دخل سياسيون ومحللون أردنيون في جدل عاصف بشأن خيارات الأردن تجاه الأوضاع السياسية الفلسطينية، فبينما رأي البعض أن الهدف الرئيس لسياسة الأردن الخارجية هو قيام دولة فلسطينية، اعتبر آخرون أن الدبلوماسية الأردنية فشلت في إبعاد شبح الوطن البديل عن المملكة. وقال رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب محمد أبو هديب في ندوة عقدتها النقابات المهنية الأسبوع الماضي أن الخيار الوحيد للسياسة الخارجية الأردنية يرتكز علي ضرورة إقامة دولة فلسطينية علي التراب الوطني الفلسطيني. وتابع أن الأردن وفي سبيل هذا الهدف عمل ولا يزال مع كافة الأطراف العربية والدولية بشكل جاد لإقامة الدولة الفلسطينية باعتبارها خيارا إستراتيجيا للأردن. وقال أبو هديب إن الأردن يري أن سبيل قيام الدولة الفلسطينية هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ورفض أي صيغة فدرالية أو كنفدرالية فلسطينية أردنية إلا بعد إقامة الدولة الفلسطينية. ولم يخف أبو هديب أن مخاوف الأردن تزايدت في الآونة الأخيرة، خاصة بعد تصريحات الرئيس بوش الداعمة ليهودية إسرائيل وتعديل خط الهدنة، وقال "هذا الحديث يعني باختصار تحويل الأردن لوطن بديل للفلسطينيين". وبدوره انتقد نائب الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الدكتور رحيل غرايبة تصنيفات الأردن لقوائم أعدائه وأصدقائه، مشيرا إلي أن إسرائيل باتت دولة صديقة "بينما نبحث عن أعداء من أبناء جلدتنا". وعرض غرايبة باستغراب للموقف الأردني الرافض للتعامل مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، خاصة وهي الفائزة بالأغلبية الفلسطينية، مشيرا إلي أن الأردن حصر تعامله مع فريق أوسلو المتمثل بالسلطة الفلسطينية، بينما رفض أي تعامل مع حكومة حماس الشرعية، علي حد تعبيره. وطالب غرايبة الأردن بأن يكون علي الأقل محايدا في التعامل بين السلطة وحركة حماس، مضيفا بأن "السياسة الخارجية الأردنية لم تكن إيجابية بل إنها انحازت ودعمت طرفا فلسطينيا ضد طرف" حسب رأيه. وقال غرايبة "عندما وقع الأردن معاهدة وادي عربة قال رئيس الوزراء آنذاك عبد السلام المجالي إن الأردن نجح لأول مرة في تثبيت حدوده الغربية، ودفن للأبد فكرة الوطن البديل" مضيفا أن "المجالي نفسه قال قبل أيام إن شارون خطط لاحتلال الأردن وإقامة الوطن البديل عام 2003، بمعني أنه لا يمكن الركون لمعاهدات مع الكيان الصهيوني". وفجر المحلل السياسي ناهض حتر سقف النقاش بعد أن اعتبر أن هناك قوي ليبرالية يقودها رئيس الديوان الملكي باسم عوض الله تسيطر علي القرار الأردني "تربط مصالحها الحيوية بالموقف الأمريكي الإسرائيلي". وقال "الأردن بني سياساته علي أن ضرب إيران قادم لا محالة، وأن المشروع الأمريكي في العراق سينجح، وأن محمد دحلان سيقضي علي حماس، وأن النظام السوري سيسقط بفضل ما سمي بثورة الأرز اللبنانية". وأشار إلي أن "الواقع يقول إن جميع افتراضات السياسة الخارجية الأردنية سقطت "معتبرا أن استثناء الرئيس بوش للأردن من جولته الأخيرة في المنطقة يمثل بداية انفصال بين المصالح الأمريكية والسياسة الأردنية في المنطقة. كما اعتبر حتر أن الثوابت الأردنية المتمثلة برفض الوطن البديل والتشديد علي حق العودة تدفع لضرورة التحالف مع حركة حماس، واصفا السلطة الفلسطينية بأنها "باتت جزءا من اللعبة الصهيونية الداخلية ومستعدة لتنفيذ كافة الإملاءات الإسرائيلية -علي حد قوله- فتحولت لأداة أمنية لضرب المقاومة والقبول بتحويل الضفة لكانتونات". ورأي غالبية الحضور أن السياسة الخارجية الأردنية في التعامل مع الأوضاع الفلسطينية تتخبط وتعاني من الفشل، وأن استمرار نهجها الحالي سيعرض المصالح الأردنية للخطر الذي قد يصل إلي حد تهديد كيان الدولة.