استمراراً في مناقشة ظاهرة الهجرة غير الشرعية نري هنا ان لها العديد من الاسباب المرتبطة ببعضها البعض، إذ انها تمثل مجموعة حلقات مرتبطة ببعضها، ومنها: ارتفاع مستويات الفقر، وتنامي ظاهرة البطالة بين قطاعات عريضة من الشباب، وهي الظاهرة المتوقع تناميها في ظل ما يسمي حاليا بالأزمة الاقتصادية العالمية والتي باتت تلقي بظلالها علي الاقتصاد المصري وغياب التربية في بعض الفئات علي القيم السليمة ومنها احترام النظام والخضوع للقوانين، ورغبة بعض الشباب في التربح السريع وبناء الثروة، وسيادة مفاهيم مغلوطة عند البعض ومنها الاعتقاد بأن الهجرة توفر حياة كريمة ومستقبلا افضل. وتنامي ثقافة الاستهلاك، وهي بالطبع ثقافة مرفوضة، في مقابل تلاشي ثقافة الإنتاج. والواقع أننا جميعاً مدعوون للعمل علي علاج تلك المشكلة باعتبارها مشكلة مجتمع وذلك علي عدة مستويات منها: الاهتمام بتنمية القري والمدن الفقيرة المصدرة لتلك الظاهرة. والعمل علي معالجة أسباب الظاهرة اقتصادياً واجتماعياً وثقافيا، وذلك من خلال تشجيع الاستثمار في مصر وبالتالي توفير فرص عمل في الداخل وزرع قيم العمل الجاد الذي يحترم القوانين في نفوس الشباب. وتوفير المعلومات الخاصة بالهجرة المنظمة من خلال جميع المنظمات المعنية بهذا الأمر. وتوسيع دائرة الاتفاقيات الثنائية والاقليمية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي والسعي للوصول إلي افضل الاطر التي تسهم في استقرار أسواق العمل والهجرة في الدول الأوروبية، وفي هذا الاطار فإنه ينبغي علي وزارة القوي العاملة والهجرة في مصر توقيع اتفاقيات مع الدول الأوروبية لتنظيم الهجرة الشرعية بعيدا عن السماسرة والوسطاء الذين كانوا يقدمون عقود عمل وهمية للعمال دون أية ضمانات لحقوقهم. ذلك بالإضافة إلي: تشجيع ثقافة المبادرة والعمل الحر، وخلق القدوة الصالحة أمام الشباب من خلال تقديم نماذج ناجحة أمامهم، واستمرار وزارة القوي العاملة والهجرة بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية في إعداد العمالة المطلوبة والمناسبة لسوق العمل الأوروبي من خلال معرفة متطلبات الدول الأوروبية من الخبرات اللازمة لسد النقص في الكفاءات والقطاعات المطلوب عمالة لها. ومعاقبة سماسرة السوق ومكاتب السفريات غير القانونية ووسطاء الهجرة غير الشرعية بعقوبات رادعة، ذلك لأنها تمثل تجارة ربما لا تقل شأناً عن ظاهرة الاتجار في البشر. وهنا، ومع احترامنا وتقديرنا لجهود كثيرة.. رسمية ومدنية.. يتم بذلها في هذا الشأن، من جانب وزارة القوي العاملة والهجرة ووسائل الإعلام المختلفة، فإنه تنبغي الاشارة إلي ضرورة تضافر جهود وزارة القوي العاملة والهجرة ووزارة الخارجية والمجلس القومي للشباب في التصدي لتلك الظاهرة. أيضا مؤسسات المجتمع المدني وبالأخص تلك الجمعيات والمؤسسات التي تعمل في مجال تقديم القروض الصغيرة لتشجيع الشباب علي عمل المشروعات وبالتالي خلق مستثمرين جدد من الشباب والمؤسسات الدينية حيث المسجد والكنيسة.. الشيخ والقسيس، لاسيما وان الدين له حضور قوي في تركيبة الشخصية المصرية. والمؤسسات التعليمية من مدارس ومعاهد وجامعات. والمؤسسات الإعلامية من صحف وقنوات تليفزيونية ومحطات إذاعية، والمؤسسات الثقافية من دور ثقافية مختلفة. اعزائي القراء.. إنه لابد من توعية الشباب المصري بمخاطر الهجرة غير الشرعية والحد من ظهورها والتأثير بصورة إيجابية علي اختيارات الشباب المصري لفرص الهجرة وتحقيق فهم أفضل لحقائق الهجرة.