كشف مركز الدراسات الريفية في تقريره حول "الديمقراطية والعنف" في الريف المصري عن ارتفاع معدلات الفقر في الريف خلال العشر سنوات الاخيرة من 22.7% الي 25.3% ، وفي المدن من 34.32% الي 7.59% ، وهذه الزيادة هي السبب في ارتفاع عدد الاطفال العاملين لتدبير احتياجات اسرهم. وذكر التقرير الذي اعده محمد فرج وخالد بدوي المدير التنفيذي للمركز ان حزمة السياسات الاقتصادية للحكومة عملت علي ارتفاع معدلات البطالة في مصر من 3% من قوة العمل المصرية في الثمانينيات من القرن العشرين الي 30% من قوة العمل عام 2005. وان العاطلين من الشباب في سن 15- 40 عاما وصل الي 99% من عدد العاطلين، وتركزت البطالة في سن 15 - 30 عاما حيث يشكلون 88% من المتعطلين في مصر. كما كشف التقرير في رصده للاحوال الاقتصادية والاجتماعية في مصر عن تزييف البيانات الرسمية بشأن البطالة والذي اتضح عند اعلان الحكومة عن البرنامج القومي للتوظيف لشغل 170 الف وظيفة حكومية التي تم الاعلان عنها في 2001 وبلغ عدد من تقدموا لسحب الاستمارات الي 7 ملايين شخص رغم ان العائد من الوظيفة لا يغري الا المضطرين من العاطلين. ويتواصل التزييف الرسمي لبيانات العاطلين بان قوة العمل المصرية لا تزيد علي 20.7 مليون نسمة في منتصف عام 2004، في حين تشير بيانات البنك الدولي في تقريره عن مؤشرات التنمية في عام 2005 الي ان تعدادها بلغ 26.7 مليون نسمة عام 2003، بما يزيد بمقدار 6 ملايين نسمة علي تعدادها الرسمي في مصر، وهذه الزيادة يمكن ان تضاف بالكامل الي الرقم الرسمي للعاطلين البالغ 2 مليون عاطل لتصل بعدد العاطلين الي 8 ملايين عاطل في مصر وبمعدل بطالة 30% من قوة العمل المصرية. واشار التقرير الي ان معدل البطالةتضاعف اكثر من ثلاث مرات في 20 عاما طبقا للبيانات الرسمية وتضاعف نحو عشر مرات طبقا للتقديرات الحقيقية المستقلة عن الحكومة، وان غالبية المتعطلين من الشباب المتعلمين مما يعد خسارة حقيقية واقتصادية لمصر بسبب تعطل قوة عمل شابة ومتعلمة تم الانفاق الكثير عليها من اجل التعليم. والمعدل المرتفع للبطالة يوفر ارضا خصبة لنمو التطرف السياسي والعنف الجنائي، ونظرا لعدم وجود آلية رسمية لاعانة المتعطلين من قبل الدولة في مصر، فان التعطل يعني انحدار المتعطلين الي الفقر المدقع، وزيادة معدل الاعالة. واشار التقرير الي ان معدل البطالة المرتفع في مصر يفسر ضعف معدلات الاستثمار وضعف كفاءة الادارة الاقتصادية الحكومية وعجزها عن ضمان تشغيل قوة العمل سواء لدي الحكومة وقطاعها العام وهيئاتها الاقتصادية أو لدي القطاع الخاص والقطاع العائلي. وقارن التقرير بين ماليزيا ومصر في معدل النمو السكاني، حيث ان الحكومة في مصر يلقي مسئولية ضعف الاداء الاقتصادي وتزايد معدلات البطالة في مصر علي معدلات الزيادة السكانية فيها، رغم ان الزيادة في عدد السكان وقوة العمل بمصر تعتبر معتدلة وتقل عن معدلاتها في بلاد اخري، وبدلا من ان ينظر الحكم في مصر الي عنصر العمل كعنصر انتاجي مهم يمكن توظيفه بشكل فعال، فانه يبرر فشله في تحقيق ذلك بشماعة ارتفاع معدلات النمو السكانية. وهنا يشير التقرير الي دولة ماليزيا التي تحقق نموا سكانيا أعلي من مصر منذ عام 1965، حيث بلغ معدل نمو السكان في ماليزيا نحو 4.2% سنويا خلال الفترة من 1990 حتي 2003 مقارنة بنحو 1.9% سنويا في مصر خلال نفس الفترة، وفي نفس الوقت بلغ معدل البطالة في ماليزيا نحو 3.7% خلال الفترة من 2000 الي 2002 مقارنة بنحو 9% في مصر بنفس الفترة. وهذه البيانات تبطل الحجة التي ترددها الحكومة بأن النمو السكاني هو المسئول عن ازمة البطالة والمسئول الحقيقي هنا هي السياسات الاقتصادية في مصر؛ لانها تعمل لصالح الطبقة العليا من رجال الاعمال والمستثمرين الاجانب، كما ان الفساد في الحكومة واجهزة الدولة مسئولة عن ركود الاقتصاد وضعف قدرته علي توفير فرص العمل للمواطنين لتمكينهم من كسب عيشهم بكرامة. وخلص التقرير الي ان ارتفاع معدل البطالة في مصر يشكل اهدارا لعنصر العمل الذي يشكل العنصر الاكثر فعالية من بين كل عناصر الانتاج فضلا عن ان هذا المعدل المرتفع يعد تعبيرا عن ضعف كفاءة الادارات الاقتصادية المتعاقبة في الحكم. وان الحكومة اعتمدت في مواجهتها للبطالة علي بيانات مزيفة لتخفف من حجم المشكلة بصورة وهمية، واعتمدت علي تهجير العمالة للخارج وعلي برامج للتدريب المفتقدة للهدف، وعلي تكديس المزيد من البطالة المقنعة المعطلة للاعمال والمخفضة للانتاجية. الحرمان في مصر وكشف التقرير ان اخر التقارير للتنمية البشرية اكدت وجود 4.1 مليون نسمة محرومين من الصرف الصحي و13.3 مليون نسمة محرمين من معرفة القراءة والكتابة و81.8 مليون طفل محرومين من الالتحاق بالتعليم الاساسي او الثانوي. وان الثروة في مصر مركزة في حوزة حوالي 20% والاكثر غني من السكان، لذلك تحتل مصر الترتيب 120 من بين 177 دولة تشملها تقارير التنمية. وان نسبة 98.3% من المحافظات الريفية محرومة من وصول المياه النقية و97.6% من جملة المحافظات الريفية محرومة من وصول شبكات الصرف الصحي و81.7% من جملة الاطفال الذين يموتون قبل سن الخامسة و93.5% من جملة الاطفال الذين لا يمكنهم الالتحاق بالمدارس. ونسبة 90.6% من جملة المحرومين من تعلم القراءة والكتابة، ونسبة 91.5% من جملة الفقراء في مصر، ونسبة 83.6% من جملة العاطلين نجدهم ابناء المحافظات الريفية في الصعيد والدلتا. اما الحرمان النوعي فقد رصد التقرير احتلال مصر للترتيب 75 من بين 78 دولة في المشاركة السياسية للمرأة، حيث اشارت تقارير التنمية البشرية الحكومية الي ان نصف عدد العاطلين عن العمل من النساء، فمن بين 2 مليون عاطل تعترف بهم الحكومة المصرية نجد ان عدد العاطلات من النساء يبلغ مليون عاطلة، واذا كانت نسبة البطالة في المجتمع تبلغ حوالي 10% من قوة العمل، فان نسبة البطالة بين النساء تبلغ حوالي 24%. واشار التقرير الي تدني اوضاع المشاركة المجتمعية ، خاصة المشاركة السياسية للنساء، حيث ان نسبة المقاعد التي تشغلها المرأة المصرية في البرلمان لا تزيد علي 3.6% واللاتي يتقلدن وظائف عليا لا تزيد علي 9%، ونسبة النساء في المهن المتخصصة والفنية لا تزيد علي 30%، ونسبة مساهمة النساء في قوة العمل لا تزيد علي 28%. حلول ممكنة للبطالة وفي مواجهة البطالة اقترح التقرير اعادة هيكلة الانفاق العام من اجل ايجاد فرص عمل حقيقية ودائمة في مشروعات انتاجية في مجال الصناعة خاصة، وضرورة تشجيع الادخار والاستثمار من خلال بناء ثقافة تعتمد عليها بدلا من الثقافة الاستهلاكية التي تروج لها وسائل الاعلام الرسمية. وإن حل ازمة البطالة في مصر تتطلب التركيز علي القطاعين العائلي والعام لايجاد الوظائف الحقيقية لان تكلفة فرصة العمل الدائمة في المشروعات الاستثمارية بلغت نحو 250 الف جنيه، وذكر التقرير ان مكافحة الفساد والمحسوبية في اطار نظام ديمقراطي هو السبيل للحل بالاضافة الي تداول السلطة والفصل بين السلطات. التعذيب في مصر وكشف التقرير عن وجود 1124 حالة تعذيب في السجون المصرية خلال الفترة من 1981 وحتي 1999، شهد عام 1995 وحده 185 قضية تعذيب في الجرائم السياسية. ومن عام 2000 حتي عام 2003 شهدت مصر 61 حالة تعذيب، وهو ما يدل علي ان جرائم التعذيب تكاد تكون ممارسة يومية في مصر. وكشف التقرير في مسودة العنف والارهاب في مصر اشكال العنف التي تقع علي الاطفال اثناء العمل والذين يمثلون 7% من حجم القوي العاملة وواقعهم المؤلم ينكشف من خلال اصابة 52% منهم بالانيميا، و12% منهم لا يتعلمون بالمدارس، و16% يولدون ناقصي الوزن بسبب سوء ونقص التغذية، و30% من الاطفال مصابون بامراض الكبد نتيجة رش المبيدات. وان 71% من الاطفال العاملين موجودون في المناطق الريفية و28% منهم في المدينة. ويري التقرير ان سياسة الاصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الدولة من حيث خفض الانفاق علي الخدمات، بالاضافة الي التخلص من العمالة الزائدة باسم المعاش المبكر ادي الي ارتفاع نسبة الافراد الذين يعيشون تحت خط الفقر في الريف خلال العشر سنوات الاخيرة. واشار التقرير الي ان معدلات اطفال الشوارع والمشردين في تزايد مستمر وهو ما كشف عن تقرير المجلس القومي للطفولة والامومة والتي رصد عام 2003 وجود 750 الف طفل مشرد في الشارع، وجعل من هذا العام عاما لاطفال الشوارع. وان اطفال الشوارع تعرضوا عام 2001 لعدد 3069 جريمة مختلفة، حيث قتل 129 حدثا منهم 88 ذكرا و45 انثي، وتم هتك عرض 275 طفلا ذكرا و125 انثي، واغتصاب 1230 فتاة من فتيات الشوارع، وتعذيب 21 طفلا ذكرا، و7 إناث للقيام بأعمال مخلة بالآداب، واشار التقرير الي ان التعذيب اصبح يستخدم من سلطات الامن بشكل منهجي ومنظم سواء ضد المعتقلين السياسيين او الجنائيين، وأكد ذلك تقرير منظمة العفو الدولية 2003 الذي قال إن قوات الامن المصرية لا سيما مباحث امن الدولة دأبت علي ممارسة التعذيب، ومن اكثر الاساليب شيوعا الصعق بالكهرباء والضرب والتعليق بالاضافة الي التعذيب النفسي وان ضباط الشرطة في ظل حكم الطوارئ اصبح لهم السلطة المطلقة علي امن المواطنين وارواحهم وتحولت اقسام الشرطة الي بيوت للاشباح يهاب المواطنون دخولها حتي لتقديم شكوي. واضاف التقرير ان السجون المصرية تأتي في المرتبة الثانية ضمن المؤسسات الحكومية التي يمارس داخلها جريمة التعذيب علي نطاق واسع، وضرب التقرير مثلا بسجن الوادي الجديد كنموذج، حيث يوجد به عنبر التأديب وهو مكون من 15 زنزانة مساحتها 2 متر * متر، وهي مظلمة طوال اليوم، ويوضع بها المعتقل الذي لا ينصاع للاوامر وهي زنازين انفرادية، ولا يوجد بها حمام، ويضطر السجين الي قضاء حاجته علي ارضية الزنزانة، وبعدها يدخل احد الضباط ومجموعة من الجنود ويقومون بالاعتداء علي السجين بالضرب وأمره ان يحمل فضلاته خارج الزنزانة، وبعدها يقومون بالقاء ثلاثة أرغفة وقليل من العدس او الفول علي ارضية الزنزانة. وبالنسبة للمرأة فهي تتعرض للتعذيب بشكل مضاعف، إما ان تكون متهمة فتتعرض للتعذيب بصورة مباشرة، وإما ان يكون التعذيب اتجاها كأداة للضغط علي الرجل (الزوج او الاخ او الابن) للحصول منه علي اعترافات، وفي كل الحالات فان الايذاء الجنسي هو الوسيلة الاساسية لتعذيب المرأة. هذا خلاف اجبار النساء علي خلع النقاب او الحجاب وكشف رؤوسهن ووجوههن بالقوة حتي يتم السماح لهن بزيارة ذويهم من الرجال بالسجون، والاعتداء الجنسي علي النساء المحتجزات، وفي هذه الحالات تحجم النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب عن الافصاح عن ذلك الامر رغبة في الحفاظ علي سمعتهن، ويكون هذا الاعتداء بهدف اجبارهن علي الإدلاء بمعلومات عن الرجال. وتتعرض النساء داخل السجون الي الامراض ونقص الغذاء والادوية والاغطية واكتظاظ العنابر لدرجة وصلت الي وجود 200 سجينة في العنبر الواحد، وعدم توافر المياه داخل الحمامات. وذكر التقرير ان اكبر عنف موجه ضد المرأة في قانون العقوبات المصري والمادة 227 والتي تنص علي تمييز صارخ ضد المرأة قائم علي الجنس. وان هناك عنفا ضد المرأة من خلال الاعلام، حيث يبرز الإعلام صورة المرأة كمستهلكة سواء للسلع المنزلية او للملابس ويؤكد علي الربط بين المرأة العاملة وظاهرة والانحراف والتفكك الأسري.