تحدثت مصادر عديدة، ونقلاً عن مجلة "القوة العسكرية" التي تصدرها القوات المسلحة الأمريكية، في عددها الصادر بتاريخ يوليو 2006 عن مقال هام للجنرال الامريكي المتقاعد "رالف بيتر" بين فيه رؤيته الأمريكية لإعادة ترسيم حدود دول المنطقة العربية وجاراتها خريطة الدم .. نقلاً عن مجلة الجيش الامريكي ، أو ما تعارفت الإدارة الأمريكية الحالية علي تسميته "بالشرق الاوسط الجديد" وفيه شرح الجنرال المذكور التقسيمة الجديدة للمنطقة، والتي سوف تعتمد أساساً علي ما أطلق عليه "خريطة الدم" أو "حدود الدم". وتعتمد الفكرة المحورية لتلك الخرائط في عقيدة الجنرال ورؤيته المثيرة علي أن صراعات الشرق الأوسط المتكررة والتوترات الدائمة فيه هي نتيجة منطقية حسب رؤيته للخلل الكبير في الحدود الحالية التي وضعها الأوروبيون الانتهازيون علي حد قوله لذلك فقد ضمن مقالته خريطة جديدة تلغي تلك الحدود القائمة، وتعيد بالتالي تقسيم دول المنطقة، بحيث يتم استقطاع اراض من دول عربية معينة، واضافتها الي دول اخري وكذلك اقامة دول جديدة، يكون الاساس الذي تقوم عليه كل منها هو انشاء لتكوينات متناثرة وضعيفة تتصارع فيها القوميات والاعراق والأديان والطوائف، والتي ستكون كلها مضطرة للانضواء تحت نماذج دول معينة بقوة الاكراه، وليس بالتوافق والرضا وربما تصورت الادارة الامريكية انه باحتلالها للعراق، يمكن ان تدشن مشروعها بهذا الخصوص حيث يشجع احتلالها له ظهور الانقسام الإثني والطائفي والمذهبي، وبذلك توفر الظروف المناسبة لتحويل العراق الي دولة فيدرالية تقبل بالوجود الامريكي من خلال قواعد عسكرية تنتشر علي ارض العراق، الا ان ذلك الهدف الامريكي اصطدم بحائط صد قوي وبالذات من أطياف المقاومة العراقية علي اختلاف مشاربها، ليس ذلك فقط بل ان ما حدث بالفعل علي ارض الواقع، قد جسد علي غير ما كان متوقعاً امريكيا زيادة تعقيد الوضع الطائفي والذي سار بالتوازي مع ممارسات الاحتلال، الذي بدا وكأنه يزداد غوصاً في المستنقع العراقي يوماً بعد اخر، وخصوصا اذا ما اخذ في الاعتبار ارتباط ذلك الموقف المتأزم بتنامي القوة الايرانية الاقليمية من ناحية، وايضا علي مايبدو من اكتساب المسلمين الشيعة لمواقع ومواقف جديدة ومتقدمة سواء في منطقة الخليج العربي، او في لبنان. وقد تضمنت الدراسة المهمة التي اعدها الاستاذ/ عمر كوش في العدد قبل الاخير من مجلة حوار العرب، وهو كاتب ومحلل سياسي سوري، تحليلاً مهماً في هذا السياق، وقد ضمنه خارطتين لمنطقة الشرق الاوسط قبل ترسيم "حدود الدم" وبعده، حيث اتضح منهما ان الخريطة الجديدة تظهر ثلاث مجموعات من الدول، وذلك علي النحو التالي: أولاً: دول مستهدفة بالتقسيم والاقتطاع، وهي العراق وسوريا والسعودية والإمارات وإيران وتركيا. ثانياً: دول سوف يتم توسيعها لأسباب سياسية، وهي اليمن الذي ستنضم اليها اجزاء من السعودية والاردن الكبير الذي سيضم الي اراضيه الحالية اجزاء من السعودية والضفة الغربية وربما ايضا اجزاء من جنوب سوريا (يفترض ان سكانه بهذا سيتشكلون من الاردنيين والفلسطينيين وفلسطيني الشتات) أما أفغانستان فسوف تحصل علي أراض من باكستان، كما ستفقد جزءاً من اراضيها لمصلحة بلاد فارس. ثالثا: دولة مستحدثة وهي دولة "كردستان الكبري" والتي ستضم كردستان العراق وكركوك وأجزاء من تركيا وإيران وسوريا وكذلك دولة "شيعستان" وتشمل جنوب العراق والجزء الشرقي من السعودية والأهواز الإيرانية حاليا، بالاضافة الي دولة "سنستان" والتي سوف تقام علي ما سيتبقي من العراق او ربما تدمج مع سوريا، اما دولة "بلوسشتان الجديدة" فهي تقوم علي اجزاء من باكستان وإيران، في حين تقوم "الدولة الفارسية" علي أنقاض ايران الحالية وأجزاء شيعية من أفغانستان، كما تتضمن الدول المستحدثة، اقامة الدولة الاسلامية المقدسة والتي ستكون علي غرار دولة الفاتيكان، حيث ستضم فقط منطقتي مكةالمكرمة والمدينة المنورة بالاضافة الي دولة "السعودية" والتي ستفقد اجزاء كبيرة لمصلحة اليمن والاردن، وكذلك تضمنت الخريطة الجديدة استطالة لبنان شمالا وحتي الحدود التركية تحت اسم "لبنان الكبير". ويؤكد التدقيق في مضمون ودلالات مشروع اعادة ترسيم الحدود السياسية للشرق الاوسط الكبير، وفقاً للمعتقد السياسي والعسكري لرجالات الدولة الامريكية وحلفائها.