الديمقراطيين، لحرب اسفرت حتي الآن عن مقتل نحو 800 جندي ودخلت سنتها التاسعة علي التوالي، من دون ان يلوح اي بصيص امل بقرب انتهائها. وسواء رفض اوباما ارسال التعزيزات المطلوبة او قرر ارسال تعزيزات دون تلك المطلوبة، فسيعرض بذلك نفسه لسهام خصومه الجمهوريين الذين يحضونه علي تلبية مطالب الجنرال ماكريستال من دون تأخير. وقال المنافس السابق لاوباما الي البيت الابيض السيناتور جون ماكين "جميعنا نعرف ان طالبان يعودون وان القاعدة ستعود". اما فاندا فيلباب - براون الخبيرة في شئون الارهاب فتؤكد ان "الفرص مرتفعة كثيرا" لعودة القاعدة الي افغانستان في حال استعادت حركة طالبان قوتها. وتؤكد الخبيرة ان المخاطرة كبيرة للغاية في التعويل علي الحكومة الباكستانية لمكافحة القاعدة.