تحرك جديد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 21 مايو قبل اجتماع البنك المركزي    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    المجلس التصديري للملابس الجاهزة: نستهدف 6 مليارات دولار خلال عامين    جهاز تنمية القاهرة الجديدة يؤكد متابعة منظومة النقل الداخلي للحد من التكدس    مصطفى أبوزيد: المؤسسات الدولية أشادت بقدرة الاقتصاد المصري على الصمود وقت كورونا    نشأت الديهي: قرار الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو سابقة تاريخية    جونسون: الكونجرس على استعداد لاتخاذ إجراءات ضد الجنائية الدولية    «بطائرتين مسيرتين».. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في إيلات    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 21-5-2024 والقنوات الناقلة    دونجا: سعيد باللقب الأول لي مع الزمالك.. وقمت بتوجيه رسالة شكر ل ياسين لبحيري    حسين لبيب: أطالب جماهير الزمالك بالصبر وانتظروا بشرى سارة عن إيقاف القيد    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    ضحية جديدة لأحد سائقي النقل الذكي.. ماذا حدث في الهرم؟    عاجل.. إخلاء سبيل أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه    حقيقة ما تم تداوله على "الفيس بوك" بتعدي شخص على آخر وسرقة هاتفه المحمول بالقاهرة    رصد الهلال وتحديد موعد عيد الأضحى 2024 في مصر    مشيرة خطاب تشارك مهرجان إيزيس في رصد تجارب المبدعات تحت القصف    وزير الصحة يطمئن أطقم المنشآت الطبية بشأن القانون الجديد: «لن يضار أحد»    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    صلاح يرد على جدل رحيله عن ليفربول: "مشجعونا يستحقوا أن نقاتل مثل الجحيم"    رئيس الحكومة البولندية يشن هجوما عنيفا على رئيس بلاده بسبب الرئيس الإيراني الراحل    وزير الصحة: القطاع الخاص قادر على إدارة المنشآت الصحية بشكل أكثر كفاءة    بحضور 20 وزارة .. ورش عمل وحلقات نقاشية تكشف أبرز مخاطر الأمن السيبراني خلال «كايزك 2024»    على باب الوزير    الكشف عن روبوت دردشة يستخدم التعبيرات البشرية    المتهمون 4 بينهم جاره.. شقيق موظف شبين القناطر يروي تفاصيل مقتله بسبب منزل    "وقعت عليهم الشوربة".. وفاة طفل وإصابة شقيقته بحروق داخل شقة حلوان    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    ياسر حمد: ارتديت قميص الزمالك طوال الليل احتفالا بالكونفدرالية.. ووسام أبو علي لاعب رائع    أونانا: سنقاتل بكل قوة من أجل التتويج بالكأس ورد الجميل للجماهير    شارك صحافة من وإلى المواطن    غادة عبدالرازق أرملة وموظفة في بنك.. كواليس وقصة وموعد عرض فيلم تاني تاني    حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الجدي الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    طبيب الزمالك: إصابة حمدي مقلقة.. وهذا موقف شيكابالا وشحاتة    رودري يكشف سر هيمنة مانشستر سيتي على عرش الدوري الإنجليزي    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    "عبد الغفار": 69 مليون مواطن تحت مظلة منظومة التأمين الصحي    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    نقيب المهندسين يشارك بمعرض تخرج طلاب الهندسة بفرع جامعة كوفنتري بالعاصمة الإدارية    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    رياضة النواب تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 ناديا شعبيا بالإسكندرية    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراتيجية شرق أوسطية جديدة لإدارة أوباما
نشر في نهضة مصر يوم 16 - 12 - 2008

مع انتهاء إدارة الرئيس بوش أواخر هذا العام (2008)، اختلف الشرق الأوسط عمَّا كان عليه مع بداية الإدارة في عام 2001، فعلي عكس ما كان متوقعًا زادت الأمور سوءًا في أكثر من بلد عربي. فعلي الرغم من وجود أكثر من 160 ألف عسكري في العراق في نهاية عام 2007، مازال العراق يعاني من عدم الاستقرار والانقسام والعنف والفساد، رغم عديدٍ من التحليلات الأمريكية التي تشير إلي النصر الأمريكي في العراق وتحسين الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية.
هذا، وقد أدي انهيار المؤسسات العراقية عقب سقوط النظام العراقي السابق إلي اختلال ميزان القوي لصالح إيران؛ مما زاد من النفوذ الإيراني في الخليج العربي والشرق الأوسط في صورته الكلية، بجانب السعي الإيراني لتخصيب اليورانيوم ضاربة بعرض الحائط قرارات مجلس الأمن، وغير مهتمة بالتهديدات الأمريكية بشن ضربات إجهاضية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
كما تراجع الدور الأمريكي في عديد من الاتفاقيات والمصالحات العربية، فقد غابت واشنطن عن اتفاق الدوحة الذي وضع حدًّا للانقسام اللبناني _ اللبناني، وعن المفاوضات الإسرائيلية _ السورية، وإن كانت كل تلك الاتفاقيات تحمل في طياتها وجودًا أمريكيًّا إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت غائبة عن الصورة الكلية لتلك الاتفاقيات. ولا يزال الصراع العربي _ الإسرائيلي يأبي الحلَّ.
وكل هذا وغيره يؤشر إلي تراجع وإخفاق السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط خلال فترتي الرئيس بوش، وهو الأمر الذي يفرض علي الإدارة الجديدة إعطاء قدر أكبر من الأهمية لهذه المنطقة. وفي إطار سعي مراكز الأبحاث الأمريكية لصياغة استراتيجية جديدة للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، دشن أكبر مركزين بحثيين أمريكيين اهتمامًا بقضايا المنطقة، مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Re
lations ومركز سابان لسياسة الشرق الأوسط Saban Center for Middle East Policy التابع لمؤسسة
بروكينجز Brookings Institution، مشروعًا بحثيًّا ضم ما يقرب من خمسة عشر باحثًا من المركزين، للبحث عن استراتيجية جديدة للتعامل مع قضايا منطقة الشرق، لاسيما التأزم الأمريكي في العراق، والصراع العربي _ الإسرائيلي، ومنع الانتشار النووي والأزمة النووية الإيرانية، والإصلاح السياسي والاقتصادي، والحرب علي الإرهاب.
وقد خرجت توصياتهم وأبحاثهم في كتاب جديد حمل عنوان "استعادة التوازن: استراتيجية شرق أوسطية للرئيس المقبل Restoring the Balance: A Mid
dle East Strategy for the Next President"،
عن مؤسسة بروكينجز. وقد كانت خلاصة هذا المشروع والكتاب محور مقال متميز لرئيسي المركزين، ريتشارد هاس Richard N. Haass رئيس مجلس العلاقات الخارجية، ومارتين إنديك Martin Indyk مدير مركز سابان، بمجلة الشئون الخارجية Foreign Affairs التابعة لمجلس العلاقات الخارجية، ستصدر في عددها القادم لشهري يناير-فبراير القادمين تحت عنوان " بعيدًا عن العراق: استراتيجية أمريكية جديدة في الشرق الأوسط Beyond Iraq :A New U.S. Strategy
for the Middle East".
استراتيجية جديدة بعيدة عن سيطرة العراق
وفي مقالتهما يحاول هاس وإنديك الرد علي كثيرٍ من التساؤلات بشأن أهمية منطقة الشرق الأوسط للولايات المتحدة من قبيل أن المنطقة ليست بالأهمية لكي يُوليها الرئيس بوش من دماء وثروة بلاده، ولذا علي إدارة أوباما الجديدة تركيز سياساتها علي منطقة أخري. فحسبما يري الكاتبان فإن منطقة الشرق الأوسط هي التي تفرض نفسها علي أجندة الرئيس الأمريكي؛ فما يحدث في منطقة الشرق الأوسط لا يقتصر علي المنطقة بل تكون له تبعاته دوليًّا. فالحرب علي الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وأمن الطاقة والتعامل مع التحديات الدولية المعاصرة يتطلب التعامل مع تحديات منطقة الشرق الأوسط.
ويقولان: إنه منذ انتهاء الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة المسيطرة علي المنطقة. ولكنه في السنوات الماضية تراجع هذا الدور لإخفاق الولايات المتحدة، والذي أجملته المقالة في الاستقرار الأمني الهش بالعراق رغم زيادة القوات الأمريكية، والاقتراب الإيراني من امتلاك تكنولوجيا نووية، وترنح عملية السلام الإسرائيلية _ الفلسطينية، وحكومة ضعيفة في لبنان، وتحديات تواجه السلطة الفلسطينية من قبل الفصائل المسلحة، وتراجع المكانة الأمريكية بالمنطقة لتعدد إخفاقاتها علي مدار السنوات الثماني المنصرمة. ويريان أن الوقت يسير عكس ما يطمح الرئيس الجديد، فضلاً عن الأزمة المالية التي تعصف بالولايات المتحدة والتي قد تحدُّ من قدرة الولايات المتحدة لتنفيذ وعودها، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحدث تراجعًا في كثيرٍ من قضايا المنطقة علي عكس ما كانت تريد واشنطن.
وعلي الرغم من تراجع دور الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط خلال الثماني السنوات الماضية، فترة إدارتي الرئيس بوش، يري هاس وإنديك أن كثيرًا من الأنظمة العربية تنظر إلي واشنطن علي أنها ضمانة أمنهم وأنها القادرة علي تحقيق آمالهم. بالإضافة إلي أن كثيرًا من شعوب المنطقة مازالوا معجبين بالقيم والمبادئ الأمريكية، وزاد هذا الإعجاب بعد فوز باراك أوباما في انتخابات الرابع من نوفمبر هذا العام، وهو الأمر الذي قد يشجع الرأي العام العربي والإسلامي علي دعم قياداتهم للتعامل والعمل مع الولايات المتحدة.
ويري الكاتبان أن علي إدارة أوباما الاستفادة من هذه الرغبة الإقليمية والقوي الدولية للتعامل مع قضايا المنطقة مثلما كان الحال عليه في السنة الماضية من إدارة الرئيس بوش من التعاون الدولي متعدد الأطراف في الأزمتين الكورية الشمالية والإيرانية وإعادة إحياء العلاقات الأطلسية وتدعيم عملية السلام الإسرائيلية _ الفلسطينية. ولكي تكون هذه الجهود أكثر فاعلية فإن علي إدارة أوباما تدعيم العمل والجهود الدبلوماسية.
ويريان أن نجاح استراتيجية باراك أوباما في منطقة الشرق الأوسط لابد أن تنطلق من مرحلة ما بعد العراق، بحيث لا يكون العراق محور الاستراتيجية الأمريكية، محاولة إيجاد استراتيجية للتعامل البناء مع إيران والدفع إلي اتفاقية حل نهائي للصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي.
الحوار مع إيران القوية
تحدث هاس وإنديك في مقالتهما عن تزايد الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط من تدعيم القوي الشيعية في العراق ولبنان وفي عدد من دول الجوار، علي سبيل المثال في البحرين والمملكة العربية السعودية. بالإضافة إلي دعمها قوي المقاومة الفلسطينية واللبنانية، التي تصنفها وزارة الخارجية الأمريكية علي أنها جماعات إرهابية، تحت مسمي دعم المستضعفين وتحرير الأراضي العربية المحتلة. بالإضافة إلي أن السعي الإيراني لامتلاك أسلحة نووية سيدفع عديدًا من القوي الإقليمية مثل تركيا ومصر والسعودية إلي السعي لامتلاك مثل تلك التكنولوجيا لموازنة القوي الإيرانية النووية. بالإضافة إلي المخاوف الأمريكية من إمداد طهران للجماعات الإرهابية التي تدعمها بالمواد النووية أو الأجهزة والمعدات لصناعة القنبلة القذرة Dirty Bomb.
ويشيران إلي تبعات الضربة الإسرائيلية للمفاعلات النووية من إشعال حرب بالمنطقة لاسيما في لبنان، وغلق مضيق هرمز، وارتفاع في أسعار النفط في المنطقة، وتوجيه ضربات للقوات الأمريكية في العراق وأفغانستان. وعلي الرغم من رفضهما لأي ضربة إجهاضية أمريكية أو إسرائيلية لارتفاع تكلفتها ونتائجها الخطرة علي الأمن والاستقرار الإقليمين، إلا أنهما يريان أنه قد يكون الخيار الأخير الذي يجب مناقشته بعناية بدلاً من التعايش مع إيران بقنبلة نووية.
وعن تعامل الإدارة الجديدة مع إيران القوية إقليميًّا تشير المقالة إلي حاجة إدارة أوباما لتعاون المجتمع الدولي لاسيما روسيا والصين اللتين ترتبطان بعلاقات جديدة مع طهران للتعامل مع المساعي الإيراني لامتلاك تكنولوجيا نووية غير سلمية. وهو الأمر الذي يدفع الإدارة الجديدة إلي البحث عن مناطق الالتقاء، وإقناع القيادات في الدولتين أن إيران خطر علي مصالحهما وأمنهما القومي _ بمعناه الشامل _ بدلاً من تركيزهما علي مصالحهما مع طهران.
ولتغير السلوك الإيراني علي إدارة أوباما التحاور المباشر مع القيادات الإيرانية. وعن السبب في هذا يقول الكاتبان: إن باقي الخيارات الأخري أظهرت عدم فاعليتها. فقد فشلت سياسات الاحتواء والعقوبات في إثناء إيران عن مساعيها لامتلاك تكنولوجيا نووية غير سلمية. كما أن الضربات العسكرية الإجهاضية فاعلة في إثناء إيران عن برنامجها النووي لبضع سنوات فقط ، مع إمكانية تعرض القوات الإسرائيلية والأمريكية في العراق وأفغانستان إلي ضربات انتقامية إيرانية. كما أنه ليس هناك خيار واقعي لإسقاط النظام الإيراني من خلال عمل عسكري أو تدعيم قوي المعارضة الداخلية. ورغم هذا يقول هاس وإنديك: إنه ليس هناك ضمانة ليكون الانخراط الأمريكي المباشر مع القيادات الإيرانية بناءً وذا نتائج إيجابية أكثر من السياسات المتبعة حاليًّا. وإنه في حال إخفاق مثل تلك السياسة فإن الرأي العام والدولي سيكون أكثر تبنيًّا للنهج المتشدد أكثر من المتبع حاليًّا.
الاستراتيجية الأمريكية للحوار مع طهران
وعن الاستراتيجية الأمريكية للحوار مع إيران طرح كاتبا الدراسة مجموعة من السياسات والأمور التي يجب علي الإدارة الجدية اتخاذها عن التحاور مع إيران والتي تشكل الاستراتيجية الأمريكية للحوار والتوصل إلي مبادرة لحل الأزمة النووية الإيرانية تحافظ علي مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة. وتتمثل تلك السياسات في:-
أولاً: قبل الانخراط الأمريكي مع إيران يجب علي واشنطن طمأنة حلفائها في المنطقة من أن هذا الحوار لن يكون علي حساب مصالحهم، حيث إن هناك هاجسًا عربيًّا من أن التحاور الأمريكي وحل الأزمة النووية الإيرانية سيكون علي حساب المصالح العربية. ولتبديد تلك المخاوف العربية يدعوان إلي تحاور واستشارة الإدارة الأمريكية الجديدة الدول العربية الحليفة لها قبل الوصول إلي صيغة حل للأزمة النووية الإيرانية وإشراكها في المبادرة الجديدة التي تضمن لإيران دورًا يقوم علي الوسائل السلمية وليس الإكراهية والقوة المسلحة، بحيث لا يكون هناك تأثير علي المصالح العربية.
ثانيًا: لكي تنجح الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية مع إيران يجب علي الإدارة الجديدة منع تل أبيب من توجيه ضربة عسكرية إلي المنشآت النووية الإيرانية؛ بتقديم الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل ولجيرانها العرب لضمان توازنها مع القوي الإيرانية، ولمنع موجة سباق التسلح بالمنطقة لموازنة القوي الإيرانية الساعية إلي امتلاك أسلحة نووية.
ثالثًا: قيام الاستراتيجية الأمريكية الدبلوماسية علي العمل الجماعي متعدد الأطراف مثل المحادثات السداسية في الأزمة النووية الكورية الشمالية، بحيث يكون للقوي الدولية والإقليمية دور فيها علي غرار المحادثات السداسية التي كانت بمثابة حاضنة للمحادثات الأمريكية المباشرة مع كوريا الشمالية.
رابعًا: علي واشنطن التخلي عن مطالبتها النظام الإيراني التوقف عن تخصيب اليورانيوم كإجراء رسمي يسبق المحادثات بين الجانبين الأمريكي والإيراني. ولكنَّ الكاتبين يربطان بين التوقف عن تخصيب اليورانيوم خلال المفاوضات بالتوقف عن فرض العقوبات علي النظام الإيراني من قبل منظمة الأمم المتحدة.
خامسًا: علي الولايات المتحدة مناقشة الجانب الإيراني في إدعاءاته في أحقيته في تخصيب اليورانيوم، وإدعائه أن ذلك يتفق مع معاهدة منع الانتشار النووي. وهذا _ حسب هاس وإنديك - قد يساعد في موافقة الجانب الإيراني في القبول بقيود علي تخصيب اليورانيوم بحيث لا يستخدم في صناعة أسلحة نووية. ويريان أن هذا يجب أن يكون من قبل الجانب الإيراني وليس بفرض من الجانب الأمريكي.
وأخيرًا: أن يكون هناك بالتوازي مع تطبيع العلاقات الأمريكية - الإيرانية حوار حول تدعيم طهران لقوي المقاومة التي تعتبرها الولايات المتحدة جماعات إرهابية مثل حماس وحزب الله اللبناني، والموقف الإيراني الرافض لعملية السلام بين إسرائيل وفلسطين ودورها في العراق. ولكنهما يدعوان ألا يكون هناك تداخل بين تلك القضايا، فيريان أن بعضها يرتبط بالأزمة النووية وبعضها الآخر يرتبط بتصرفاتها في القضايا الأخري. وينصحان بعدم تأجيل تلك الاستراتيجية إلي الانتخابات الإيرانية في يونيو من العام القادم (2009).
الدور الأمريكي في الصراع العربي_ الإسرائيلي
وعلي صعيد الصراع العربي _ الإسرائيلي يدعو الكاتبان إلي بذل الإدارة الجديدة مزيدًا من الجهود للتوصل إلي اتفاق سلام بين إسرائيل وجيرانها العرب لاسيما علي الجانب السوري. ويؤكدان علي السلام مع الجانب السوري انطلاقًا من أنه سوف يحدُّ من الدور الإيراني إقليميًّا. فالسلام بين تل أبيب ودمشق حسب هاس وإنديك سيعمل علي إحداث انفصال في الشراكة الاستراتيجية بين طهران ودمشق، بالإضافة إلي تقويض الدعم الإيراني لقوي المقاومة الفلسطينية واللبنانية. فضلاً عن أن من شأن السلام بين الجانبين السوري والإسرائيلي استقرار الأمور في لبنان. بعبارة أخري المفاوضات الإسرائيلية _ السورية سيحدث انفصالا في العلاقة بين طهران ودمشق مما سيبعد طهران عن الصراع العربي _ الإسرائيلي ودعمها لقوي المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وهو الأمر الذي يقوض من النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. ويريان الانخراط الأمريكي في الصراع العربي- الإسرائيلي لاسيما علي الجانب السوري سيكون عاملاً رئيسًا في التوصل إلي حل للأزمة النووية الإيرانية.
ولا يهمل الكاتبان الدور التركي المتزايد في منطقة الشرق الأوسط تحت قيادة حزب العدالة والتنمية من دورها غير المباشر في المفاوضات الإسرائيلية _ السورية ومشاركتها بقوة حفظ السلام في لبنان ورغبتها في المشاركة بمثل تلك القوات المطلوبة لقطاع غزة أو الضفة الغربية. فيدعوان إلي التشارك الأمريكي - التركي في الدفع بمفاوضات السلام السورية _ الإسرائيلية إلي الأمام، وكذلك في صيغة الحل للأزمة النووية الإيرانية.
وعن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي تحدث هاس وإنديك عن تراجع هذا الصراع من أجندة الرئيس الحالي جورج بوش الذي لم يهتم به إلا في سنواته الأخيرة لاسيما بعد دعوته إلي مؤتمر أنابولس الذي عقد في أواخر العام الماضي (2007)، وعدم الاهتمام الأمريكي بهذا الصراع ساعد دولاً من زيادة نفوذها في المنطقة. فقد عمل هذا التراجع علي زيادة النفوذ الإيراني بسعيه إلي تدعيم قوي المقاومة العربية لتحرير الأراضي الفلسطينية، وهي تلك القوي المعارضة للقيم والمبادئ الأمريكية حسب كثيرٍ من المسئولين الأمريكيين، بالإضافة إلي أنها تصنف ضمن تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية من الجماعات الإرهابية.
وعن الاستراتيجية الأمريكية في الصراع العربي _ الإسرائيلي، يقول هاس وإنديك: إن علي إدارة أوباما الاستفادة من الإطار الذي تمخض عن مؤتمر أنابوليس، وتقوم تلك الاستراتيجية التي تسعي إلي التوصل إلي حل نهائي للصراع العربي _ الإسرائيلي، علي ما يلي:
الأول: ضرورة استمرار المفاوضات وضرورة التوصل إلي اتفاق نهائي وليس فرضه في أسرع وقت ممكن، بينما يتم تنفيذه علي أرض الواقع علي مراحل. وأن علي الإدارة التوفيق بين طرفي الصراع. ولتشجيع التقدم في المفاوضات علي الإدارة صياغة الخطوط العريضة لرؤيتها لاتفاق الحل النهائي.
ثانيًا: علي الإدارة تشجيع السلطة الفلسطينية علي محاربة ما تطلق عليه الدراسات الأمريكية "الإرهاب"، وذلك بتقديم الدعم إلي السلطة الفلسطينية لبناء قوات أمن قادرة علي مواجهة القوي والعصابات الإرهابية التي تتبني العنف ضد إسرائيل. ولكنهما يريان أن هذا يحتاج إلي وقت، لذا يدعوان إلي نشر قوات دولية من العالم العربي أو الإسلامي أو منهما معًا كجزء من اتفاق الحل النهائي لمساعدة القوات الفلسطينية للسيطرة علي الأراضي الفلسطينية.
ويدعوان الإدارة الجديدة إلي تشجيع الجانب الإسرائيلي لتجميد بناء المستوطنات، ولكنهما يريان أن علي الإدارة السماح ببناء مئات الوحدات السكنية في الكتل الاستيطانية الموجودة في القدس. ويدعوان الرئيس إلي التوصل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلي توقف بناء المستوطنات لفترة تتراوح مابين ستة إلي اثني عشر شهرًا إلي حين التوصل إلي الحدود النهائية للدولة الفلسطينية. وبعد التوصل إلي الحدود النهائية يري الكاتبان إمكانية استعادة بناء المستوطنات في الأراضي التي ستلحق بإسرائيل بعد حل قضايا الحل النهائي الأخري.
ثالثًا: علي الإدارة الجديدة تحسين الأحوال في قطاع غزة بزيادة المساعدات وتدعيم جهود التدفق السهل للبضائع والأفراد. ودفع الدول العربية وإسرائيل إلي تدعيم محاولات رئيس الحكومة الفلسطينية البديلة سلام فياض ومبعوث الرباعية الدولية "توني بلير" لتدشين مشروع اقتصادي وطني وإزالة عدد من نقاط التفتيش.
رابعًا: مشاركة الدول العربية في عملية السلام. ويريان أن ذلك لن يتحقق إلا بعد رؤيتها تجمد بناء المستوطنات الإسرائيلية. وأن يكون هناك دعم عربي مالي إلي السلطة الفلسطينية. وأن يكون هناك تعاون عربي مع الجانب الإسرائيلي خلال عملية السلام وليس التعاون المشروط بإنهاء المفاوضات والتوصل إلي حل نهائي للصراع.
استراتيجية الخروج من العراق
ينصحان الرئيس الجديد بعدم سيطرة القضية العراقية علي استراتيجيته الجديدة كما كان الحال عليه لمدة ست سنوات في إدارة بوش الابن. ويريان أن خفض القوات الأمريكية أو سحبها كما تدعو إدارة أوباما لن تؤثر علي الاستقرار في العراق، وبل سيمكن الإدارة من التركيز أكثر علي القضايا والأزمات الأخري في المنطقة. وتخفيض القوات الأمريكية من العراق يثير تساؤلاً حول ما حققته القوات بالعراق خلال السنتين لتحقيق الاستقرار وتوفير حياة أفضل للمواطن العراقي.
ويري الكاتبان أن أي خفض في القوات الأمريكية يجب أن يتم بصورة تدريجية حتي لا يتم تقويض ما تم إنجازه خلال العامين الماضيين بالتوازي مع ما ستفضي إليه نتائج الانتخابات التي ستجري في العراق سواء علي المستوي القومي أو المحلي. وفي منتصف عام 2010 فإن الرئيس باراك أوباما سيكون قادرًا علي البدء في عمليات سحب القوات الأمريكية من العراق دون المخاطرة بتهديد الاستقرار في العراق أو منطقة الخليج.
وفي نهاية مقالتهما يدعو هاس وإنديك الرئيس الأمريكي الجديد، باراك أوباما، إلي أن تكون المنطقة ضمن أولوياته الشخصية، وأن يعين مبعوثًا خاصًّا بجانب وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" إلي جانب الأزمة النووية الإيرانية والصراع العربي _ الإسرائيلي. ويخلصان إلي أن الجهود الأمريكية لحل الأزمة النووية الإيرانية والتوصل إلي اتفاق سلام سوري
_ إسرائيلي وآخر فلسطيني _ إسرائيلي يجب أن تكون
متزامنة لأن التقدم في أحد تلك الملفات يدفع بالتقدم في الملفين الآخرين.
عن "تقرير واشنطن"
عمرو عبد العاطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.