اثار الطلب الذي تقدم به مدع عام لحظر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، صدمة في صفوف الحزب واعاد الي الواجهة الصراع بين المؤسسات العلمانية والمسئولين السياسيين الذين يديرون البلاد منذ ست سنوات وتوجه اليهم اتهامات باسلمة المجتمع. وكان مدعي عام محكمة التمييز التركية تقدم يوم الجمعة من المحكمة الدستورية بطلب حظر حزب العدالة والتنمية بسبب "نشاطاته التي تتعارض مع العلمانية" وايضا منع رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان من ممارسة النشاط السياسي. وسلم المدعي العام عبد الرحمن يالتشينكايا المحكمة الدستورية مذكرة يتهم فيها حزب رئيس الوزراء بانه "اصبح بؤرة للانشطة المضادة للعلمانية". وافادت مصادر قضائية بأن يالتشينكايا يجمع الادلة ضد الحزب منذ اشهر عدة. واكد رئيس المحكمة الدستورية المختصة بحظر الاحزاب السياسية هاشم كيليتش للصحفيين تسلمه المذكرة، موضحا ان القضاة اجتمعوا أمس لتقييم امكانية قبول الطلب. واوضح ان طلب حظر النشاط السياسي لمدة خمس سنوات يشمل 71 عنصرا في الحزب وبينهم اردوغان والرئيس عبد الله جول والرئيس السابق للبرلمان بولند ارينتش. وكان جول عضوا في حزب العدالة والتنمية المنبثق من التيار الاسلامي ووزيرا للخارجية في حكومة اردوغان قبل استقالته الصيف الماضي من المنصبين لتولي رئاسة الجمهورية. وأدان حزب العدالة والتنمية الطلب، معتبرا انه مس بالديمقراطية. وصرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان الطلب المقدم الي المحكمة الدستورية يشكل "مسا بالارادة الوطنية". وقال خلال اجتماع لحزبه في جنوب شرق تركيا في تصريحات نقلت عبر التلفزيون ان الشكوي "لا تستهدف حزب العدالة والتنمية بل الارادة الوطنية". وذكر اردوغان ان 5،16 مليون ناخب صوتوا لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية الاخيرة في يوليو 2007، وحصل الحزب بالتالي علي نسبة 47% من الاصوات. واعتبر نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا محمد مير دنجير فرات الجمعة "ان المستهدف في هذه القضية ليس حزب العدالة والتنمية، بل الديمقراطية التركية والشعب التركي"، مضيفا "هذه المحاولة تثير تساؤلات حول حال ديمقراطيتنا". وقال "انه اكبر ظلم ضد تركيا وديمقراطيتنا وارادة امتنا وسلامنا واستقرارنا وسمعتنا في العالم". وجاء تحرك المدعي العام في وقت اقر البرلمان في فبراير قانونا يسمح بارتداء الحجاب في الجامعات بعدما كان ممنوعا منذ حوالي عشر سنوات بموجب قرار للمحكمة الدستورية. ويخشي المدافعون عن العلمانية الذين يتمتعون بنفوذ كبير في المؤسسة العسكرية والقضاء والادارة الجامعية، من اسلمة متنامية للمجتمع في تركيا، البلد العلماني الذي يشكل المسلمون اكثر من 99% من سكانه. ومنذ وصوله الي السلطة في 2002، اي بعد سنة واحدة من تأسيسه، يتعرض حزب العدالة والتنمية وزعيمه اردوغان الذي سبق له ان سجن لادلائه بتصريحات مناهضة للعلمنة، لانتقادات بسبب مشاريع مثيرة للجدل. وبين هذه المشاريع الحكومية، تجريم الزني وحظر الكحول في الاماكن العامة والسماح بالحجاب. ولم يتمكن الحزب من اقناع العلمانيين بتوجهاته غير الاسلامية عبر اقرار مشاريع اصلاحية تنطبق مع المعايير المطلوبة في الاتحاد الاوروبي. واصدرت المحكمة الدستورية قرارات اخري تحظر احزابا دينية بتهمة القيام بانشطة غير علمانية.