من منا لم تكن له أحلام يسرح بها كل يوم قبل أن يذهب مع النوم إلي رحلة أحلام جديدة الفرق بينهما أن الأولي تعبر عن أحداث هو اختارها ويتمني تحقيقها يسرح بها وينظر لأحداثها بعين الخيال كأنه ينظر إلي فيلم سينمائي هو بطل أحداثه أما النجوم الاخرون فهم أيضا أشخاص أحب ان يشاركوه حياته وتسمي أحلام اليقظة أما الأحلام التي يراها الإنسان في نومه كما قرأت لبعض الأطباء انهم يفسرونها علي أنها نتيجة تفاعل بين الخبرات النفسية المختزنة بالعقل والأحداث التي عايشها الإنسان اثناء يقظته فهي بالأخري تتنفس عن النفس والروح وممكن ان تكون تعبيرًا عن رغبات الشخص أما النبي عليه الصلاة والسلام فقال (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان). وأكثرنا سمع عن قصة يوسف عليه السلام الذي فسر حلم عزيز مصر وقصة البقرات السبع السمان والبقرات السبع العجاف والسنابل الضعيفة التي أكلت السنابل القوية حيث فسرها يوسف عليه السلام بأنها سنوات القحط وسنوات الخير. وفي كثير من الأحيان نجد الأحلام تفرغ شحنة من التوتر والعصبية داخل الإنسان فيستيقظ أكثر استرخاء ومثال علي ذلك عندما يحلم الانسان بنجاحه بالدراسة ويذوق طعم النجاح بالحلم فيستيقظ منشرح القلب راضي النفس بشوش الوجه فالأحلام كالطبيب النفسي في بعض الأحيان وتعتبر نوعًا من التعويض لما يحدث في الواقع.. كرؤية شخص عزيز متوف في الحلم يشعرك أحيانا أنك فعلا التقيته ورأيته وفي بعض الأحيان يملي عليك النصائح والوصايا ولكن ليس كل هذا ما أقصد التحدث عنه. أنا أحببت أن أشير إلي أحلام الطفولة وكيف أن كل صبي وصبية لديهم أحلام يتمنون تحقيقها أو أحداث يعيشونها بخيالاتهم يتمنون أن يعيشونها بالواقع.. وتكون أحيانا عملية وأحيانا أخري رومانسية وفي بعض الأحيان يتقمصون شخصيات معروفة تاريخية أو سينمائية أو دينية، أما أنا فكنت أقرأ رواية فتاة غسان للكاتب الكبير جورجي زيدان صاحب سلسلة روايات تاريخ الإسلام الذي كان يطرحها برقة وعذوبة وبطريقة السهل الممتنع فتصل المعلومات للقلب والعقل معا. أما فتاة غسان كانت هند ابنة جبلة بن الأيهم من ملوك غسان التي أحبت حماد بن عبدالله أحد أمراء العراق وحاربت من أجل حبها وفاء وإخلاص سنين طويلة تخللتها أحداث يصعب علي العقل تصديقها لما فيها من تضحيات وعذابات ومصاعب ولكن هند أصرت علي ارتباطها بحبيبها ورفضها كل من تقدم لها لدرجة أنها آثرت دخولها الرهبنة علي أن تتزوج بشخص لاتحبه فهي تحب ذلك الفارس الشهم كريم الأخلاق النبيل الذي أحبها بعمق وشفافية ورومانسية وبذل من أجلها حياته وعمره حيث تعارفا في حلبة ميدان الفروسية يتسابق هو وابن عمها ثعلبة وكما توقعت هند فاز حماد كأحسن الفرسان وكان أول لقاء بينهما في دير بحيراء حيث تنكر وكأنه بائع الذهب يحمل بيديه إقراط وأساور ليتمكن من مقابلتها أمام الناس، أما المشهد الذي رسخ في بالي بحق هذه القصة مشهد هند وهي تقول لحماد (أعاهدك عهد الله لأبقين علي حبك إلي آخر نسمة من حياة). فأجابها حماد (إن هذا العهد يا هند لينسيني كل أسباب الشقاء والله لاقتحمن أعظم الأخطار وأجوب الفيافي والقفار في سبيل حبك يشهد علينا سهيل والميزان وسائر نجوم السماء والله أكبر الشاهدين). هكذا هو الحب الذي عشته في أحلام اليقظة في مراهقتي وتعلمت أن الاخلاص والشجاعة والإصرار والتضحية هم سر الحب وسر الحياة أديبة عراقية سارة طالب السهيل