يفتقد المسرح المصري إلي حالة النظام والحفاظ علي هويته واتقان العمل المقدم علي خشباته المختلفة مع الشكل والمضمون والمسمي الطبيعي للمسرح فتجد أعمالا قد لا تتفق مع مضمون المسرح القومي الذي من المفترض انه يختص بتقديم الأعمال الكلاسيكية والتاريخية مثل العرض المسرحي "زكي في الوزارة" آخراج عصام السيد وبطولة حسين فهمي وهالة فاخر الذي يميل إلي العروض الكوميدية أكثر من العروض التاريخية والكلاسيكية ولكن ربما ارضاء لنجومه أو لمخرجه قدم العرض علي خشبة المسرح القومي وامتلأت كواليسه بالعديد من الأزمات والمشاكل كذلك قدمت أعمال مثل "الملك لير" الذي انتجته المسرح القومي لكنه قدم علي خشبة مسرح ميامي وبرر ذلك بانه جاء ارضاء لرغبة بطل العرض يحيي الفخراني الذي يعجبه مسرح ميامي أكثر.. نفس الأمر تكرر مع العرض المسرحي "السلطان الحائر" الذي انتجته المسرح الحديث وادرج في خطتها رغم انه يناسب المسرح القومي أكثر ذلك لطبيعته هناك ايضا عرض مثل روميو وجولييت انتجته المسرح القومي لكنه قدم علي خشبة مسرح ميامي رغم ملاءمته أكثر للمسرح القومي الذي كان شاغرا وقتها بعرض "الاسكافي ملكا" اخراج خالد جلال رغم ان الاسكافي رغم انه من العروض التي يصعب فيها تحديد ملامح المسرح الذي يعرض لانه استعراضي تاريخي كوميدي "شامل" لكنه قدم علي القومي وحقق ناجحا كبيرا. عن ظاهرة تغير هوية المسرح التقينا بعدد من الكتاب والنقاد ومديري المسارح للوقوف علي حقيقة الأمر: في البداية يؤكد المخرج هشام جمعة مدير مسرح السلام بان تغير هوية المسرح يعرض أعمالا قد لا تتناسب مع هوية المسرح المتعارف عليها ذلك لان هناك نقص أساسا في كتاب المسرح المصري وأغلبهم ان لم يكن جميعهم يقومون بعمل صياغة للأعمال الأجنبية وترجمتها وتقديمها علي خشبة المسرح ولان جميع تلك الأعمال تقع تحت مسمي المسرح العالمي أو الكلاسيكي فانك وقتها تشعر بانهم يناسبون المسرح القومي لأنه تلائمه الأعمال الكلاسيكية أكثر من حيث شكله وطريقة تقسيمه. أما مسرح الطليعة فيناسب أكثر الأعمال الطليعية التي يقدمها الشباب في تجاربهم الأولي أو الأعمال والعروض التجريبية خاصة بعد تغير مضمون ومسمي مسرح الغد إلي مسرح الغد لعروض التراث. فهناك عرض مثل مسرحية "حمام روماني" يناسبها أكثر المسرح القومي لأنها تحمل طابعا لظروف المسرح القومي فاننا عرضناها علي مسرح الطليعة. ويؤكد الفنان توفيق عبدالحميد مدير المسرح القومي بان تغير هوية المسرح يعرض أعمالا مسرحية قد لا تتفق مع هوية المسرح المتعارف عليها هو أمر متعارف عليه في كل مسارح العالم لان في مسارح العالم لا توجد تلك التقسيمات والمسميات المختلفة للمسارح.. ولكن تعرف المسارح باسماء الأماكن والدول والبلدان الموجودة فيها مثل مسرح دمشق وغيره من المسارح العالمية وأهمها مسرح العلبة الايطالي لانه يعتمد علي كونه يقدم أعمالا مسرحية في غرفة صغيرة ومنتشر جدا في ايطاليا.. الدولة الوحيدة التي قامت بتسمية مسارحها باسماء الفرق التي اسستها هي مصر رغم ان تلك الفرق كانت المسارح معروفة باسمائها ولكن مع موت تلك الفرق وانتهائها وبداية عصر جديد تم تسمية المسارح بتلك الاسماء التي وضعت الدولة في مأزق. أما المخرج ناصر عبدالمنعم مدير مسرح الغد فيؤكد بأن تغير هوية مسرح الغد من الفرقة التجريبية لمسرح الغد إلي الفرقة التراثية لمسرح الغد كان لازما وضروريا لان أعمال التراث رائعة ومشوقة ومادة يمكن تحويلها إلي أعمال مسرحية مثل الغولة التي تعرض حاليا علي مسرح الغد تحمل من التراث ما لم يكن متعارفا عليه من قبل أو ربما تناسي بفعل عدم الاقتراب منه والتراث الشعبي مادة شجية سواء من حيث الاقتراب من عالم من الموالد والحكايات الشعبية أو فرق التنورة وحياة هؤلاء البشر أو مثلا صناع العرائس أو حكاية الحمام البلدي وغيرها من تلك الأعمال التي استقطبت اهتمام الجمهور. المخرج مدحت يوسف مدير المسرح الكوميدي يؤكد.. مازال المسرح الكوميدي يهتم بهويته فقط فيقدم أعمالا كوميدية بحتة تحت مظلة وشعار الكوميديا التي وجد تحتها المسرح الكوميدي بمسرحية العائم الكبير أو العائم الصغير ومنذ ان توليت الإدارة وقد حرصت علي تطبيق هوية المسرح بتقديم عروض كوميدية وادراج أخري ضمن خطتي فبدأت بتقديم عرض "يا دنيا يا حرامي" اخراج هشام عطوة وبطولة ماجد المصري ومها أحمد وانتصار والتي حققت نجاحا كبيرا منذ عرضها وحققت شعار الكوميديا علي المسرح الكوميدي وبالتالي فلن تجدي ضمن خطتي اية أعمال درامية "تراجيدية" أو كلاسيكية لا تتفق مع هوية المسرح. الناقد المسرحي د. حسن عطية يؤكد ربما حدثت تلك الهوة بسبب انعدام أو نقص النصوص المسرحية التي تخدم كل مسرح أو فرقة في مكانها الصحيح فللاسف ليس لدينا كتاب مسرح بل ان الشباب استسهلوا فلجأوا إلي الأدب العالمي المترجم وقاموا بعمل صياغة له بما يناسب رؤيتهم الاخراجية وقدموه لمسرح الدولة وحتي ما قدم من أعمال بعيدة عن الأدب العالمي فهي اعادة تقديم لعروض سبق وقدمت من قبل مثل مسرحية "سي علي وتابعة قفه" والتي سبق وقدمت علي المسرح بعنوان "اثنين في قفه" كذلك هناك عروض أخري يقدمها مخرجون جدد ويضعون اسماءهم عليها كما لو كانت الدنيا قد خلت من أعمال أخري وقد لاحظنا ذلك بشكل كبير في مهرجان المسرح القومي في دورته الرابعة ورغم المحاولات المستميتة لايجاد كتاب مسرحيين إلا أن الحالة لا تبشر بالخير.