من الواضح ان الرئيس جورج بوش تسبب في إحباط ونقمة مواطنيه علي نحو لم يسبقه اليه رئيس، منذ ظهور استطلاعات الرأي، ربما باستثناء ريتشارد نيكسون. يعتبر هذا بالتأكيد مؤشرا علي المكان الذي سيحتله بوش في القاع، الي جانب الرئيس الوحيد الذي اضطر للاستقالة بصورة مخزية ايضا. فقد أشارت نتائج استطلاع اجرته مؤسسة جالوب هذا الاسبوع الي ان 64 بالمائة من الامريكيين لا يتفقون مع الطريقة التي يؤدي بها بوش عمله. وعندما يري ثلثا المواطنين ان زعيم البلاد يفتقر الي الكفاءة، فإن هذا بالتأكيد امر سيئ. ولكن اذا اخذنا في الاعتبار ان هذه النسبة تشمل الذين يرفضون بوش "بصورة قاطعة تماما"، بالإضافة الي الذين يرفضونه "بصورة أقل تأكيدا"، طبقا لاختلاف درجات الرفض في الاستطلاع، فإن نسبة الذين يوافقون علي الطريقة التي يؤدي بها عمله كرئيس تصبح حوالي 31 بالمائة. الإجابة بالرفض بصورة قطعية ظلت تستخدم بواسطة مؤسسة جالوب للاستطلاعات منذ حقبة إدارة الرئيس الامريكي الاسبق ليندون جونسون. وسجلت حتي الآن أكبر عملية رفض بصورة قوية علي رئيس امريكي في فبراير 1974 في قمة فضيحة ووترجيت، وكانت نسبة الرافضين لنيكسون بصورة قاطعة آنذاك 48 بالمائة، إلا ان بوش تفوق علي نيكسون في هذا الجانب. انظروا فقط الي الوضع الذي سيرثه خلف بوش! ففي معظم أنحاء العالم ينظر الكل الي امريكا كونها قوة تتعامل بغرور وتستخدم البلطجة وخطابها حول الحرية وحكم القانون لا يعدو ان يكون خاويا. فالمحامون والطلاب الذين امطرتهم السلطات بقنابل الغاز المسيل للدموع في شوارع المدن الباكستانية سيظلون يذكرون عندما تصل الأوضاع الي نقطة حاسمة ان بوش اختار الوقوف الي جانب ديكتاتور متعاون الجنرال برويز مشرف بدلا من الالتزام بكلماته حول الديمقراطية كقيمة عالمية. الرئيس الامريكي المقبل سيجد نفسه أمام قوات قوامها 100000 في المستنقع العراقي، فضلا عن حرب لم تنته بعد في افغانستان، ووسط هاتين الأزمتين هناك ايضا ايران التي تشعر بأنها في وضع قوي ومشجع الي درجة جعلتها تأمل في الهيمنة علي هذه المنطقة الأكثر خطورة في العالم. سيصبح خلف بوش مسئولا عن السلطات الامريكية التي باتت تستجوب المشتبه في تورطهم في الارهاب مستخدمة أساليب "متطورة" معروفة في أنحاء العالم بمصطلح اكثر سهولة: التعذيب. سيرث الرئيس المقبل، الذي من المقرر ان يتولي مهام الرئاسة رسميا في يناير 2009، وضعا اقتصاديا زاد فيه الأثرياء ثراء، خلال السنوات الست السابقة، فيما يعيش ما يزيد علي 40 مليون شخص في امريكا بدون تأمين صحي. سيجد الرئيس المقبل نفسه أمام حكومة لم تفشل فحسب في الاستجابة لأكبر كارثة طبيعية تواجهها البلاد، بل نكثت بتعهد بوش بإعادة بناء نيو اورليانز وإعادة السكان الذين هجروها عقب الكارثة. سيصل الرئيس المقبل البيت الأبيض وقد نضبت خزانة البلاد بفعل حروب بوش، التي يتوقع ان تصل تكلفتها حتي ذلك الوقت الي تريليون دولار، والتكلفة اللازمة لإنقاذ سوق العقارات. ليس ثمة صعوبة في فهم الأسباب التي جعلت الامريكيين ينظرون الي بوش كأسوأ رئيس في ذاكرتهم، وربما واحد من أسوئهم في تاريخ الولاياتالمتحدة، إلا ان ما يصعب فهمه هو كيف يتسني لنا ان نواجه فترة ال14 شهرا ونصف الشهر المتبقية. ولكن، من الذي يحسب؟