من الآثار الجانبية للتكنولوجيا الحديثة والايقاع السريع للحياة اليومية، غياب قيم ومباديء اسلامية اصيلة عن حياتنا وتحولت العلاقة بين الناس الي علاقات مصالح مادية فقط ولغة المال والبزنس هي اللغة المفهومة ولا كلام ولا حديث عن غيرها، وما يحدث من تفكك في المجتمعات الاسلامية وذيوع سلوكيات غريبة وغير مألوفة حتي داخل الاسرة المسلمة هو نتاج المدينة غير الرشيدة التي استوردناها من الغرب بصورة تتعارض مع قيمنا الاصيلة ومن الملاحظ ان غلبت الحياة المادية علي سلوكنا اضاعت منا ثقافة جميلة واصيلة وتعد من دعائم ديننا الحنيف الا وهي ثقافة التسامح والعفو، فيقول المولي عز وجل في كتابه العزيز. وأن تعفوا اقرب للتقوي ولا تنسوا الفضل بينكم ان الله بما تعملون بصير (سورة البقرة 237). ان تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا (سورة النساء آية 149). وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم (سورة النور آية 21). وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون (سورة الشوري آية 25). وغيرها الكثير من الآيات القرآنية التي تحث علي التسامح والعفو بل تجعله درجة من درجات التقوي ووسيلة من وسائل التقرب الي المولي عز وجل ولنافي ذلك في رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم أسوة سنة في اخلاقه وتسامحه حتي مع غير المسلم فقد قال الصادق "بعثت لأتمم حسن الاخلاق" (رواه مالك وابن عبدالبر). وعن ابي هريرة ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصرعة. انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" (رواه البخاري ومسلم). وقال صلي الله عليه وسلم "تصافحوا يذهب الغل. وتهادوا تحابوا، وتذهب الشحناء" (رواه ابن عبدالبر). ولا يخفي علي القاريء الكريم حديث الافك ورمي ام المؤمنين عائشة بالبهتان والفاحشة وبرأها المولي عز وجل من فوق سبع سماوات ووقع هذا الحديث في نفس النبي صلي الله عليه وسلم وبالرغم من ذلك فقد عفا عن هولاء الذين افتروا علي ام المؤمين، وكذلك أمير المؤمنين ابوبكر عفا عنهم استجابة لقول المولي عز وجل وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم وغيرها الكثير من الاحاديث النبوية والوقائع التي تدعو الي التسامح والعفو، ما احوجنا اليها في مثل هذه الايام وسط هذا الخضم الرهيب من طوفان الماديات الذي قضي علي الاخضر واليابس والقلة الباقية من الترابط البشري والانساني للناس بصفة عامة والمسلمين بصفة خاصة، فمن الواضح ان هناك علاقة وثيقة طردية بين ارتفاع المستوي التكنولوجي والحضارة وغياب منظومة القيم والاخلاق والثقافات الاسلامية الاصيلة.