حسين عبدالرازق- أمين عام حزب التجمع الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نتيقين منه هو أن التعديلات المطروحة الآن في بعض مواد الدستور لا علاقة لها بالهدف الأساسي الذي سعت إليه الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني القائم علي نقل مصر نحو تحول ديمقراطي ينهي الحالة السلطوية التي يسير عليها النظام الحالي لذلك فإن الحديث عن إخفاقات هذه التعديلات كثيرة ولا يمكن إغفالها فالأحزاب طالبت بأن يكون هناك تعزيز لإمكانية التداول السلمي للسلطة بالطريقة الديمقراطية بين الأحزاب وهو ما يعني مجموعة من الإصلاحات التي يرتكز أساسها علي تداول منصب رئيس الجمهورية وتداول قيادة السلطة التغييرية ممثلة في الحكومة عن طريق الأخذ بنظام القائمة النسبية لطريقة لإدارة العملية الانتخابية التي تخضع لإشراف قضائي كامل لا يقتصر علي يوم الانتخابات وإنما يمتد إلي المراحل السابقة علي الاقتراع من إعداد للكشوف الانتخابية وتنظيمها بإعلان النتائج والفعل في السطور التي ترد في صحة الانتخابات لأنه لا يمكن القول بنزاهة الانتخابات بغير وجود للقضاء. ثم تأتي بعد ذلك المرحلة الأهم بنقل معظم السلطات الرئاسية إلي مجلس الوزراء نقلا فعليا فلا يعقل أن يكون لرئيس الجمهورية اختصاصات منصوص عليها دستوريا في 35 مادة من أصل 55 مادة تنظم السلطات والصلاحيات في حين يحتفظ مجلس الوزراء بأربع سلطات فقط لذلك فإن نقل السلطات ومن ثم الأخذ بالنظام البرلماني القائم علي تكليف رئيس الجمهورية لرئيس الحزب الفائز بالانتخابات البرلمانية بتشكيل الحكومة هو الخطوة الأساسية للتداول السلمي للسلطة وبالتالي تقوية دور وأنشطة الأحزاب. الأمر الآخر الذي يجب أن يكون مرتبطا بالإصلاح دون أن تتطرق له التعديلات الحالية إتاحة فرصة متكافئة للأحزاب للاستخدام المتكافئ لأجهزة الإعلام المملوكة للدولة المرئية والمسموعة والمكتوبة بحيث يكون لديها فرصة للتواصل مع الجماهير مما يكسبها فرصة عرض برامجها وسياساتها التي يحاول الحزب الحاكم الآن احتقارها لنفسه دون أن يعطي فرصة ولو ضئيلة للأحزاب للظهور في محاولة منه لاستكمال وصايته علي نشاط الأحزاب مما جعل الحديث عن إصلاحات سياسية أمرا صعبا لأن الأجواء التي بدأت ملامحها تحلق في الأفق تسير نحو الحياة الحزبية والسياسية بشكل لا يمنح الآخرين الأمل في التفكير بطرح رؤي وأفكار لنقل مصر لمرحلة أكثر استقرارا الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نتيقن منه هو أن التعديلات المطروحة الآن في بعض مواد الدستور لا علاقة لها بالهدف الأساسي الذي طرحته الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني فهي لم تغير من جوهر النظام القائم كنظام فردي استيرادي لا يعتمد سوي الديكتاتورية كأسلوب للحوار والتعامل مع بقية قوي المجتمع بل ومع الأفراد وهو ما يصعب الحديث معه عن إصلاحات سياسية لأن الأدوار التي بدأت ملامحها تحلق في الأفق تسير نحو خنق الحياة الحزبية والسياسية بشكل لا يمنح الآخرين الأمل في التفكير في طرح رؤي وأفكار قابلة لنقل مصر إلي مرحلة أكثر استقرارا من الناحية السياسية فالدستور المصري الحالي ملييء بالمواد التي تنص علي حماية الحريات والحقوق والواجبات العامة لكن هذه المواد لم تمنع السلطات التنفيذية من وضع المواطن البسيط موضع العدو والنيل منه ومن كرامته لذلك فإنه قبل أن نتحدث عن تعديل دستوري أو تشريعي ينبغي أن تكون لدينا رغبة في تغيير الثقافة السياسية السائدة في المجتمع والقائمة علي فكرة الحزب الأوحد ونفي أي دور لبقية الأحزاب فلا يعقل أن تبقي مصر تحت سيطرة حزب واحد في حين أن لديها من الكفاءات ما يمكنها من قيادة التطور الديمقراطي ثم يأتي بعد ذلك التركيز علي التعديلات التي يجب أن تسير في اتجاه استقلال القضاة وإعمال مبدأ القاضي الطبيعي وإلغاء كل المواد التي تمنح رئيس الجمهورية حق اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة الأخطار مع تسهيل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية بوضع شروط تضمن جدية الترشيح وليست قيدا عليه والعودة للنص الدستوري قبل عام 1980 بقصر جواز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمرة واحدة فقط.