عجيب أمر النائب محسن راضي ممثل كتلة الإخوان المسلمين المحظورة في مجلس الشعب؛ فمن الواضح أن بينه وبين الفن ثأرا دفينا، ولا يكاد ينتهي من طلب إحاطة حول فيلم ينادي بمنعه من العرض حتي يتقدم باستجواب لمصادرة آخر أسوة بالرقابة الكويتية.. وعندما فرغ من ملاحقة الإبداع المصري التفت إلي المطربات اللبنانيات وطالب بمنع بعضهن من دخول مصر.. والمثير أنه برر هذا بما فعلته السلطات الكويتية أيضا وكأنه يري فيما تفعله "قدوة حسنة"! محسن راضي يتحدث، بزهو، عن آخر مفاجآته، التي تصب في خانة المصادرة، قائلا: لقد قامت السلطات الكويتية بمنع دخول المطربات اللبنانيات لإحياء حفلات غنائية في عيد الفطر المبارك، وسألت نفسي: "ولماذا لا نقتدي بما فعلته الكويت؟ وهل حرام أن نفعل مثلها ومنع غالبية المطربات اللبنانيات اللاتي يتاجرن بالفن؟ وعندما حسمت تساؤلاتي اقترحت منعهن، وأعلنته لوزيري الثقافة والداخلية للمطالبة بتنفيذه، لكن اندلاع الأزمة اللبنانية الأخيرة دفعني إلي سحب طلب الإحاطة الذي تقدمت به. لماذا؟ لأنه كان ينصب علي نانسي عجرم؛ التي عقبت علي سؤال حول تأثير "الإخوان" علي عملها قائلة: "الإخوان عمرهم ما حيقدروا يمنعوني من دخول مصر، أو من مواصلة ممارسة الفن"، وكان ردي عليها أن تقدمت بطلب إحاطة لوزير الثقافة بأن هذه الفنانة أساءت للإخوان حين ادعت بأنها جماعة غير شرعية. وفوجئت بعدها أنها تضامنت مع هيفاء وهبي وأعلنتا دعمهما للمقاومة الإسلامية بزعامة حزب الله، وقررتا كذلك إيقاف نشاطهما الفني طوال تلك الفترة، ورأيت فيما فعلتاه موقفا أكثر نبلا من المواقف المتخاذلة لبعض الحكومات العربية. الشائع الآن أنك تسعي للشهرة والأضواء والبريق الإعلامي أو المكسب الأدبي عندما تركز اهتمامك في المجلس علي هذه القضايا وتتجاهل هموم الناس الحقيقية؟ ليس صحيحا أنني أسعي إلي الشهرة أو النجومية من وراء هذه الطلبات؛ سواء أكانت إحاطة أو استجوابا، ولم انشغل بها كما يقال عن هموم الناس بدليل تواجدي باستمرار وسط أبناء دائرتي، وتقديمي لما يقرب من (400 أداة رقابية) ليس سعيا وراء منصب أو موقع تحت الأضواء؛ لأنني عضو بالفعل في لجنة الثقافة والإعلام، من واقع خبراتي كمنتج برامج، وسبق لي العمل بالإخراج الفني؛ وأري أن الفن أسرع وسيلة لتوصيل المعلومة جنبا إلي جنب مع مخاطبته للعقل والعاطفة، لكونه يلهم المشاعر بأكثر مما يفعل خطيب المنبر أو الواعظ، الذي يعتمد علي الصوت وحدته في توصيل رسالته للمصلين، بينما الفن يغير أخلاقيات المجتمع والعكس صحيح إذا كان فنا هابطا يثير الغرائز وينشر الهبوط، لأنه في هذه الحالة يكون سببا في انتشار الجريمة والرذيلة في المجتمع، وبالتالي ينبغي العمل علي وضع الضوابط والقيم التي تحفظ للفن رسالته وتأثيره. لكنك تقدمت أيضا بطلب إحاطة لوزير الإعلام تهاجم فيه منع عرض مسلسلات المحجبات في التليفزيون المصري؟ حدث هذا بالفعل، لأنني أنزعجت من قرار وزير الإعلام أنس الفقي بمنع عرض هذه المسلسلات، وعلمت أنه أصدر تعليمات لأعضاء لجان المشاهدة تقضي بهذا المنع، وتقدمت بطلب إحاطة للوزير لكنه لم يرد عليه، واكتفي بما قاله للصحافة بأن هناك معايير، وأن الرأي في هذا يعود إلي لجنة المشاهدة وحدها، وكان ردي أن في هذا التصرف إهدارا للمال العام، الذي أنفق علي مسلسلات لم تظهر للجمهور المصري، وفوجئت بعد أن خمدت الزوبعة بأن الوزير قرر إذاعة الأعمال التي حجبوها عن العرض بالقنوات الأرضية، وأبلغني مدير مكتبه أن الوزير استجاب لطلبي، فما كان مني سوي أن شكرته علي موقفه الشجاع، لكن الأمر يتطلب قرارات أخري شجاعة كعودة المذيعات المحجبات للظهور علي الشاشة في التليفزيون المصري، وقد علمت أن هناك نية لتنفيذ هذا في الفترة المقبلة بالتدريج، بمعني أن تظهر الواحدة منهن في البرامج، ثم النشرة الإخبارية عملا بمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق، خصوصا أن 90% من نساء مصر وبناتها محجبات. ولماذا تقدمت بطلب إحاطة فيما أسميته تجاوزات مدينة الإنتاج الإعلامي، بينما الأمر لا يعدو مجرد شائعات عن استغلال وحدة ديكور في تنفيذ ديكور استوديوهات قناة "البغدادية"؟ الأصل في طلبات الإحاطة أن تتعرض لأية شائعة تتردد من حولنا لنتحري حقيقتها ونتبين مدي صدقها من زيفها، ومن ثم نحاسب المسئولين المتسببين فيها، وليس شرطا أن يتضمن طلب الإحاطة الحقائق وحدها، ففي الكثير من الأحيان ترد بالصحف اتهامات بلا ردود شافية، وبالتالي تصبح أقرب إلي الحقيقة، والعجيب أن 10% فقط من طلبات الإحاطة التي تقدمت بها هي التي تلقيت ردودا عنها.