كما كان متوقعا أحدث تأجيل بدء العام الدراسي رسميا حتي أكتوبر القادم وفعليا وواقعيا حتي 11 أكتوبر باعتبار أن الموعد الأول سيتخلله إجازة أعياد 6 أكتوبر والذي يتوافق أن يأتي يوم الثلاثاء ومن المنتظر أن يحدث غياب من المدارس والجامعات أيضا في الأسبوع الأول للدراسة.. وإذا كان قرار التأجيل كان متوقعا فإن المتوقع أيضا أن يحدث مزيد من التأجيل بعد بدء الدراسة رسميا إذا ما ظهرت حالات لإنفلونزا الخنازير بالمدارس والجامعات وهو أمر متوقع علي كل الأحوال. ولكن الخوف ليس فقط من انتشار هذا الفيروس اللعين ولكن الخوف والحيرة من سياسة التخبط المتوقعة إذا ما انتشر المرض وكيفية اتخاذ الإجراءات المناسبة للحالات التي ستحدث لا قدر الله داخل المدارس والجامعات خاصة إجراءات العلاج والتعقيم والعزل داخل الفصول والمدارس. لأن واقع الأمر يقول إن الحكومة ولاسيما وزارة التربية والتعليم قد استيقظت متأخرة جدا علي مفاجأة أن العام الدراسي علي الأبواب ولم تبدأ الحملة وخطة التوعية والتدريب فعليا علي كيفية الوقاية وكيفية اكتشاف المرض إلا بعد مرور نصف شهر رمضان وهنا فقط بعد انتهاء الإجازة الصيفية أدركت الحكومة المخاطر الجمعة التي يمكن أن تحدث زاد منها ونبه إليها ظهور حالات للمرض في الإسكندرية في المدارس الأجنبية التي بدأت الدراسة فعليا منذ أوائل سبتمبر الماضي، واللافت للنظر هنا أن قرار وزارة التعليم ببدء الدراسة في 26 سبتمبر لم يطبق إلا علي المصريين فقط حتي لو كانوا في مدارس تدرس النظم والمناهج الأجنبية ولكنها لم تسطع أن تمد سلطانها وقراراتها لمنشآت أخري تعليمية تتبع السفارات والمؤسسات الأجنبية رغم أن بها نسبة مرتفعة للغاية من الطلاب المصريين. ولا يمكن هنا أن نتغاضي عن الإجراء المهم الذي حدث في منتصف الأسبوع الماضي وهو دعوة الرئيس مبارك لاجتماع طارئ ليناقش هذه الأوضاع بنفسه ويطمئن علي الإجراءات المتبعة للمواجهة خاصة أن واقعة مدارس الإسكندرية كانت تجربة عملية وإنذارا مبكرا كما هو متوقع أن يحدث. ولولا إنذار الرئيس مبارك لكان قرار التمسك ببدء الدراسة في موعده 26 سبتمبر ساريا حتي الآن، لأن الجميع اكتشفوا أن الأمر جد خطير وأن هناك متابعة دقيقة بالفعل من القيادة السياسية لذلك فلا مفر من تأجيل الدراسة تمهيدا لاتخاذ إجراءات أكثر من التدريب حول طرق الوقاية واكتشاف المرض مبكرا خاصة أن المخاطر من انتشار المرض في مصر أكثر من غيرها في عديد من دول العالم التي رغم وجود أعداد بالآلاف فيها من المصابين بالمرض لم تؤجل الدراسة بها وقد برر لي أحد المدرسين الأجانب الذين يدرسون للطلاب في مصر أمر التأجيل رغم تذمره منه بأنه بالفعل قرار صائب نظرا لحالة القذارة وانتشار القمامة بشكل كبير في مصر والتي للأسف في ازدياد مستمر بدلا من المواجهة وأصبحت أطنان القمامة في الأحياء الراقية قبل الفقيرة من المعادي إلي المهندسين والعجوزة أحد المعالم الرئيسية للشارع المصري وبذلك يكون الداخل أو الوضع الداخلي أكثر خطورة من الخارج في انتشار الأمراض والأوبئة والفيروسات زاد من خطورة الوضع في مصر هو التردد في اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه السفر للعمرة رغم أن نسبة كبيرة من حالات الإصابة التي حدثت بالفيروس حتي الآن لم تكن نتيجة السفر إلي الخارج وتحديدا إلي البلاد الأوروبية أو أمريكا حتي آسيا وإنما كان من السفر والعودة من السعودية للمصريين العاملين هناك لذلك كان قرار التأجيل هو الحل الوحيد لمواجهة كل هذه الأزمات ولكن هل هذا الحل الوقتي سيقلل من مخاطر انتشار فيروس الإنفلونزا أو من هلع أولياء الأمور الآن من الموسم الدراسي؟ أعتقد أنه آن أوان الإصلاح واتخاذ الإجراءات الجادة للوقاية من انتشار المرض لم تنته بعد فمثلا لماذا لا يكون في الإجراءات التدريبية الحالية ومحاضرات الفيديو كونفرانس التي تطبقها وزارة التربية والتعليم تعليمات واضحة وصريحة بأن علي كل الطلاب أن يغسلوا الأيدي مرة كل ساعة وهذا هو الإجراء الوقائي الأول الذي تنبه إليه كل دول العالم ومنظمة الصحة العالمية بل ونشرات وزارة الصحة المصرية نفسها. لماذا لا يعاد تقسيم أوقات الحصص اليومية داخل الفصول بحيث تسمح بتبادل أوقات الطابور والفسحة وبين الحصص بحيث تسمح بالنظافة وغسل الأيدي بشرط أن يكون هناك متابعة جادة من المدرسين ونظار المدارس لذلك يضاف إلي ذلك لماذا لا يعاد النظر في الجداول المدرسية واتخاذ تدابير بديلة لتوزيع الحصص علي أيام الأسبوع لكل صف دراسي باعتبار أن هذا عام استثنائي وعام وباء ولابد من التفكير في خطط وحلول بديلة للانتظام في الدراسة يوميا ما الذي يمنع أن يقتصر حضور طلاب صف محدد لعدد محدد من الأيام فقط تدمج فيه الحصص المدرسية علي أن يعاد توزيع الطلاب علي الفصول في أعداد قليلة ومعقولة تحد من انتشار المرض في ظل التمسك بالكثافات المرتفعة حاليا داخل الفصول ولا يكفي أن نعطي تعليمات بإمكانية تطبيق الفترة الثانية فقط علي أن يتم اتخاذ قرار بإلغاء إجازات الجمعة والسبت بالمدارس علي اعتبار أن الطالب ومدرسه لن يحضر إلا يومين أو ثلاثة علي الأكثر إلي المدرسة وفقط ولماذا لا نجرب ذلك عمليا ولو علي الورق ويمكن تساعدنا أجهزة الكمبيوتر في حل هذه المعضلة إذا كانت معضلة بالفعل. إن الخوف ليس من الدراسة والتعليم وإلا لما بدأت الجامعة الأمريكية بالقاهرة عامها الدراسي منذ الأسبوع الأول من سبتمبر الماضي وعلينا أن ندرس ما يحدث حتي لو كانت لأولاد الذوات ولكن الخوف الحقيقي هو من الاستهانة بالخطر والإهمال وعدم المتابعة والأهم إحساس التواكل ياسادة إن النظافة من الإيمان والعبد في التفكير والرب في التدبير لا تنسوا أن الخطر الأكبر للمرض في الشهور القادمة من الشتاء وليس الآن فقط.