يوم الرابع من الشهر الجاري، أميط اللثام عن الوجه الحقيقي لمصر القديمة، وتم عرضه علي الملأ لأول مرة عندما كشف علماء الآثار عن المومياء الخاصة بالفرعون الفتي توت عنخ آمون. وكان قناع الموت الذهبي للملك الشاب والذي غطي المومياء هو الصورة التي ظلت مألوفة في كافة أنحاء العالم منذ حدد البريطاني الباحث عن الكنوز هاورد كارتر موقع القبر عام 1922. ولكن، تم بعد 85 سنة من اليوم الذي توصل فيه كاتر إلي اكتشافه عرض الوجه الحقيقي للملك في قبره تحت الأرضي في الأقصر، عندما تم إخراج المومياء الملفوفة بالحرير من تابوتها الحجري لعرضها في صندوق زجاجي يتم التحكم بالمتغيرات البيئية في داخله. جاء العرض الذي تم أخيراً في أعقاب سنتين من الجهود التي بذلت لترميم المومياء نفسها، والتي كانت قد تضررت بشكل فادح عندما أزال كارتر ورفاقه قناع الموت الذهبي وغيره من المجوهرات التي كانت تزين الجسد، وكان قد تم تقطيع المومياء إلي 18 قطعة منفصلة في العملية. واستهدفت عملية الترميم التي اشرف عليها رئيس قسم الآثار المصرية زاهي حواس وقاية المومياء لتدوم في المستقبل، حيث سادت المخاوف من أن يكون وضعها في حالة تدهور بسبب التدفق السياحي الهائل والعدد الضخم من الأشخاص الذين يزورون القبر. وقال الدكتور حواس: "إن الرطوبة والحرارة اللتين يتسبب بهما الناس الذين يدخلون إلي القبر، بالإضافة إلي تنفسهم سيحيلون المومياء إلي بودرة.. وكان الجزء الوحيد الذي ظل بحالة جيدة في هذه المومياء هو الوجه، ونحن نحتاج إلي الحفاظ علي الوجه". قبل سنتين، قام العلماء بإخراج المومياء من القبر ووضعوها في آلة تصوير مغناطيسي CT Scanner لمدة 15 دقيقة للحصول علي صورة ثلاثية الأبعاد، وقد أظهرت النتائج استبعاد احتمال ان تكون عملية قتل عنيفة وراء موت توت عنخ آمون، لكنها أخفقت في استنتاج كيفية وفاة الملك الشاب علي وجه التحديد في العام 1323 قبل الميلاد. وبدا الملك وأنه عاني من كسر في الفخذ الأيسر، ربما بسبب سقوطه عن عربة، كما اعتقد بأنه ربما مات بسبب التهاب لاحق مثل الغرغرينا.. وأعطت الصورة الطبقية للدماغ تفصيلات شخصية أخري عنه، والتي أظهرت انه كان يتغذي بشكل جيد، وكان يتمتع بالصحة وكان متين البنية قليلاً، وقد بلغ طوله خمسة أقدام وستة انشات عند وفاته. وقال الدكتور حواس إن الخبراء سيبدأون، بالتزامن مع وضع توت عنخ آمون للعرض، بتنفيذ مشروع آخر في محاولة لتحديد السلالة الملكية للفرعون علي وجه التحديد.. ذلك أن من غير الواضح ما إذا كان توت عنخ آمون هو نجل أو أخ غير الشقيق للفرعون اخناتون الفوعون، المتدين الذي ادخل شكلاً ثورياً من الوحدة علي مصر القديمة، والذي كان نجل أمنحوتب الثالثة. من المقرر أن تظل المومياء في القبر إلي اجل غير مسمي -علي عكس بقية المومياوات الملكية المصرية المعروضة في المتاحف- وقد بدأ السياح في مشاهدة المومياء منذ أيام، وتأمل صناعة السياحة المصرية في الغضون, في البناء علي الاهتمام الذي تحظي به وفي استقطاب السياح إلي الأقصر لمشاهدة شيء لا يستطيعون العثور علي مثله في مكان آخر.. وكان أكثر من تسعة ملايين سائح قد زاروا مصر في السنة الأخيرة، في مقابل 8.7 مليون سائح كانوا قد زاروها في السنة السابقة، وفق ما قالته سلطة السياحة المصرية. وقال الدكتور حواس للمراسلين الصحفيين في الأقصر يوم الرابع من الشهر الجاري "إن الصبي الذهبي كان يتمتع بسحر وصوفية.. لذلك، سيشاهد كل شخص حول العالم ماذا تستطيع مصر أن تفعل للحفاظ علي الصبي الذهبي، وأنا متأكد من أنهم كلهم سيأتون لمشاهدته". وقد دافع بعض السياح عن تصريحه. وقال الكندي بريان وادسون انه سيحاول وزوجته العودة إلي وادي الملوك للمرة الثانية في نفس اليوم، لأنهما كانا قد فوتا فرصة مشاهدة إماطة اللثام عن وجه المومياء في اليوم السابق.. لكن السياح لم يكونوا كلهم يتفقون مع الدكتور حواس، إذ قال السائح البريطاني بوب فيلبوتس: في الحقيقة، اعتقد بأنه كان ينبغي أن يترك (الملك الذهبي) لشأنه ليظل في هدوء وسلام، فهذا هو مكان خلوده إلي الراحة، ويجب أن يترك وحده في سلام".